ثقافة

مع قرب عرض فيلم “الأب” رامز عطالله: باسل الخطيب يعمل بحِرَفية عالية المستوى

ينتظر الفنان رامز عطا الله عرض الفيلم السينمائي “الأب” إخراج باسل الخطيب – خلال الأيام القليلة القادمة -كما أعلنت المؤسسة العامة للسينما- على أحرّ من الجمر، والفيلم هو ثاني تجربة فنية يلتقي فيها مع الخطيب بعد مسلسل “ذي قار”.

صورة واضحة
ويبين عطا الله أن “الأب” يتحدث عن تشرذم عائلة بسبب ظروف الحرب، فيرصد التشتت والعذاب الذي تعانيه، ولا سيما الأب الذي يرمز للوطن في نضاله من أجل لملمة الأسرة من جديد، أوضح أنه يجسد شخصية لها قناعة تتعارض مع قناعته، ومع هذا وكممثل حاول تبني هذه القناعة أثناء تجسيد الشخصية ليقدم ما هو مقنع للمشاهد.
وعن الخطيب كمخرج يشير عطا الله إلى أنه مخرج يشتغل على التفاصيل المتعلقة بالممثل واللقطة والمكان والتشكيل وكل ما له علاقة بالعمل، لذلك يبرع في تقديم صورة ناضجة يكون فيها الممثل هادئاً يمثل بإحساسه وبشكل عفوي، وأكد أن الخطيب مخرج حيويّ يأتي إلى موقع التصوير وهو يعرف ما يريده بالضبط، فيعمل بحِرَفية عالية المستوى.

رؤية فنية
وباعتبار أن فيلم “الأب” يتناول الظروف الحالية التي نعيشها في سورية ينوه عطا الله إلى أن أعمالاً عديدة تناولت الحرب على سورية، بعضها قدم الواقع كما هو، وبعضها الآخر قدم الواقع بشكل درامي، ومنها أعمال الخطيب وعبد اللطيف عبد الحميد المدروسة بشكل صحيح، ويرى أنه من الضروري أن تخاطب السينما الملتزمة الواقع ولكن ليس كما هو تماماً وإنما برؤية درامية وفنية لأن المشاهد يعرف هذا الواقع ويعايشه، وبالتالي يريد رؤيته من خلال زاوية درامية لا يشاهد فيها القذائف التي تنهال على البيوت وإنما مضاعفات ذلك وتأثيره على الناس، وبمقدار ما تقترب منهم بمقدار ما يكون تأثير السينما كبيراً بعيداً عن الافتعال وبجمالية وصدق، ودون ذلك فإن الصور والرسائل لن تصل، وأشار إلى ضرورة أن تُجنَّد كل الكتابات للحديث عن الأزمة وتأثيراتها وعن واقعنا سواء قبل الأزمة أو أثناءها أو بعدها، شرط اختيار موضوعات تشكل ظاهرة اجتماعية تمسّ معظم شرائح وطبقات المجتمع.

تجارب متطورة
وعن تجاربه السينمائية السابقة يذكر عطا الله أن تجربته الأولى كانت من خلال فيلم “صعود المطر” مع عبد اللطيف عبد الحميد، والفيلم القصير “البطريق” إخراج فجر يعقوب ، ويحزنه أننا في سورية مقلّون في الإنتاج السينمائي المقتصر على ما تنتجه المؤسسة العامة للسينما.. وبالعموم يرى أن السينما فن قائم بحد ذاته ويختلف عن التلفزيون والمسرح، والممثل فيها يبذل جهداً أكبر مما يبذله في التليفزيون حيث يعاد تصوير اللقطة الواحدة أحياناً أكثر من 20 مرة بنفس الروح، وهذا يعني أن السينما تحتاج لصبر طويل، ويؤسفه أن فنَّ السينما لم يعمل فيه كثيرٌ من الفنانين السوريين  لقلة الإنتاج ولوجود مؤسسة وحيدة داعمة لها ، ونوهاً إلى أنه  من المتابعين لأعمالها، وخاصة ما يقدمه باسل الخطيب الذي تُعرَض أعماله في أهم المهرجانات العربية والدولية واستحقت أهم الجوائز، والكلام نفسه ينطبق على أعمال عبد اللطيف عبد الحميد الهامة، وكذلك تجارب المؤسسة بشكل عام وهي تجارب متطورة، وأكد على قدرة المؤسسة على تقديم أعمال أكثر تطوراً إذا توفر لها الدعم المادي الكبير والضروري للإنتاج السينمائي، كما توقف عند مشروع دعم سينما الشباب الذي أثبت نجاحه من خلال الكثير من الأفلام التي شاركت في مهرجانات عربية واحتلت مواقع متقدمة بين الأفلام المشاركة، وهذا برأيه يعني أن سورية تمتلك طاقات فنية كانت بحاجة فقط للاحتضان والدعم.

