أدب النصيحة نحو قانون إنساني للعمل الإنساني
أكرم شريم
كم هي كثيرة وتتكاثر باستمرار، وفي كل مجالات حياتنا العامة والخاصة الدعوات والتوجيهات بضرورة العمل الإنساني، وفي كل مكان وزمان في هذا العالم، وكذلك العرض من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، وليس الورقية والمسموعة والمرئية اليوم وحسب، وإنما من خلال الأجهزة الرقمية أيضاً، وعلى اختلاف أنواعها وتطلعاتها!.
إذن فإن العمل الإنساني مطلوب ومحبوب ومرغوب، وأكثر من ذلك فإن الإنسان بطبيعته والإنسانية بطبيعتها تشجع العمل الإنساني وتدعو إليه وباستمرار، وفي كل مكان وزمان. وقد اتفق العالم على أن يكون 19 آب هو اليوم العالمي للإنسانية وربما تبرز اللغة العربية، ومن بين كل لغات العالم بأنها جعلت تسمية العمل الإنساني ينطلق من تسمية “الإنسان” فأنت إنسان والعمل الإنساني ينطلق منك أيها الإنسان، فالإنسان والإنسانية عندنا وفي لغتنا مصدر واحد، وكل الاشتقاقات والتفريعات منها واحدة!.
ومع ذلك فنحن وفي العالم كله نكافئ ونمدح ونثيب على العمل الإنساني ولكننا لا نعاقب على العمل غير الإنساني أو العمل الإنساني الذي كان يجب أن يحدث ولم يحدث!. فأنت إذا كان أمامك غريق وبإمكانك فوراً وبسهولة أن تنقذه ولكنك لم تفعل، تماماً كما يفعل أعداؤنا وأعداء الشعوب دائماً وباستمرار، لأن تقديم العون والمساعدة مسألة لا يعرفونها ولم يعتادوا عليها، هذا على الرغم من أنهم غالباً ما يفتعلونها لكي ينشروها في الإعلام من باب التغطية والدعاية، كما هي عادتهم دائماً في الكذب والغش وتحويل الاعتداء والاحتلال إلى مساعدة وعون وإنقاذ!.
وإذا حدث أي نوع وعند أي شعب وفي أي مجتمع، من الامتناع عن العمل الإنساني الضروري، في حال حدوث الأسباب مثل حدوث فيضان أو زلزال أو بركان أو حادث عرضي مصادف، ولا تسارع، سواء الجهة المعنية أو الجهة القادرة على تقديم العون والمساعدة، وكذلك على مستوى الأفراد، وأيضاً، وهذا هام في المحاسبة، فهل تم تقديم كل ما يمكن من العون والمساعدة أم بعضاً منه. أو كان تقديماً شكلياً، وحريصاً إعلامياً وإعلانياً وليس حريصاً فعلياً وكلياً وبشكل صادق ومخلص!. فهل يعقل أن تكون البشرية، وحتى الآن تعيش وفي كل مكان في هذا العالم، دون هذا القانون؟!.
إذن فهو قانون ضروري جداً، إنساني ودولي وأممي تحاسب عليه، وتثيب، وتعاقب كل دول العالم! وبخاصة الدول الكبرى صاحبة أكبر المصالح وحاملة أكبر المسؤوليات في هذا العالم. كما يجب أن يدخل في عمل بل كل أعمال منظمة الأمم المتحدة، وفي كل قوانينها ومصادر إعلامها أيضاً، فما ذنب الفقير إذا لم يكن يستطيع أن ينتشل أو ينقذ أو يسعف أفراد أسرته، ومن المعروف، يا منظمة الأمم المتحدة، ويا أيتها الدول الكبرى، أن الفقير صار فقيراً من الغني، والغني صار غنياً من الفقير!. ولا نريد أن نبقى نحلم بالعدالة والإنصاف أكثر من ذلك!. فكما أن الشعوب كل الشعوب وضعت القوانين والأنظمة للمحاسبة على كل المخالفات والجرائم وبكل أنواعها وأسبابها ودرجاتها، كذلك صار لزاماً عليها وبدرجة تشتد يوماً بعد يوم أن تضع هذا القانون الإنساني.
وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نسعى جميعاً أفراداً وجماعات وكل منا مسؤول ومعني بذلك، إلى إصدار هذا القانون وفي كل مكان، للتشجيع على العمل الإنساني والتأكيد على ماهيته، وبكل أشكاله وأنواعه، وما أجمل وما أحلى حياة الإنسان والإنسانية حين يحدث ذلك!. وما أجمل وما أحلى أن يحدث ذلك في حياتنا وبأسرع وقت!.