تغريدات من خلف التلال
يحتفل الناس اليوم بعيد الحب حيث يطغى فيه اللون المفعم بالحياة على وجوه البشر، تنبت الورود الحمراء في قلوب العشاق، هو يوم أطلقوا عليه اسم “عيد الحب”، ومن منا لا يعرف هذا العيد، عيد فُقد في بلدنا الذي لطالما كانت أمطاره تهطل أناشيده السحرية، وتنبت مع سنابل قمحه كلمات الحب والعفوية. في هذا اليوم الجميل الذي تتحاشاه العيون وتهرب منه الأفئدة لا خوفاً ولا ضعفاً بل حزناً وقهراً على بلد جراحه مفتوحة على القتل والدمار والبعد فرض نفسه بين الأشخاص والأحبة.
في كل عام وتحديداً في 14شباط تنتظر الفتاة هديتها من الشخص الذي اختاره قلبها، فكم من القلوب تنتظر اليوم تلك الرسالة من “أحبائها” الذين يقفون على الجبهات يدافعون عن وطنهم الغالي وقد استغلوا دقائق معدودة ليعبروا لمحبوباتهم عن حبهم برسالة أو كلمة أو همسة، أو وردة يتحدون ظرف الحرب والدمار ليبللوا ورود أرواحهم بالندى.
لكن الحب موجود دائماً ولا يمكن حصره في يوم واحد، بل ربما يمكن اعتباره فرصة للاعتراف به بطريقة مختلفة، وبما أن الجميع يستطيعون التعبير عن عواطفهم ومشاعرهم، كان لا بد أن نتذكر أولئك الفرسان الأبطال الذين باعدت الحرب بينهم وبين حبيباتهم وكيف يمكن أن يعبروا عن هذا الحب. فالشاب مهند وقف محتاراً ماذا يقول لخطيبته التي تنتظره كل يوم على أمل أن يعود إليها، “لا تقصيني الحرب عن حبي ولا الموت، ولا يردعني البعد وأصقاع الأرض عن إعلان حب يفوق العالم على الملأ، أحبك جداً ولا قوة عنه تضنيني”. أما الشاب عدنان فأرسل لحبيبته: “ما حدث هو أن قلبي المحصن جيداً ضد الحب اخترقته عيناك دون مقاومة”.
وبالرغم من البعد والحرب، أحب الجندي وسيم المشاركة في عيد الحب، فقال: “لو كان لي حبيبة لقلت لها: شف الوفاء بي عن باقي الناس في ديرة محصورة كل الحسن فيها، لم اعرف غيرك ولو تخالطت بجناس دنيا الهوى ما ترحم رجل يمشي فيها شخص داخل الروح مثل الألماس والعين لغيرك من قلبي دائماً أسألها، أعطني الأمل لأحبس كل الأنفاس”.
وبتفاؤل كبير وابتسامة جميلة يقول علاء لحبيبته: “بيننا حب وأمامنا درب، وفي قلبي أنت فقط”. وبحزن أرسل المقاتل سامر كلمات موجعة لمعشوقته: سامح الله هذا العمر، الفراق زاد فيه الجفاء والقهر، تمر أفراحنا لتزيد الألم، في مهجتي نيران صارت دمعتي، لما كل هذه القسوة، أنا في غربتي أشتاق لك كثيراً، لم يصل لعيوني الدفء منذ آخر مرة رأيتك فيها، وأصبحت حياتي مربكة جداً، ولمن أشكو همي، “والله البعد حرّاق”. وبكلمات مختصرة جداً يقول عماد لزوجته: “لا شيء لي كأنت، ولا أحد يحبك كأنا”. وبتعابير لطيفة وصوت مليء بالحنان والحب يبعث هاني لحبيبته: “لا أريد إلا أن تنتهي هذه الحرب البشعة وألتقي بك لأراك في كل الأوقات”. ويقف المقاتل محمد وقفة متناسياً فيها كل الألم والعذاب من هذه الحرب ليخاطب حبيبته بكل مشاعره الجميلة: “في روحي فتاة بالعفاف تجملت، وفي خدها حب من المسك قد نبت، وقد ضاع رشدي منذ أقبلت، بلغوها إذا يوماً بلغتم حماها، أنني مت في الغرام فداها، واصحبوها إلى تربتي فعظامي تشتهي أن تدوسها قدماها”.
ومن باب الطرفة أحب أحد الشباب مشاركتنا في هذا اليوم حيث قال: “حبيبتي أمك داعيتلك بليلة القدر لأني حبيبك”. أما الشاب مضر فعبّر بالمختصر إذ قال “قاتلت بحبك دون الحروب كلها وأنا البعيد القريب”. وشاركنا البطل يزن البعيد عن حبيبته منذ ثلاث سنوات: “في عشق من أهوى، ضوضاء حروب ومعارك تخجل أمامها الحرب العالمية لضعفها وبرودة أحداثها”. وبصوت حزين أرسل الشاب يوسف المرابط على الحاجز يقول بأسى: “العيد دون أحبتنا ليس عيداً، فالعيد يأتي دائماً، لكنكم من يرتكب الغياب أحياناً، وجودكم، أصواتكم، همساتكم، حتى كلماتكم التي لم تنطقوها هي من يصنع للعيد وجهه وبهجته”.
وقد أحب المهندس طلال مشاركتنا في موضوعنا وأن يقدم للعيد هدية متواضعة فقال: أنا لست بعسكري، ولكنني بدوري أريد أن أعايدهم فرداً فرداً، وأقول لهم لا أملك حباً يفوق حبي لأي جندي سوري، ولكل قطرة دم، ولكل شخص دافع عن هذا البلد، ولكل دمعة أم وغصة قلب أب ووجع أخ وأخت، وفي الحقيقة لا أحد يستحق هذا الحب إلا أنتم أيها البواسل الشجعان يا أبطال الجيش العربي السوري..
جمان بركات