معرض خريجي المعهد التقاني للفنون التطبيقية رافد جديد للفن التشكيلي السوري.. متنوع ووافر
يعتبر المعهد التقاني للفنون التطبيقية من المعاهد الفنية الرائدة في وزارة الثقافة، لما حصد من نتائج فنية وإنجازات رفدت المنتج التشكيلي السوري، خاصة في مستوى النحت والخزف، ومرد ذلك يعود لما يملكه هذا المعهد من إمكانيات وبيئة مناسبة تحقق التميز، فوجود الأستاذ الخبير في فن الخزف، مع توفر الأفران والمواد اللازمة لهذا الفن بين يدي الطلبة، يجعل من وجود الورشة الحقيقية التي تنتج وتجرب ويتعلم فيها الطلبة ومحبو هذه الحرفة على يدي أساتذتهم خاصة الفنانين أمثال: وائل الدهان وبشار قوبا الذين يمتلكون من الخبرة الشيء الكبير، ومن الحساسية المهنية مايميز منتجهم التعليمي ويمنحه التفوق والفرادة.
وقد بدا واضحا هذا التفوق في المعرض السنوي لخريجي المعهد الذي افتتح في قاعة العرش للمعارض في قلعة دمشق التاريخية، هذا المكان الوثير بأنفاس الفنون والتاريخ والمكان العريق.. وعلى مقربة منه حيث مشاغل ومحترفات معهد الفنون التطبيقية الذي يتخرج منه كل عام عدد من الشباب الفنانين، منهم من يتابع مسيرته طالبا في كلية الفنون الجميلة بغية التحصيل العالي للفنون، ومنهم من يلتحق بسوق العمل الفني ومحترفاته. وقد تنوعت الاختصاصات الفنية والتطبيقية من خزف ونحت وخط عربي إلى تصوير فوتوغرافي وسينمائي.
نتاجات المعرض
ضم المعرض حصيلة إنتاج أربعين طالباً من مختلف الاختصاصات، ففي مجال الخط العربي وفي بدايات تأسيس المعهد قام بتدريس المادة في هذا القسم كبار أساتذة الخط العربي منهم الخطاط أحمد المفتي – جمال بوستان وشكري خارشو الذي درّس لسنوات عديدة، وقد تتلمذ على يديه عدد غير قليل من خطاطي هذه الأيام، منهم أساتذة قسم الخط الحاليين الذين لم يستطيعوا أن يضيفوا أكثر مما تعلموه من أستاذهم، وبالتالي ما نجده في هذا المعرض من لوحات خط عربي هي لسان حال المعهد ومستواه الفني في هذا الاتجاه، مما يؤكد أن فن الخط من الفنون الشاقة والصعبة والتي تحتاج للكثير من الدربة والتمرن والمثابرة على الكتابة وتجويد الخط، وما دراسة السنتين لفن الخط بالكافية لإتقان هذا الفن الأصيل، ففي بعض الدول توجد معاهد خاصة لتعلمه على يد خطاطين كبار، ولا يجاز الطالب إلا بعد إنجازه لوحة الحلية الشريفة التي تجمع أكثر من نوع من الخطوط المعروفة كالنسخ وجلي الثلث وخط الإجازة والخط الديواني والديواني الجلي فضلا على الزخرفة والتذهيب. المهم في الأمر أن ما حققه طلاب المعهد يعتبر شيئاً كبيراً ومهماً، لأنهم من خلال ما عرضوه يؤكدون قيمة ما تعلموه في المعهد، والبعض منهم فنان ويمتلك من الموهبة ما تؤهله أن يترك الأثر الذي يستحق الإشارة، ومنهم من اكتسب المعرفة والاطلاع على هذا الفن، ومن الممكن أن يكون صاحب حرفة في المستقبل إن تابع تطوير ذائقته وأدواته.
النحت متنوع الخامات
أما فن النحت، فيبقى الفن الخالد حتى وإن تنوعت خاماته، حيث تقف اللحظة وتتجسد في إبداع الأزميل واليد والعين الحاذقة، وقد تمرّس طلبة المعهد في هذا الفن وعاشوا تجربة النحت وتعلموها على يد أساتذتهم المجدّين منهم الفنانون: وضاح سلامة، حمزة ياغي وقبلهم بسنوات لابد من ذكر الفنانين أكثم عبد الحميد، وعماد كسحوت الذين تركوا أثراً كبيراً في مسيرة المعهد العريقة على أنه من أهم معاهد صقل وإعداد الفنانين النحاتين الذين اشتغلوا على عديد الخامات المتوفرة، من خشب وحجر ومعدن وبولستر، ويعتبر المعهد ورشة النحت الحقيقية لأنه فن الورشة والممارسة والطين وصب القوالب، لا فن السبورة والقاعات المدرسية التقليدية والتلقين الشفهي، وبالمقارنة على مستوى البيئة العملية بين المعهد وكلية الفنون الجميلة نجد مستوى متقارباً وقد يتفوق المعهد أحياناً بتوفر المكان الملائم للنحت ووفرة بعض المواد، مما يجعل من المعهد منافساً قوياً بخريجيه النحاتين مع خريجي كلية الفنون الجميلة.
صور ضوئية و أفلام سينمائية
وفي التصوير الضوئي والسينمائي، فلأول مرة يعرض في حفل التخرج أفلاماً سينمائية قصيرة جداً وهادفة حققها طلاب قسم التصوير، عرض عدد من هذه الأفلام التي تم تصويرها في حديقة المعهد وفناء وباحات قلعة دمشق، أشرفت عليها إدارة المعهد وقد عرضت أمام الجمهور ولاقت استحسان الحضور لما مثلته من قيم وأخلاق ومواضيع تمت معالجتها ورصدها بعين الكاميرا المثقفة والمسؤولة.
في جانب آخر عرضت مجموعة من الصور الضوئية التي قدمها طلبة قسم التصوير، بإشراف المصور الفنان جلال شيخو حيث تنوعت المواضيع في اللقطات المعروضة، ومنها ماتم معالجته بالطريقة الالكترونية عبر برامج تعنى بتقنيات الصورة الفوتوغرافية، مما أفقد الصورة حيويتها وأفقد الكاميرا دورها في الرصد وتسجيل الحياة.
وفي تقييم ما قدم في المعرض لا بد من الحديث حول مشكلة انتساب الطالب للمعهد ومختصره أن المعدلات المنخفضة لشهادة البكالوريا لا يجد أصحابها بداً من الانتساب لهذه المعاهد لأنها تقبل بمعدلات متواضعة شرط توفر الموهبة وتجاوز امتحانات القبول الشكلي في غالب الأحيان، مما يؤثر في الناتج الفني التشكيلي العام، فما بالك يا رعاك الله بعشرات الخريجين ممن يحملون الشهادات وصفة الفنان، وقس بالشيء نفسه على كلية الفنون الجميلة وخريجيها.. والرابح في النهاية هو الجمال بالتأكيد.
أكسم طلاع