أمهات الأعمال
قدمت الدراما السورية عبر مسيرتها أهم الأعمال التاريخية، فتابع المُشاهد أمهات الأعمال التاريخية عبرها والتي كان لها الحظوة الكبيرة في خارطة الأعمال الدرامية، وتدريجياً بدأت تقلُّ هذه الأعمال لصالح أنواع أخرى إلى أن كادت تختفي -برأي عطا الله- في المرحلة الحالية، وأوضح أن هذه الأعمال ازدهرت بشكل كبير في فترة من الفترات لوجود تمويل مناسب لها، وهي أعمال تحتاج لميزانيات ضخمة، ولا يخفي أن جهات خارجية هي التي كان لها النصيب الأكبر في هذا التمويل، إلى جانب بعض الأعمال التي كان التلفزيون السوري يقوم بتمويلها، فبدأ بمسلسل “العبابيد” إخراج بسام الملا وكان أول عمل تاريخي يُنتَج بميزانية ضخمة، ومن بعده درجت الأعمال التاريخية المدعومة بأموال خارجية، وقد أُنتِجَت معظمَها محطاتٌ محددة لأهداف معينة مشبوهة، معترفاً أنه يشعر بالندم اليوم لمشاركته فيها بعد أن حدث ما حدث في سورية، وبالتالي فإن اختفاءها سببه انسحاب المحطات الممولة لها نتيجة للعقوبات التي تتعرض لها الدراما السورية بمنع شرائها من بعض المحطات، ولذلك فإن الممول لن يضخَّ أموالاً طائلة في عمل تاريخيّ قد لا تبثه سوى محطة أو محطتان، والأعمال التاريخية السورية نجحت بشكل كبير لوجود مخرجين مبدعين وفنيين يُشهَد لهم وممثلين جيدين أتقنوا التحدث باللغة العربية الفصحى.
ويحزنه أن العديد من المحطات استبدلت هذه الأعمال بأعمال أخرى رخيصة تبتزُّ الضحك بشكل مفتعل من خلال أعمال كوميدية تُنتَج بشكل رخيص ويشارك فيها ممثلون غير معروفين لأجورهم الضئيلة، ومع انتشار هذه النوعية انتاب المتلقي شعوراً بأن الدراما السورية تراجعت.

أعمال للتسويق
يعترف عطا الله أنه لا يميل للأعمال العربية المشتركة ولم تقنعه حتى الآن، فالعمل الدرامي –برأيه- مثل أي عمل موسيقي يتطلب وجود انسجامٍ بين كل الآلات التي تشارك في إبداع قطعة موسيقية معينة، والمؤسف برأيه أن هذا الانسجام في الأعمال المشتركة غير موجود بوجود ممثلين من مختلف الدول العربية في ظل خليط من اللهجات والعلاقات المفتَعلة غير المبررة أو المقنعة للمُشاهد، ولا هدف منها سوى التسويق الجيد لها وضمان محطات متنوعة لبثها، وهذا ما يفسر أيضاً اعتماد المسلسلات السورية مؤخراً على ممثلين لبنانيين دون ضرورة إلا فرصة التسويق له في بعض المحطات اللبنانية.

