ثقافة

الضوء الأحمر

جُمان بركات

في كل ليلة ظلماء، لا يفتقد فيها البدر فقط، إنما كل الأشياء التي من الممكن أن يطلبها الإنسان، وفي تلك الليلة التي وصلت درجة الحرارة فيها إلى المليون –دون أي مبالغة- لم أستطع وقتها النوم، والغرق في أحلامي الجميلة لتكون بمثابة بوصلة جديدة لنهاري القادم، لم أستطع فعل أي شيء سوى أن انتظر ذلك الضوء الأحمر، هذا الضوء الذي انتظرته ثلاث ساعات ليلية كاملة وأنا في حالة “بين الصاحي والغفيان” –كما تقول فيروز- وعوضاً أن أكون في تداعياتي التي عادة تتراوح بين الجميلة أو المزعجة، وقاتلة في بعض الأحيان، حاولت أن أغفو قليلاً، وأحلم بأنني في مكان بعيد انتظر هذا الضوء، وكلما سنحت لي الفرصة افتح عينيّ متوسلة أن أراه قد أطل عسى أن يشفي غليلي وأعود لأكون مثل الناس الذين استطاعوا النوم دون أي تفكير، ودائماً كانت محاولاتي فاشلة، وأخذتني الحالة إلى أحلامي التي بدأتها في السياحة والسفر حول العالم، وقضاء أيام جميلة تحت برج إيفل المضيء، والتنقل في عدة بلدان، ثم عشت حالة فتاة تركض تحت المطر وتنتظر أن يضاء الشارع المعتم بأنواره. عدت لحالتي، وتذكرت ذلك الضوء الأحمر، فتساءلت ياترى هل ظهر من جديد أم أني  سانتظره طويلاً؟ لكن الحظ لعب لعبته معي وأطل هذا الضوء عليّ من بعيد، رأيته يقترب مني شيئاً فشيئاً، ليتحول الحلم إلى حقيقة ويظهر الضوء المنتظر من جديد. كم انتظرتك أيها الضوء وكم طال غيابك عني، لتعود بعد ثلاث ساعات معلناً عودة التيار الكهربائي، عندها قفزت من سريري بكل نشاط وكبست زر تشغيل المروحة المنقذة لتخفف عني حريق المكان، وأستطيع الخلود إلى النوم وأنا مطمئنة أن درجة حرارة الغرفة لن تمنعني من الغرق في الأحلام اللاإرادية، وأنا متأكدة أن شيئاً ما يدور حولي ويوجه باتجاهي القليل من الهواء البارد يبعدني عن لهيب الصيف القاتل.
قد تبدو هذه القصة من الخيال، لكنها حقيقية في إسقاطها على واقعنا الذي نعيش، فاليوم وفي ظل هذه الظروف المأساوية التي نعيشها كم من الأشخاص ينتظرون إشارة -دعوني أقول ذلك الضوء الأحمر- لتبشر بأن الأزمة ستنتهي، ونعود لحياتنا الجميلة المليئة بالفرح والسعادة، وحتى إن كان بصيص الضوء بعيداً، لكن يبقى وجوده أو ومضته الخافتة من بعيد هي بشرى خير بكل الأحوال.