“صـرت الآن غابــة” للأديبة سوزان إبراهيم في ندوة نقدية
لم تتوقف موهبة الشاعرة والقاصة سوزان إبراهيم عند الفن التشكيلي وهو ما مارسته كهواية في الصغر، بل تعدت ذلك لتطرق باب الكتابة الإبداعية وبقوة، وقد تجلى ذلك في مجال القصة والشعر، وهو ما حفلت به إصداراتها التي كان أولها في العام 2003.
سوزان إبراهيم كانت ضيفة المنتدى العراقي للاحتفاء بمنجزها الشعري “صرت الآن غابة” من خلال الندوة النقدية التي ضمت كلاً من النقاد أحمد هلال وعماد فياض وليندا عبد الباقي صاحبة دار نشر ليندا.
في تقديمه للندوة النقدية تحدث الشاعر ملهم الصالح عن الأسباب الكامنة وراء اختيار هذه المجموعة الشعرية لتكون موضوعا للندوة، ومن تلك الأسباب ما يعود إلى الصفات الشخصية التي تملكها صاحبة المجموعة من العصامية والاشتغال على الذات، وتجذرها في الأرض إضافة لما يميزها كصوت نسوي سوري.
بدورها تحدثت المحتفى بها عن أهمية امتلاك المثقف لثقافة بانورامية تتجلي في إبداعاته، كما تحدثت عن تأثير البيئة الأسرية والطبيعة التي نشأت في كنفها كشاعرة وقاصة.
تحتمل تأويلا ثقافيا
وكان لنا قبل بداية الندوة لقاء مع النقاد أحمد هلال وعماد فياض كمشاركين في الندوة لرصد انطباعاتهما عن المجموعة حيث رأى الناقد هلال أن الندوة أكثر من مجرد احتفاء بمنجز الشاعرة إبراهيم، هو قراءة في هذه التجربة المديدة التي زينتها علاماتها الفارقة منذ “لتكن مشيئة الربيع” ومرورا بأعمالها التي تتوزع ما بين القصة والشعر، وهي بذلك تقدم أكثر من أنموذج في تداخل الأجناس الأدبية، لاسيما وأنها تعتمد النص المفتوح كإستراتيجية نصية وإبداعية، وهي الآتية من عوالم الرسم والتشكيل، وكيف تستدخم هذه التقنية الفنية تأسيسا لفضاءاتها النصية، وهي تقدم نصا باذخ الدلالة يستطيع الناقد قراءته من أكثر من زاوية، لأن نصوصها تحتمل تأويلا ثقافيا أكثر منه تأويلا لغويا أو دلاليا.
رومانسية وصوفية
ومن وجهة نظر الناقد عماد فياض فإن أهمية الديوان تبدأ من العنوان “صرت الآن غابة” لأن الغابة من الرموز الصوفية العميقة جداً، لما فيها من غموض وجوانية وطلسمات لا يفكها إلا من يدخل إلى مجاهيلها، وهذا يعني أن الداخل إلى طرقات ودهاليز هذه المجموعة عليه أن يكون مزوداً بمجموعة من المعايير لقراءة نصوص المجموعة. ويؤكد فياض أن الغابة تحمل في إحدى مدلولاتها المرأة في عطائها وخصبها، والمجموعة تنقسم إلى ثلاثة أقسام الأول بعنوان “أشجار” والثاني “أوراق” والثالث “حطب” لو نظرنا إلى هذه التقسيمات كما يرى فياض لوجدنا الجزء الأول يفيض بالخصوبة والعطاء والنماء واللغة الجميلة الرشيقة المحلقة، أما في القسم الثاني فنجد شذرات وتكسرات وكأن فصل الخريف على الأبواب، هناك تكسر في الأرواح وفي الروح الشاعرة التي كانت في القسم الأول روحا فياضة مليئة بالمشاعر، وفي القسم الأخير نجد هذا الانكسار للحلم، هذه التقسيمات كما يرى فياض تعود إلى أن إبراهيم شاعرة رومانسية وصوفية، والرومانسي والصوفي حلمه دائما مكسور وهو شاعر مغترب بامتياز، لذلك نجد الجزء الأخير مليء بالهذيان، والسبب هو ما يحدث في وطن الشاعرة، وهو ما يذكرنا بشعراء ما بعد الحرب العالمية الغربيين، الذين كتبوا شعراً مليئاً بالهذيان وهو احتجاج على الحرب التي قتلت الأبرياء.
جلال نديم صالح