مهرجان حماة المسرحي حضر الجمهور وغابت الفرجة.. وفرقتا اللاذقية والسويداء وردتان
بعد توقف دام خمس سنوات أصر فرع نقابة الفنانين بحماة وإحدى السيدات الداعمة للمهرجان على إقامة دورة هذا العام، نظرا لما للمسرح من دور وأهمية ثقافية في جلب الجمهور إلى صالات المسرح للفرجة والمتعة. إلا أن ما قدم في هذا المهرجان من عروض، لم يرق إلى الأهمية المطلوبة فغابت لجان تقييم العروض، ومابقي هو الإصرار على عودة الروح لهذا المهرجان الذي يعتبر ثاني مهرجان مسرحي سوري بعد مهرجان دمشق الذي توقف منذ أكثر من عقد، ولذلك يمكننا أن نقول حضر الجمهور الذي امتلأت به صالة دار الأسد للثقافة وغابت الفرجة، فكان الجمهور هو نجم المهرجان الحقيقي، ولعلنا في هذه العجالة نقدم تقييما بسيطا للعروض التي قُدمت وشهادات المسرحيين والحضور في هذا المهرجان.
تكريم.. وعرض
قبل انطلاق عروض فعاليات المهرجان كرمت إدارة المهرجان الفنانة وفاء موصلي تقديراً لمسيرتها المسرحية المميزة، كما تم تكريم المخرج المسرحي يوسف شموط بحضور نقيب الفنانين زهير رمضان.
وكانت فرقة /ابيفانا/ التابعة لمجلس مدينة حماة قد افتتحت المهرجان بعرض “وبعدين” تأليف عبد الكريم الحلاق وإخراج كاميليا بطرس الذي تحدث عن معاناة مجتمعنا، وما أفرزته الأزمة من فساد وانتهازية ووصولية من خلال تفشي الرشوة والسمسرة، والتي تمثل مفاتيح الحل لمختلف القضايا والهموم والمطالب اليومية للآخرين وهو الكسب غير المشروع.
ورغم ذلك لم ينل العرض رضا الجمهور في الصالة حيث جاء الأداء بطيئا حينا ومملا حينا آخر، وعدم وجود ترابط وتجانس بين الأداء والموسيقا التصويرية المرافقة للعرض، إلا أن الجميل في كل ما قدم كما قال احد الحضور بصوت عال بعد انتهاء العرض أن الإضاءة كانت في غاية الجمال والروعة، وبالنسبة للفساد الذي يمارس اليوم فسوف ينقلب السحر على الساحر في النهاية. وقد حدثنا المشرف على الفرقة سامر جلعوط حول العرض إذ قال: حاولنا من خلال عرض “وبعدين” تقديم صورة عما يجري من فساد وممارسات من قبل بعض مستغلي الحرب، والاهم من كل ذلك هو الإصرار على عودة مهرجان حماة المسرحي بعد انقطاعه القسري، وكانت الغاية عودة الجمهور إلى صالة المسرح وهذا ما تحقق فعلاً.
أجمل العروض
ومن أجمل العروض التي قدمت في المهرجان عرضي فرقة طلبة اللاذقية والسويداء ولولاهما لما كنا شعرنا بشيء اسمه عرض مسرحي حقيقي، حيث قدمت فرقة اتحاد طلبة اللاذقية عرض “اليوبيل” عن نص للأديب الروسي أنطون تشيخوف، إعداد وإخراج قيس زريقة والإشراف الفني لهاشم غزال الذي قال عن العمل: حاولنا تسليط الضوء على ما أفرزته الأزمة الراهنة في سورية وكيف ركب المستغلون موجة الانتهازية والعتنرية والازدواجية في المعايير التي يمارسها بعض رجال الدين الذين لبسوا ثوب الدين والعفة شكلا ومارسوا عكس ذلك تماما وصولا إلى مبتغاهم مما زاد البلد تخريبا وذلك من خلال تقديم بعض الصور المضحكة المبكية في الوقت الذي انكفأ فيه صوت المثقف والأديب.
عروض باهتة
لم تحقق فرقة اتحاد عمال حماة الغرض المأمول منها كما عودتنا في دورات المهرجان السابقة فجاء ماقدمته باهتا ولم تنل حتى رضا من حضر عرض “الموعد” الذي لم يحمل متعة الفرجة ولم يستطع شد جمهور الصالة لمتابعته العرض بل الكل انصرف في أحاديث جانبية لعله ينسى ويتغلب على حالة البرد القارس الذي كان ضيف الصالة طيلة مدة العروض.
أما عرض “اختلاج” لفرقة أودينا من السلمية نص وإخراج رائد الجندالي قدمها الممثلون بطريقة فيها الكثير من الفلسفة لم يلتقطها الجمهور في الصالة، إذ تناولت التناقضات اليومية والإشكاليات التي يعاني منها المواطن السوري في ظل تداعيات الأزمة الراهنة، والسفر خارج القطر هربا وخوفا من تداعيات الإرهاب والمجهول الذي كان بانتظار من سافروا ليحصدوا مساوئ ما أقدموا عليه.
وردة المهرجان
ماقدمته فرقة فناني المنطقة الجنوبية في السويداء بالتعاون مع مديرية الثقافة هناك كان بمثابة الوردة الجميلة التي زينت صدر المهرجان، حيث قدمت عرض “الاستيلاء” تأليف هوشنكال وزيري وإخراج سمير البدعيس، ويعالج قضية امرأة حرمت نعمة الإنجاب من زوج ثري لتتبنى طفلة بعد طول انتظار ولتتخيل فيما بعد أن الطفلة أصبحت ملكا لها ولا يحق لأحد النظر والاقتراب منها، ولتصبح في لحظة ما مسلوبة الإرادة والتصرف، وحين تدخل شقيقتها المصابة بخلل عقلي لتساعد الطفلة التي تتعرض لممارسات مشينة من قبل الزوج الثري تقوم المرأة بقتل أختها، وهكذا تسير أحداث العرض بشكل درامي ممتع امسك مفاتيح العرض من بدايته حتى النهاية بشكل رائع.
لنا كلمة
إن عودة الروح لمهرجاناتنا المسرحية هي غاية في الأهمية لما تقدمه العروض المسرحية للجمهور من ثقافة وإبداع فرغم البرد الشديد في صالة دار الثقافة بحماة وهطول الأمطار والثلوج، إلا أنها غصت بالجمهور طيلة فترة العروض.
واللافت في عروض المهرجان حضور السيدات وأطفالهن الصغار وهذا يدل على عشقهن للمسرح فشكرا لكل من ساهم في إقامة مهرجان هذا العام.
حماة – محمد فرحة