ثقافة

أعظم وأجمل النساء في أمسية موسيقية

“امرأة تحبّ، وامرأة تناضل، وأخرى تخبز اللقمة لطفلها، وامرأة كانت ولا تزال تبني، وأخرى تغني” هذه المفردات الجميلة التي تصف المرأة كانت مدونة ضمن التعريف ببروشور أمسية “حبّ ونساء” المهداة إلى المرأة في عيدها العالمي، الأمسية التي قدمها المايسترو رعد خلف مع أوركسترا ماري على خشبة مسرح الأوبرا على مدى يومين بمشاركة الفنانة العالمية بيدر البصري” -التي حازت على لقب “صوت الأديان” لتبنيها مشروع الغناء من أجل السلام والتعايش-بغناء ألوان مختلفة من الرومانسيات بصوتها المفعم بالأنوثة والحبّ والحنان والرقة يجمعها الخطاب الدرامي العاطفي.
كما تضمنت الأمسية مجموعة مقطوعات ألّفها خلف مستوحاة من سير ذاتية لنساء تركن بصمة في تاريخنا القديم والمعاصر، فحفلت موسيقاه التي عزفها بحبّ تفيض به نغمات ألحان مستمدة من عدة بلدان عربية، على غرار مشروعه العالمي السابق “قهوة” الذي استوحى ألحانه من موسيقا الشعوب. وقد اعتمد خلف الذي يعدّ من أهم المؤلفين الموسيقيين المعاصرين على البناء الموسيقي القائم في مواضع على الاقتباس الجزئي من بعض الألحان المألوفة، تتضمنها مقطوعاته التي تميزت بهذه الأمسية بالعمق الموسيقي لتراكيب متوازنة ضمن توليفة موسيقية متكاملة مع تعددية الآلات الإيقاعية، إضافة إلى صوت آلات المؤثرات الصوتية الإيقاعية التي كان لها دور بالإيحاءات لاسيما صوت المطر، بحضور كبير للعازف سيمون مريش، مع حضور البيانو للعازفة لين جناد في مختلف المقطوعات. والمميز أيضاً تفاعلية الحالة الدرامية الموسيقية التي تثير المتلقي لاسيما أن رعد خلف أبدع أيضاً في مجال التأليف للموسيقا التصويرية العربية والسورية.
البناء اللحني
افتُتحت الأمسية بالمقطوعة الأجمل التي ترجمت عظمة وفخامة ملكة مصر “كيلوباترا”، ملكة العرش والحبّ والجمال، بموسيقا قوية وظّفت فيها جميع الآلات مع البيانو لتنتهي بمتتالية إيقاعية متصاعدة، ليضفي حضور بيدر البصري الكثير من الجمال على أجواء الأمسية بغنائها “اللحظة الجاية، اللحظة اللي تحسها جاية أقرب منها” من سورية -كفاح الخوص، وسُبقت بمقدمة موسيقية للبيانو ورافقت كلماتها رومانسية الوتريات التي مضت لنهاية هادئة. ليختلف المسار الموسيقي مع مقطوعة “جميلة بوحيرد” من الجزائر والتي بُنيت في مواضع لحنية على اللحن الشهير من التراث الشعبي “يارايح وين مسافر”، ورغم جمالية هذا اللحن المألوف والمكرر إلا أن تأثير المقدمة الموسيقية لمجموعة الإيقاعيات كان أقوى، ليتوازى اللحن الإيقاعي مع صوت لحني مرافق لآلات النفخ الخشبية والوتريات والبيانو، ليشكّل جزء من الإيقاعيات دوراً كفواصل موسيقية، وقد شغلت هذه المقطوعة حيزاً هاماً في الأمسية واتسمت بالتداخل والترابط الموسيقي بين جميع الآلات.
صولو التشيللو
الأغنية الثانية التي قدمتها البصري كانت مختلفة وهي لوحة ثنائية  مع عازف التشيللو محمد نامق، وقد رافقت نغمات الصولو كلمات الأغنية بتناغم وانسجام مع صوت بيدر لأغنية “خد الحبيب” -الإعداد الموسيقي لحميد البصري، لتتبعها مقطوعة دلال المغربي من فلسطين والتي بُنيت على لحن “ع الأوف مشعل” والتي بدت بنمط موسيقي مختلف يوحي بالغموض، وتميّزت بتكثيف الجمل الموسيقية الرشيقة والسريعة في البداية، لتختلف فيها المستويات الموسيقية ضمن تشاركية جماعية، ليعود خلف إلى جمالية رومانسية مغرقة بغناء بيدر”الأجمل بين الوجوه، الأجمل بين البشر من شعره ينبت الشجر” من سورية والمترجمة عن رقم قديم، والتي تميزت بمقدمة موسيقية رومانسية تداخلت مع نغمات البيانو وأصوات آلات المؤثرات الصوتية الإيقاعية والإيحاء بشكل خاص بصوت انسدال المطر، وحضور الوتريات أضفى مزيداً من الرومانسية الموسيقية.
ومن ثمّ بُنيت مقطوعة “زها حديد” من العراق على لحن فوق النخل، واتسمت بمستويات متعددة للضربات الإيقاعية على الطبول، والمؤثرات الإيقاعية ليتابع اللحن مع آلات الأوركسترا وفواصل موسيقية لآلات النفخ الخشبية، واللافت اختلاف القفلة الموسيقية وفق نمطية كل لحن، لتختتم البصري رومانسياتها بأغنية”شومخبي” كلمات الشاعر والإعلامي زاهي وهبة – التي تنتهي بـ “جوا قلبي بكتب لك سلام” ليفاجئ المايسترو رعد خلف الحاضرين بالمقطوعة المألوفة والقريبة من ذاكرتهم “أسمهان” من سورية، والتي بُنيت على لحن”يا حبيبي تعال، ومن ثم لحن ليال الأنس”.
من أجل السلام
وعبّرت بيدر البصري التي غنت في مشاركات عالمية للسلام عن سعادتها للغناء مع جميلات ماري ومع المايسترو رعد خلف، واحتفالها مع المرأة السورية بيوم المرأة العالمي، متمنية أن يعود السلام والأمان إلى ربوع سورية، وعن خصوصية النمط الغنائي الرومانسي الذي قدمته أضافت بأنه النمط الذي تحبّه وقد تفاعلت وأحبت البرنامج الغنائي الذي قدمته، ولا تفضل أغنية على أخرى لأنها جميعها لامست مشاعرها وإحساسها، وجديدها أنها تحضر لألبوم ستصوّره في سورية.
ملده شويكاني