ثقافة

عتبات كاريكاتورية

-1-
يتجه بعض رسامي الكاريكاتور للتبسيط في رسم الخطوط وتكوين العمل، تحلّق خطوط بعضهم الآخر لتأخذنا في عوالم من التكامل البنيوي التشكيلي المستند إلى أساس معرفي وفهم عال لمصادر الإضاءة والتوزيع المنهجي لعناصر العمل وتفصيلاته. فالحركة في الكاريكاتور تشكل عاملاً هاماً وعنصراً من عناصر الجذب إلى الموضوع ولفت نظر القارئ على نحو يجعل الرسم أكثر جاذبية، مما يتيح للرسام الدخول في عالم المساحة البيضاء والعزف على وتر التنويع في الخطوط وحرية امتدادها.
-2-
– نحاول دائماً في قراءة العمل الكاريكاتوري أن نَدخُل في روحه، ونركز الذهن على الجزء الهام من العمل وخلق حالة من الاندماج معه من تحليل الخطوط وفك رموزها إلى الفكرة  التي نريد تقديمها  للناس حتى يصل الكاريكاتور إليهم بسهولة وبيسر على اختلاف شرائحهم الاجتماعية. ومهما كان الكاريكاتور قريباً من الواقع ومنصهراً في جزئياته وتفاصيله، يلقَ في بعض الأحيان تجاهلاً وعدم قبول، فالرسم الذي قد يلاقي النجاح في سورية ويثير الضحك فيها قد لا يجد الإقبال ذاته في بلد آخر، وهذا أمر بديهي.
-3-
كثيراً ما نشاهد رسوماً كاريكاتورية ترافقها تعليقات أو حوارات. وبرغم وجود تلك الحوارات والتعليقات في الرسم ، يذيل بكلمتين: دون تعليق!. ولكن لا ندري إن كانت الكلمتان تحذيريتان للمتلقي لإسكاته، أو بسبب اعتقاد الرسام أنّ عمله سيشكل صدمة واندهاشاً غريبين.
لسنا بصدد الحديث عن الصدمة وتداعياتها، ولكن ما نودّ طرحه هو قضية التعليق في الرسم الكاريكاتوري.
ولا بدّ من القول إنّ  الفكرة تتكون في الأذهان دون اختلاف يُذكر بين فناني هذا البلد أو ذاك في طريقة التكوين، إلا أنّ الاختلاف يخضع لظروف المجتمع ونمطيته الذي يبدو تأثيره جلياً على الفنان، ففي المجتمعين اللبناني والمصري يعتمد الكاريكاتور فيهما على النكتة الدارجة لأنه الأقرب إلى قلوب الناس حسب رأيهم.
ولوعدنا إلى الرسوم التاريخية التي وُجدت على جدران المعابد والكهوف وأوراق البردي لوجدناها تعبيرية ، والتعبيرية هي الاتجاه الأكثر صلة بهذا الفن. فمنهم من يرى أن الكاريكاتور الذي يخلو من التعليق يحتاج إلى عمليتي تركيب وتحليل ووقت لفهم الرموز وتحليلها، ويرى بعضهم أن هذا النمط  من الكاريكاتور موجه، على نحو أو آخر، إلى النُخبة فقط!

-4-
علّق أحد الكتاب السياسيين المتابعين لفن الكاريكاتور على قضية الكاريكاتور السياسي وقدرة فنانيه على التقاط المفارقة السياسية الناجحة، مؤكداً أن الريشة لا تكفي لإنتاج كاريكاتور ناجح دون إلمام الفنان بالسياسة وروحها والوقائع الاجتماعية ومحاورها وتفصيلاتها التي تمد الفنان بالذخيرة اللازمة لإنتاج عمل كاريكاتوري .
-5-
قال الممثل الساخر “وودي ألن” معلقاً على دراسته الجامعية:” لقد طُردتُ من الجامعة في السنة الدراسية الأولى لأنني لجأت إلى الغش في امتحان مادة الفلسفة الميتافيزيقية ، إذ أنعمت النظر في  داخل روح الطالب الجالس إلى جانبي”.
رائد خليل