تصرفات.. قد تؤدي إلى جرائم
أكرم شريم
أقول منذ البداية إن المجرم ليس الذي يرتكب جرماً ونعاقبه وحسب، وإنما المجرم أيضاً الذي يمهد، ويدعي أنه لا يعلم، فيقوم بتصرفات في مجتمعه في عمله، أو مع أبنائه، تؤدي أو قد تؤدي إلى تصرفات مخالفة وفي السر، وبالتالي قد تتحول وبفعل الصدفة أو المفاجأة، أو التدبير بالتخطيط والتنفيذ إلى جريمة!.
إذن، وبكل جرأة نسأل، من المجرم هنا، هل هو الذي ارتكب – في النهاية- الجريمة، أم الذي مهد وعمل وأهمل، ودفع إلى ارتكاب هذه الجريمة!؟.
والسؤال الكبير هنا، لماذا لا يكون في عرف القانون وفي عرف الشرع أيضاً ضرورة محاسبة هذا الجاني، هذا المجرم الذي أوجد الأسباب والطرق المؤدية، والتي تنتهي بالطريق الواحد المؤدي إلى الجريمة؟!. لماذا لا تصبح عندنا وعند كل شعوب العالم، العدالة الكاملة وليس العدالة السريعة أو الناقصة، والتي تعتمد وحسب على معاقبة الفاعل فقط لا غير. وتترك الجاني حراً ومدى الحياة، وبريئاً مدى الحياة، ويتابع فعله وجنايته وبالتالي أفعاله وجناياته مدى الحياة؟!.
هل نعترف إذن بأن عدالتنا اليوم، وفي كل مكان في هذا العالم ناقصة؟!. هل لدينا الجرأة على ذلك؟!. إننا إذا توفرت لدينا الجرأة على الاعتراف بذلك فقد دخلنا إلى باب العدالة الوسيع، والذي يتسع لكل البشر لأن الدخول إلى باب العدالة هذا، والإيمان بالعدالة إنما هو من خلق الله فينا، في عقولنا، فالعقل البشري الذي خلقه الله لنا يستطيع أن يُخّزن ويحاكم وبكل دقة موضوعية وحياد كل ما يحدث وكل ما يقوم هو بفعله!!. وماذا نريد أكثر من هذه الصفات التي خلقها الله فينا وفي عقولنا لكي نعرف العدالة وكيف نحافظ عليها ونفخر بها ونورثها لأبنائنا أعز وأغلى ما نملك نحن والشعب والوطن وكل شعوب العالم وأوطانها في هذه الدنيا؟!.
تعالوا معنا هنا نحاسب هذا الأب وليس المواطن أو الإنسان الذي يُخرج ابنه من المدرسة ويجعله يعمل معه ويصير يعلمه على الغش الغذائي. فماذا يكون وهل هو أقل من مجرم وجريمته تنتشر وتؤذي عامة الناس في شعبه؟! ثم تعالوا معنا نحاسب من يعلّم ابنه على الغش في الملابس فبدل خيوط الصوف والقطن يضع خيوط البلاستيك! ثم تعالوا معنا إلى من يعلّم ابنه على التهريب والتهريب أنواع لا تحصى أليس هذا الرجل يؤسس لارتكاب مخالفات جرائمية!؟ وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نعمل جميعاً، وكل في مكانه، سواء كان أباً أو أماً أو مسؤولاً أو معلماً أو معلمة أو في أي عمل آخر، على كشف أي تمهيد نسمع به أو نراه لأية مخالفة ونوصلها مباشرة إلى المسؤولين المعنيين أو الإعلام أو أقرب مسؤول أو إداري في أية دائرة حكومية، لأن صناعة الجريمة وكما رأينا قد تبدأ بالإهمال أو التغاضي وهذا بحد ذاته على الرغم من أنه غير مقصود قد يتحول إلى جريمة، ويكون من ارتكبها لم يقصد ولم يخطط ولم ينفذ ولكنه كان السبب!. إذن فإن التغاضي عن الجريمة هو بحد ذاته جريمة! فهم أبناؤنا وإنه شعبنا وإنه وطننا.. فهذا وطن.. هذا وطن.. هذا وطن!.