ثقافة

جوقة الفرح تتألق باحتفالية مسرحية ميلادية عالمية

“إزاء الحزن الهائل الذي ملأ عشاق سورية بسبب الشرالجهنمي الذي تفتقت عنه عقول عبيد يحكمون الغرب وأُجرائهم من ذوي القربى ملأنا الحزن، ولكنه لم يقتلنا، كما شاؤوا لنا”..الأب إلياس زحلاوي.
هذه المفردات تصدرت “بروشور” الاحتفالية التي تقدمها جوقة الفرح على مدى ثلاثة أيام متتالية من الثلاثاء إلى الخميس على خشبة مسرح الأوبرا بعنوان “شوية فرح”، والتي بدت أقرب إلى مشهدية مسرحية غنائية عالمية بسينوغرافيا رائعة متكاملة العناصر بإضاءة فنية مذهلة،عكست ألوان الفرح وزينة الميلاد الأحمر والأخضر والذهبي وألوان أثواب فتيات الجوقة وقائداتها، مع الكرات الملونة التي احتضنتها شجرة الميلاد الكبيرة التي شغلت حيزاً من المسرح، لتجمع العازفين الذين ارتدوا زيّ “بابا نويل” فرحاً بالعيد. وتميّزت بأداء غنائي وموسيقي رائع بحضور لافت للبيانو-إياد جناوي- والإيقاعيات المنوعة والمؤثرات الصوتية لاسيما الأجراس- سيمون مريش- والنحاسيات، إذ قدمت الجوقة مجموعة أغنيات بتقنية تعدد الأصوات وبتوظيف تقنيات الغناء الكلاسيكي برتم موسيقي هادئ، بعضها عكس تبعات الأزمة على الأطفال “شو في أطفال فقرا عم تبكي” –لا للموت لا للكره لا لظلم الأقوياء للمحبة والسلام- مع مجموعة أغنيات استُهل بعضها بغناء إفرادي، استمدت معانيها من المعاني السامية للعيد المجيد “ينعاد عليك بالسلام- ضلك ارجعي. شوية فرح نثرت الفرح على الحاضرين في أغنية “جاي الليلة يسوع”- يا ها الأرض انحني صوت الفرح مسموع-مع تفاعل الجمهور بالتصفيق الحار وانعكاس الإضاءة باللون الأخضر وحضور البيانو والإيقاعيات، تلتها مجموعة لأشهر أغنيات الميلاد باللغات الإنكليزية والفرنسية “هولي نايت- كريسماث ديه- ريجوسي-ميري ليتل كريسماث، جينكل”. وقد خصصت الجوقة مساحة لمجموعة أغنيات ميلادية من التراث العالمي تدعى “بيبوري” تحية إلى الأستاذ فيكتور بابينكوالذي قام بتوزيعها والذي قدم الكثير للجوقة خلال إقامته في سورية ودعم الحركة الموسيقية فيها، سُبقت بمقدمة موسيقية ساحرة للبيانو للعازف إياد جناوي الذي استخدم أربيجات البيانو بألحان وأبعاد متعددة على كامل مفاتيح البيانو، وكان اللحن الأساسي فيها، وازداد تفاعل الجمهور مع جمالية الإضاءة بأغنية الليلة ميلاد المسيح. وكان لأغنية “رينكس زوس كريسمث بيلز” صداها الجميل في الاحتفالية إذ تحولت كلوديا توما من قائدة للجوقة إلى قائدة للجمهور الذي شارك في العزف من خلال أدوات صغيرة وزعت على الحاضرين، ووفق السلم الموسيقي وملاحظات توما إذ شارك الجمهور الجوقة والعازفين برنات أجراس العيد. كما تخللت الاحتفالية لوحات للرقص الكلاسيكي على مقطوعات تشايكوفسكي، ومما زاد من جمالية الاحتفالية المشهد التعبيري للطفلة الفقيرة المعبّر عن قيم العيد النبيلة بالتعاون والمحبة والتآخي باستبدال ثيابها القديمة بثياب جديدة وضمها إلى المشهد الراقص برمزية إلى الحياة الأفضل.

زينة الحياة
تهدف الاحتفالية عامة إلى خلق حالة فرح بعيد الميلاد بالانتصار الذي نحققه من خلال عناصر السينوغرافيا المتكاملة مع الموسيقا والرقص والصوت حالة مستمدة من عنوانها “شوية فرح”، كما ذكرت كلوديا توما التي شاركت بقيادة الجوقة، وتابعت عن ألوان العيد والزينات ألوان الأثواب التي تعكس برمزية وبدلالة غير مباشرة حقيقة أن الإنسان يزّين العيد بكل سلوكياته وممارساته وإيجابياته ومحبته للآخر وتعاونه معه في أي موقع يكون فيه، فالعيد يأتي ليذكرنا بأننا زينة الحياة، وهدفنا من هذه الاحتفالية أن نعيش حالة فرح وننقلها إلى الجمهور وإلى الشعب السوري باحتفالات العيد لأننا نحن جميعاً نخلق الفرح.

ولادة سورية
وتطرق حبيب سليمان الذي قاد الجوقة أيضاً إلى الروح الجديدة التي بدت فيها الجوقة في تقديم القطع التي تميل للنمط الكلاسيكي العالمي، والتي يتطلب أداؤها مهارة أكبر بكثير من القطع التي قدمتها الجوقة سابقاً، ووصف هذه الخطوة بالنقلة النوعية، وتابع حديثه عن الجديد أيضاً بالديكور بحضور شجرة الميلاد التي احتضنت العازفين بين أغصانها مع الزينات،-وكما ذكر- فإنها ظاهرة لا سابق لها ولأول مرة تظهر على المسرح. أما عن المشهد التعبيري الذي نقل الطفلة الصغيرة من حياة الفقر والحرمان إلى بهجة العيد وإلى عالم الموسيقا والغناء، فأجاب بأنه يرمز إلى ولادة سورية من جديد من عتمة الموت.. سورية التي تحمل في قلبها الحبّ لكل العالم.

رسالة الجوقة
إحدى المشاركات في الجوقة زين نخلة عبّرت عن فرحتها بتألق هذه الاحتفالية التي هي رسالة من شباب الجوقة وأطفالها إلى العالم بأسره بأن سورية منتصرة، وبأن مقطوعة “رينكزوس كريسمث بيلز” تترجم أجمل معاني العيد ونحن في طريق النصر.
افتقد الجميع الأب إلياس زحلاوي الذي منعه المرض من الحضور، لكنه كان موجوداً في كل كلمة ولحن قدم في هذه الاحتفالية.
ملده شويكاني