ثقافة

أحمد أسعد الحارة في مطولته “خبز الحياة”.. قصيدة تحيك الأمل

الشاعر أحمد أسعد الحارة, لشعره ذاك الوقع الخاص، ولقصيدته تلك الخصوصية المميزة والمتميزة من حيث المضمون والشكل والمعنى, أضف لذلك القاموس اللغوي الشعري الخاص به, من حيث بنية المفردة (الحبلى) بعشرات المفردات المتناسلة من رحم  المفردة الواحدة, التي تبني أساسا متينا لجملة شعرية, يؤسس عليها ما يبقى من تفاصيل اكتمال القصيدة, التي تنبثق إلينا وتبعث كرسالة, كتذكار, كشيء قد لانجد له ما يناسبه من تعبير.

المتابع لقصائد شاعرنا أحمد الحارة, منذ صدور  ديوانه الأول (ديوان الحارة) المتعدد الأجزاء، والذي صدر على شكل سلسلة شعرية, سيجد ذاته وجها لوجه مع قصائد لا تشبه أية قصائد لشعراء آخرين قرأنا لهم، فقصيدته تتجاوز حدود البصمة في خصوصيتها وأصالتها وبنيتها وشكلها، (أقصد القصيدة العمودية), على الرغم من أن الشاعر سبق وأضاف قصائد تفعيلة وقصائد نثر, صدرت له ضمن مجموعة شعرية تحمل عنوان: (أسفار الرؤى العشر).
قصيدة شاعرنا الحارة, المختمرة في مختبره الشعري, والناضجة والهادفة, والبعيدة جدا عما هو مستهلك وفج وساذج, تحمل تلك البصمة الخاصة, إذ تكمن تلك الخصوصية في ذاك الجرس الموسيقي, وذاك الإيقاع العذب الجميل, وتلك النبرة الوطنية, التي نحتاجها الآن, أكثر من أي زمن مضى.
يقول في قصيدته (خبز الحياة):
“الرياحين حوله والبخور             من تراه إلى الجلال يصير
أنا من قاف قاسيون هلمّي            حوريات الرؤى.. وجن الحبور
يابنة الشــــــــــــــرق يابنة العمـــــــــــر                        والغمر  وجنّت بغوطيتك العصور”

الشاعر أحمد الحارة, ليس بحاجة إلى شهادات شعرية, لكنها وان أتت فهي من باب التكريم, أو لنقل من باب الاحتفاء بهذه الحالة الشعرية, ذات الخصوصية المتجذرة في المشهد الشعري السوري, مثلما يقول عنه الأديب مدحت عكاش: “إن أسفار شاعرنا العربي الحارة، تدل على شاعرية فياضة، ونفس مرهفة، يحملها بين جوانحه شاعر كبير، بلغ به حب أرضه وشعبه إلى درجة العشق، إن قصيدته دليل نفسه، فهي ليست بحاجة إلى دراسة أو تعريف”.
وشاعرنا الحارة، يعكس رؤاه النقدية على قصيدته أولاً, ومن ثم ينطلق نحو الآخر, هذا ما تشهد عليه كتاباته النقدية ودراساته لعّل أهمها: (الحداثة والحداثة المضادة) والتي قيل عنها الكثير, يضاف لذلك الأحاديث والمهرجانات والحوارات…الخ،   التي تحدثت عن تجربته الشعرية والنقدية وخصوصية قصيدته, عبر منابر إعلامية من صحافة وإذاعة وتلفزيون, يضاف إلى  ذلك احتفاء معجم البابطين الشعري بتجربة شاعرنا.
ثمة إرادة وتصميم وإصرار من الشاعر الحارة  للبقاء على أصالة القصيدة, إذ يقول: “هل يجب أن أتناسخ إلى آخر، لكي أكون نفسي.., وهل على الإنسان، لكي يكون حديثاً، أن يخرج من جلده التراثي.. لأن يكون غيره؟”.
نحن هنا أمام مطولة شعرية, تنسّل إلى جوارحنا وتفعل فعلتها فينا, نحن أبناء سورية, الأم التي ولدنا من رحمها, والتي نعشقها لحد الذوبان فيها والموت من أجلها, بشر نحب الحياة ونحب بلدنا, في قصيدته “خبز الحياة” نجد الكثير من ذواتنا الجريحة والحزينة, لكنها في ذات الوقت بلسم الأمل للنصر القريب.
يقول الشاعر:
“ليس موتي ياشام في الحب موتاً      إنما الموت أن يموت الضمير
كــــل آي من الشام رسول                 وقليل من الشام كثير ! !
كتب الله نقطة الشرق                والخلق دمشقاً, وقالها المأثور”
نجد في هذه المطولة الشعرية ثمة (ميثولوجيا سورية بامتياز), كذلك جغرافيا سورية الشام, العاصي, أوغاريت, قاسيون, لواء اسكندرون, الجولان.
يقول:
أنا فينيق باركته أبابيل         ملاكا وتوجته العصور
أحمد عساف