ابتزاز الضحك
وانطلاقاً من قناعته بأن الأعمال الكوميدية ليست حكراً على ممثل دون آخر وأن الممثل يجب أن يجيد تجسيد كل الشخصيات ونقلها  من الورق إلى الشاشة يؤسفه أن الأعمال الكوميدية كثيرة وتقوم على ابتزاز الضحك من خلال مواقف مفتَعلة وتهريج رخيص، مستغرباً سبب إنتاجها، خاصة وأن المُشاهد بات لا يتقبّلها، والغريب برأيه أنها تسوَّق، ويرى أن الدراما السورية تفتقد لوجود كاتب كوميدي محترف، والكوميديا برأيه دراما تستلهم عناصر الإضحاك من الموقف وطباع الشخصية والقدرة على الارتجال الذي يحتاج لممثلين متمكنين مثل أندريه اسكاف.

مصدر سخرية
لاينكر عطالله أنه مقل بأعماله والسبب رفضه للعمل في أعمال دون المستوى المأمول، ولعدم رغبته في تكرار نفسه في شخصيات متشابهة ، والمشكلة برأيه أن هذه الأعمال أصبحت كثيرة ولاسيما مايطلق عليها أعمال البيئة الشامية التي أصبحت تقلد بعضها ، موضحاً وبالعودة لمسيرة هذه الأعمال أن بدايتها كانت صحيحة من خلال  مسلسلي ” ليالي الصالحية، الخوالي” وعندما حققا النجاح  تم استنساخهما بشكل أو بأخر فباتت كل الأعمال متشابهة على صعيد الحارة والشخصيات ” حلاق ، بائع فول وخضرة، شيخ جامع ..الخ” مع اعترافه أن بعض الأعمال قدمت بسوية مطلوبة مثل: طالع الفضة، خاتون، عطر الشام ” ويستغرب تجنب الكتاب التطرق لهذه البيئة  من خلال المراجع والوثائق التاريخية  التي يمكن الاعتماد عليها لتقديم أعمال البيئة الشامية بشكل ومضمون أفضل مما تقدمه هذه الأعمال بشكل مرتجل.
وحول مسلسل باب الحارة الذي شارك فيه من خلال أجزائه الأولى يشير عطالله  إلى أن بدايته كانت صحيحة  حين كان يتحدث عن حارة  بعاداتها وتقاليدها  والتفاف  أهلها  حول زعيمها وهم  متفقون ومتحابون ولذلك كان يصعب اختراقها وحين حاول غريب أن يدخلها مثل ” أبو ساطور” التي أداها عطالله رفضته وحاربته وبهذا كانت فكرة العمل عظيمة ولكن ما حدث برأيه أن المسلسل انحرف تدريجياً نتيجة تعدد كتابه فكل كاتب أخذه باتجاه معين وهكذا ابتعد المشاهد السوري عنه وبات مصدر سخرية لهم وصار ينتج خصيصاً للمشاهد العربي  الذي يتقبل أعمال الدراما السورية بشكل عام والشامية بشكل خاص التي يشاهد من خلالها حكايات لها علاقة بالشام التي يحبها.

عودة للمسرح
وكفنان يعمل  في مديرية المسارح-المسرح القومي وفي رصيده نحو 6 مسرحيات إلى جانب إخراجه للعديد من الأوبريتات ومسرحيات الأطفال وللتلفزيون السوري كمسرحية “الصوت” واسكتش “تشرين” إخراج محمد وقاف يرى عطا الله بأنه لم يغب عن المسرح بالعموم، وأن الجيل الجديد يجب أن يأخذ حقه على خشبة المسرح، منوهاً إلى أن عدداً كبيراً من الخريجين لم تُتَح لهم فرصة الوقوف حتى الآن على خشبة المسرح التي تغري كل ممثل حقيقيّ، مبيناً أنه اليوم بصدد إعداد نص مسرحي كوميدي سياسي عن نص عالمي ليقدمه من خلال المسرح القومي كمخرج وكممثل.

أمينة عباس