ثقافة

تجارب حروفية جديدة.. وليد الآغا وغسان عكل في المدار

شهد النصف الثاني من هذا العام حضورا تشكيليا وافرا في المشهد الثقافي، من خلال المعارض الجماعية والفردية والندوات والمحاضرات التي تعنى بهذا الشأن، إضافة إلى أنشطة وزارة الثقافة عبر الملتقيات والورش الفنية التي أقامتها. وتنوع هذا الحضور الغني بمساراته التشكيلية من حفر وتصوير زيتي وخزف وخط عربي وتجارب حروفية أخرى، وقد لفتت تجربة كل من الفنانين وليد الآغا وغسان عكل الذي عرض أعماله الغرافيكية في صالة الآرت هاوس للمعارض، مقدما نموذجا جديدا من التجربة الحروفية الغرافيكية التي تجاور فيها التصوير وفن الموتيف مع عوالم الخطوط العربية التقليدية، في بناء من القطوع والمساحات التي تنشد التوازن والمثالية في التأليف الهندسي التجريدي وصولاً إلى لوحة متقنة التأليف والتوليف باستخدام عائلة من الألوان التي تناسب تقنية الحفر والطباعة، خاصة اللون البني وتدرجاته الترابية مجاورا الأصفر البرتقالي. ومن الدلالات الواضحة على التجريب المستند إلى الخبرة استخدام الفنان العكل الطباعة بطريقة الكليشة الواحدة لبعض الجوانب والرموز الخطية التي انتقلت من لوحة إلى أخرى، لكن باختبار جديد لمنظومة بصرية أخرى يشترك معها بعض الرسومات التي تعبر عن الحضور الآدمي في المشهد وبالتالي التخفيف من الإغراق في التجريد لصالح لوحة تحاكي التصوير بلغة غير مباشرة تحتمل التأويل الخفي والروايات المتعددة، بعيدا عن المباشرة، هذه المعالم المرسومة بلغة تعبيرية مواربة للقصة أو الحكاية التي يرويها الفنان المجتهد على تكنيك خاص بلوحته الرقيقة الملمس والطباعية المبنى والحضور المادي.
يشترك الفنانان العكل والآغا بفضاء تقني واحد هو الشاشة الحريرية وخبرات الطباعة وتوظيفها في إنتاج لوحة تشكيلية جديدة وفريدة غير مكررة، متجاوزة بالمعنى المادي اللوحة الطباعية المكررة أو فنون البوستر أو الملصق الفني أو النموذج الجماهيري من الفنون التشكيلية.
وليد الآغا الفنان المعلم في مشغله الطباعي، الذي خبر إمكانية التوظيف الخلاق للحرف العربي في تحرير لوحة تشكيلية لها من الخصوصية ومن الهوية التي تمكن منتجها الفنان الآغا من إحداث تراكم في الخبرة، ومن الحضور في المشهد التشكيلي السوري بتجربة واثقة تضيف إلى تجارب زملائه الفنانين، وتتجاوز تجارب البعض منها في ميدان الحروفية خصوصا.
وبعد عودته من تونس حيث شارك في ملتقى المحرس للفنون، شارك أيضاً في معرض جماعي في صالة “الشعب” – صالة اتحاد الفنانين التشكيليين-، ضم الفنانين محمد غنوم ونذير نصر الله وبشير بشير، ويشترك هؤلاء الفنانون بهاجس اللوحة الحروفية، وقد أثبت البعض منهم تجربة من خلال عشرات المعارض في العديد من بلدان العالم، حتى أضحى عنوان ذاته من خلال لوحة تتنقل من فكرة أدبية إلى أخرى مثل وطن وماء وفرات وشام، إنه الفنان محمد غنوم المعروف بلوحاته الغنائية الملونة..
تختلف أعمال وليد الآغا عن بقية أعمال الفنانين المشاركين في صالة الشعب بجديتها ودلالتها لتطور مسيرة هذا الفنان وتعميق بحثه التقني وعنايته بالتكوين، وقد أثبت الفنان الآغا قدرته على توظيف أي أثر خطي وحروفي تقليدي في لوحة جديدة عالية القيمة والتوليف لما يمتلك من حسن الإخراج وتقديم اللوحة بالشكل الاحترافي المناسب، مما خلق فارقا في المستوى العام للمعرض يحسب للفنان الآغا هذا التميز. ولا نخفي أن بعض التجارب بقيت في مستواها المتواضع من فقدٍ لأصالة في التجربة وغياب في المعرفة والخبرة لعالم الحرف العربي وإن كثرت الإدعاءات والتطبيل لبعضها فالجميل أبقى وأبهى.
أكسم طلاع