ثقافة

..ﻭقيل ﻟﻠﺒﺤﺮ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ

ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺳأﻟﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺨﺒﺄ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺎﻝ ﺑﻌﺪﻱ ﻭﺍﺷﺘﻬﺎﺋﻲ ﻟﻬﺎ، أنا ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺍﺳﻜﻨﻬﺎ ﻳﻮﻣﺎً، ﻭﻛﻴﻒ ﺳﻜﻨﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﺭأﺳﻲ لأخمص ﺭﻭﺣﻲ، ﻻ أﺩﺭﻱ.. ﻛﻨﺖ ألوم ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻟﻌﺠﺰﻫﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻨﺒﺆ ﻭﻟﻮ ﺑﺴﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻗﺎﺩﻣﺔ، أﻓﻼ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻌاﻠﻘﺔ ﻫﻨﺎ ﻗﻠﻴﻼً، ﻭﻛﺜﻴﺮﺍً ﻫﻨﺎﻙ أن ﺗﻔﻌﻞ ﺷﻴﺌﺎً ﻭﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﻋﻤﺎ سأجده في تلك ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻐﺎﻓﻴﺔ في ﺤﻀﻦ ﻣﻌﺸﻮﻗﻬﺎ الأبدي ﺭﺍﺿﻴﺔ ﺑﻤﺪﻩ ﻭﺟﺰﺭﻩ ﻣﻨﺬ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻭﻣﺎ إن ﻳﺮﻓﻊ ﺍﻟﻀﻮﺀ رأسه ﺣﺘﻰ أسارع ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺗﺄﺧﺬﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ، فأسافر ﻣﻊ ﺧﻴﻮﻁ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻋﻠﻲّ أرى ﻭﺟﻪ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺎﺗﻨﺔ ﺍﻟﻤﻐﻨﺎﺝ. أحدق ﻣﻠﻴﺎً لأرى ﺿﺤﻜﺘﻬﺎ تتلألأ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أزهار ﺍﻟﻠﻴﻤﻮﻥ، ﻭﺍﻧﺘﻈﺮﻫﺎ ﻗﻠﻴﻼً لأﺟﺪﻫﺎ ﺗﺼﻬﻞ، ﺗﺤﻔﺮ ﺍﻟﺼﺨﺮ إذا ﻣﺎ ﺗﻘﻠﺐ ﻣﺰﺍﺟﻬﺎ، ﻓﻼ ﻳﺮﺗﺎﺡ ﻟﻬﺎ ﺧﺎﻃﺮ ﺩﻭﻥ أن ﻳﻬﺪﻫﺪ ﻟﻬﺎ ﺷﻄﻬﺎ ﺍﻟﺤﻨﻮﻥ.. ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ..
ﻭﺟﻪ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎﻥ.. ﺑﻬﺎﺀ ﻟﻴﻠﻬﺎ ﺧﻔﻲ.. ﻋﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻮﺻﻴﻒ.. ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺘن ﺑﻪ ﻭﺑﺠﻤﺎﻟﻪ أبداً، ﻓﻬﻲ ابنة ﺻﺒﺢ ﺗﺼﺤﻮ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻮﺝ وتأخذها ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﻟﻠﻨﻮﻡ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﺭﻭﺩ..
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﻋﻴﺪ ﺑﺮﺑﺎﺭﺗﻬﺎ ﻃﻬﺖ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻭﺗﺒﺮﺟﺖ، ﻭﺭﻛﺾ ﺃﻃﻔﺎﻟﻬﺎ إلى ﺍﻟﻜﻨﺎﺋﺲ ﺟﺎﻣﻌﻴﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺳﻨﺎﺑﻞ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻟﺸﻔﻴﻌﺘﻬﻢ ﺑﺮﺑﺎﺭﺓ يرجونها أن ﺗﻠﻤﻠﻢ ﻣﺎ أصاب ﺑﻠﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺧﺮﺍﺏ ﻭﺩﻣﺎﺭ.. ﻛﻴﻒ ﻻ ﻭﻗﺪ ضمّت ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ في ﻌﻴﻨﻴﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﺪﺀ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻦ. ﻭﺩﻭﻥ أن أﺩﺭﻱ ﺗﺤﻮﻝ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ إلى ﺟﻮﺍﺏ، ﻭإﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﺎﻕ ﻭﻋﻨﺎﻕ ﻭﻭﻓﺎﺀ ﺑﻴﻨﻨﺎ، ﻭﺭﺣﺖ أﺑﺤﺚ ﻋﻦ أعلى ﻗﻤﺔ للأﻣﻞ ﻭﺍﻟﺤﺐ لأﺗﺴﻠﻘﻬﺎ فأقف ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻨﺎﺩﻳﺔ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻲ، ﻓﺘﺮﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ في ﻜﻞ الأرجاء، ﻓﻴﺴﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺪﺍﻧﻲ ‏(ﺇﻧﻨﻲ ﻣﺴﺮﻭﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﻧﻌﻢ ﻣﺴﺮﻭﺭﺓ ﻭﻟﻦ ﺃﺫﻫﺐ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺫاﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ.. أﻓﺮﺡ.. أﺣﺘﺮﻕ.. أﺗﻠﻒ.. أﻣﻮﺕ ﻭأﻟﺘﻬﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ..‏) ﻫﻲ ﻟﻲ ﺑﺸﻮﺍﺭﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ.. ﻟﻲ ﻣﺘﻌﺔ ﺑﺤﺮﻫﺎ.. حلاوة ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﻴﻦ ﻟﻲ.. أﻋﻠﻢ بأنني ﻣﺬ ﺳﻜﻨﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻬﺪني ﺳﻮﻯ الأﻟﻢ ﻭﺍﻟﺨﻴﺒﺎﺕ.. أنا ﻻ ألومها ﻓﻠﻴﺲ ﺫﻧﺒﻬﺎ، إنها ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻠﻌﻴﻨﺔ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺳﺘﻮﻟﻢ ﻟﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻭﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺍﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻭﻋﺼﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﺑﻜﻞ ﺍﻟﻤﺬﺍﻗﺎﺕ.. ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺻﺮﺧﺖ ﻭﺳﻂ ﺑﻜﺎﺀ الأمهات ﺍﻟﺜﻜﺎﻟﻰ، ﻭﻭﺳﻂ ﺍﻟﻨﻮﺍﺡ.. ﻭﺳﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻄﺎﻕ وأتممت ﺩﻋﺎﺋﻲ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ بدأته ﻣﻨﺬ ﺳﺖ ﺳﻨﻮﺍﺕ.. في عيد ﺍﻟﺒﺮﺑﺎﺭﺓ، ﻭﻳﺎﻣﻦ ﻧﺸﺎﺭﻛﻚ ﺍﻵﻻﻡ.. ﻓﻠﺘﺤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻭﻟﺘﺘﻜﺮﺭ ﻣﺮﺓ ﺑﻌﺪ أخرى، ﻭﻣﺮﺍﺕ ﻻﺗﺤﺼﻰ..ﺭﺑﻲ ﺍﺣﻔﻆ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ الأمين ﻭﺍﺭﺣﻢ ﺷﻬﺪﺍؤه ﺍﻟﻘﺪﻳﺴﻴﻦ.
لينا نبيعة