ثقافة

هل يصبـح المسـروق مُلكـاً؟!

أكرم شريم

منذ أن يبدأ الإنسان بالوعي بما حوله، وقبل أن يعرف معنى القرابة والأقرباء، وهذه أمه وهذا أبوه، بل منذ سنوات الطفولة الأولى يبدأ يعرف هذا لي وهذا ليس لي ويتشكل عنده الحرص الزائد بل والملفت بقوة هذا التملك وشدته، أن هذا لي، وهذا ليس لي، وما كل ذلك إلا بداية لمعرفته حقوقه وتأكيده عليها وهو ماجرى ويجري في دمه ويتأسس ويقوى في تفكيره، وفيه وفي كل مكان في العالم وبالتالي تنشر معرفة ومعلومات حقوق الإنسان والتي تستمر معنا طوال حياتنا. وتنتشر حولنا لنساهم أيضاً بنشرها والتأكيد عليها، بل والتضحية وفي معظم الأحيان وبالغالي والنفيس من أجل التأكيد والمحافظة عليها!. وهذا ما تم ويتم في خلق الله للإنسان، وهذا ما أراده الله أيضاً للإنسان وللإنسانية جمعاء وإلى حياة الحياتين ودهر الداهرين آمين!.
هكذا وبكل وضوح وبساطة نستطيع أن نقول: إن المال المسروق كمثال، لا يمكن أن يصبح مثل المال المُلك الذي يملكهُ السارق سابقاً، وهكذا فإن المال المسروق، وفي كل الأحوال، وعلى الرغم من كل محاولات التغطية أو الخداع لا يمكن أن يصبح ملكاً للسارق، بل يظل وطوال حياته وطوال الحياة مالاً مسروقاً وليس شرعياً وليس له! ويظل هو سارق ويتناقل الأفراد والجماعات ثم الشعوب هذه المعلومات وطوال الحياة، وهي تشير وباستمرار إلى السارق والمسروق وذلك لأن حقوق الإنسان مثل عيون الإنسان، لا يمكن أن نقتلعها وتقنع غيرها وتقول هذه عيونه!.
وهكذا فإن الاحتلال أيضاً، وهو الأهم والأخطر قانونياً في القوانين الدولية، وإنسانياً في الأخلاق الإنسانية وفي كل مكان في هذا العالم، فإنه لن يصبح ملكاً على الإطلاق!. فالأرض المحتلة لا يمكن أن تصبح ملكاً للمحتل، وحتى لو تم إلغاء كل القوانين الدولية، وليس تعديلها أو التلاعب بها أو تخديرها وتهميشها، لأن الإنسانية لن تفقد نفسها ولا توجد قوة تجعلها تفقد أخلاقها، لأنها هي كل الدنيا، وكل البشر، وكل القوانين في هذا العالم! وبالتالي ستظل هذه الأرض المحتلة لأصحابها وباسم أصحابها ومدى حياة الحياتين ودهر الداهرين وألف آمين!. ولا يحلم من يحلمون بتعديل أي شيء في هذه الإنسانية وأخلاقها الشاملة والدولية وقوانينها الشاملة والدولية أيضاً، إلا نحو ما هو أشد للمحافظة على قوانين وحقوق الإنسان والإنسانية، وبالتالي استعادة وإعادة الحقوق لأصحابها وإلا فقد سقطت الأديان وكل الأخلاق والقوانين الإنسانية والدولية، وهذا ما لا يمكن أن يحدث لأن الأخلاق تحمي نفسها، وكذلك القوانين، وتتراجع وتنكشف للجميع وباستمرار كل خطط السرقات والاحتلال، خاصة إذا كانت الغاية (التوسع) و(التوسيع) كما يفعل أعداؤنا وأعداء كل الشعوب وفي كل مكان يوجدون فيه ظاهرين أو غير ظاهرين، مثل توسيع الاستيطان والاستمرار في احتلا ل المسجد الأقصى وهذا كله احتلال حديد، ومستمر، وأمام العالم كله وبكل همجية ووحشية!. وهكذا تكون النصيحة اليوم أن المسروق يبقى مسروقاً والفاعل سارق وأصحابه هم المالكون الحقيقيون وبكل القوانين والأنظمة الدولية، وكذلك تبقى الأراضي المحتلة محتلة والفاعل محتل، وكل الأراضي المحتلة لها أصحابها وهم المالكون الحقيقيون، وبكل القوانين والأنظمة الدولية، وستبقى جريمة الاحتلال، ماثلة في وجوه البشرية جمعاء ودائماً وباستمرار!.