ثقافة

وضاح باشا يتحدث عن “العربية” في العرس الحلبي

ارتأى الباحث الموسيقي وضاح رجب باشا عبر محاضرته التي ألقاها في ثقافي أبي رمانة أن يعيد إلى الأذهان الجماليات الفنية والاجتماعية، التي تعيشها عاصمة الموسيقا من خلال موسيقا العرس الحلبي المتمثلة بـ “العربية”، على مدى ثلاثة أيام يتبع فيها التنويع الموسيقي من حيث النمط الغنائي والآلات المشاركة ليكون لآلة القانون حضور واضح، والأجمل الصوت الطربي الأصيل وتكتمل الصورة مع الراقص.
وقد دمج الباحث باشا في محاضرته بين الموسيقا الآلية والغنائية والطرب والأجواء الاجتماعية التي تشهدها حارات حلب، ووثّق محاضرته بعرض مشاهد (فيديو) من المسلسل الدرامي السوري الذي أنتجه التلفزيون العربي السوري بعنوان “العرس الحلبي” ومن وحي مشاهداته في الطفولة والشباب في مدينته حلب.

الدولاب
وكما ذكر باشا فإن الآلات الأساسية التي تتكوّن منها العربية هي القانون والناي والكمان والعود والمزهر والرق والدربكة والمزمار والدف، وفي بعض الأحيان الأكورديون، حيث يستمر العازفون في العزف طيلة ثلاثة أيام مستخدمين المقامات المناسبة مثل العجم والبيات والصبا، والإيقاعيات واللازمة الموسيقية بعزف أنواع مختلفة من السماعي والسماعي الثقيل والبشرف والمحجر. ويبدأ العزف بالموال السبعاوي والخمساوي والشرقاوي، ليتوقف عند مصطلح “الدولاب” ويقصد به الموال المبني على الجناس- وهو أن يتفق المصطلحان في اللفظ ويختلفان في المعنى- وتنتهي بالقدود والأدوار. وتطرق الباحث إلى أسماء عمالقة الطرب في مرحلة الستينيات الذين كان لهم حضور كبير في إحياء حفلات الأعراس مثل (محمد خيري وأبو سلمو ومصطفى ماهر وفؤاد الخانطوماني). وبيّن ثقافة المطرب الحلبي وامتلاكه القدرة على حفظ بحور الشعر والموشحات والمواويل.

التنويع الموسيقي
ويكون التنويع الموسيقي أكبر في اليوم الأول الذي تعزف فيه الفرقة قرابة خمس ساعات، وفي صباح اليوم التالي يأتي دور المزمار والطبل والآلات المرافقة، وبعد العصر تعزف موسيقا مع مواويل وفي المساء يشتد الطرب، ونوّه الباحث إلى أن العربية تتبع للمكانة الاجتماعية والمادية للعائلة، إذ يمكن استضافة عربتين أو ثلاث عربات.

الموشحات الدينية
ويجمع العرس الحلبي بين الموشحات الغزلية مثل موال:
“قلبي يغرد طائراً بيديك
والروح يحملها الحنين إليك
من بسمة خجلى على شفتيك”
وتوقف الباحث عند الموشح الشهير لصباح فخري
“ما حدا من العشق خالي”
ويشغل الغناء الصوفي والموشحات الدينية حيزاً هاماً من التراث الغنائي الديني المتداول في الزوايا والتكايا، كما تغنى المواويل التي تتغنى بالنبي محمد (ص)، وقد اشتُهر المطرب أديب الدايخ بالمواويل الدينية والغناء الصوفي.
“هو شفيع الأمم إن حان يوماً بشر”
مع غناء المواويل التي تجمع ذكر الأنبياء(محمد، عيسى، موسى) وتعكس التعايش الديني الذي تعيشه حلب ويشهده الواقع.

الرقص الرجولي
وبعد تقاسيم الناي والموال يدخل الراقص الساحة ويبدأ بخطوة واحدة مع تلويح المنديل أو السبحة بيده من سبع إلى عشر دقائق، ثم يتسارع الإيقاع حتى يصل الراقص إلى مرحلة الرقص السريع وينتشي طرباً، وهذا ما يميّز الرقص الحلبي للرجال، والذي أطلق عليه الباحث “الرقص الرجولي”. ويكون رقص السماح  حاضراً أيضاً في العرس الحلبي، وكما ذكر الباحث فإنه مسموح به دينياً ومأخوذ من الزوايا الدينية، ويقوم على إيقاعات وحركات خاصة.

الشوباش
ومن النقاط التي توقف عندها الباحث أيضاً مفردة (الشوباش) ويقصد به (نقوط) العريس ويختلف من عائلة إلى أخرى حسب مكانتها الاجتماعية والمادية، ومن التفاصيل الاجتماعية لجزئيات العرس الحلبي أن العريس إذا كان لايحتاج إلى النقوط يحوّل إلى أعضاء الفرقة، وهذا ما يفسر مديحهم لوالد العريس والعروس ولبعض الوجهاء المدعوين.
الخواجات
وختم الباحث محاضرته بالإشارة إلى العرس الحلبي للنساء الذي يقام خارج المنزل في مقاهٍ خاصة، ويستمر حتى الفجر بحضور “الخواجات” وهن عازفات ومغنيات يهوديات، كما كان العرس الحلبي مناسبة لإطلاق الأصوات الجميلة من قبل المقلّدين الحاضرين في العرس.
ملده شويكاني