في حوار حول تجربتها في الأدب والحياة د. ريم الأطرش: “الدين لله والوطن للجميع” بوصلة حياتنا
سيدة لها تميزها وحضورها.. إنسانة ممتلئة بالحياة بحديثها تشعل سراج الثقافة.. تنثر تباشير الأمل على الروح، وتنبت زهور الحب في بواديها، وتسقيها بمدادها العابق بالقرنفل.. تنتمي إلى أسرة عريقة لها تاريخها الوطني والثقافي فهي حفيدة المجاهد سلطان باشا الأطرش، وهذا الإرث التاريخي صقل شخصيتها وجعلها تتحلى بثقافة متميزة ومختلفة، فمنذ صغرها وجدت نفسها محاطة بظروف هيأت لها هذا النجاح الذي تحصده الآن في حياتها، فهي باحثة ومترجمة حازت على شهادة الدكتوراه بالفرنسية من جامعة ليون الثانية وكانت أطروحتها بعنوان: تحليل الأخطاء في الترجمة باللغتين الفرنسية والعربية عند المتعلمين الناطقين بهما وحلول مقترحة لها. حققت وألفت وترجمت العديد من الكتب والدراسات من أهمها السيرة الذاتية لمنصور سلطان الأطرش بعنوان “الجيل المدان” عن دار الريس في بيروت ومن مؤلفاتها الحرير في سورية: لواء اسكندرون. سورية ولبنان.. تمتد سفوح الحياة واسعة أمامها لتنسج من كل لون حكاية، وفي هذه الحكايات كلها هي امرأة سورية تحمل هموم وطنها ومعاناته التي تحاول أن تقول رأيها فيها واحتجاجها عليها. إنها الدكتورة ريم الأطرش التي التقيناها في حوار جريء وشفاف حول تجربتها الأدبية والحياتية، وقفتنا الأولى كانت حول بداياتها فتقول:
<< درست الأدب الفرنسي ومن ثم حصلت على الدكتوراه في مشاكل الترجمة، وكيفية حل مشاكل الطلاب بتمارين معينة قدمتها في جامعة ليون 2، وأنا من مؤسسي مكتبة الأسد، كما واتاني الحظ بحصولي على منحة باللغة الفرنسية إلى يوغسلافيا سابقاً واشتغلت في المكتبة الوطنية هناك، وبعد عودتي عملت على تأسيس أغلب أقسام مكتبة الأسد إضافة للتدريب، وبعد سبع سنوات تركت المكتبة واتجهت للتدريس حيث درست اللغة العربية للأجانب والفرنسية للسوريين، ودرّست الترجمة طبعاً، وبعد الدكتوراه درّست في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، ترجمة وأدب عربي حديث، ودرّست نصوصاً صحفية مع أفكارها، إضافة إلى أنني مترجمة لدي تقريباً 15 كتاباً مترجماً عن الفرنسية والاسبانية وكتاب واحد عن الانكليزي هو “11 أيلول” لتشومسكي نشرته دار الفكر، كما عملت على نشر وتحقيق كتب والدي- سيرته الذاتية “الجيل المدان” نشرتها في لبنان وكتابين هما “في سبيل العراق” لأنه كان رئيس لجان نصرة العراق، و”الإصلاح في سورية” ومقالات أخرى نشرت في بيروت، وأثناء الأزمة كتبت روايتين الأولى رواية ذاتية هي “إلى آخر الزمان”، ورواية “حرير الروح شآم والآن بصدد إصدار الجزء الثاني بعنوان: “شآم الياسمين” وجميعها صدرت عن دار تساؤلات.
< رسالة الدكتوراه حول مشاكل الترجمة.. ماذا تحدثينا حول هذا الموضوع؟.
<< تناولت مشاكل الترجمة التي يواجهها الطلاب وطريقة حلها، ومعظمها لغوية طبعاً لأنه عندما يلتصق الشخص كثيرا بالنص يتوجه للترجمة الحرفية وهذا مخيف لأنه يفترض بالترجمة أن يتم نقل المعنى، مثلاً إذا مرّ في النص الأجنبي مثل شعبي هناك البعض يترجمونه حرفياً، بينما يفترض بنا أن نجد المعادل له باللغة العربية، مثلاً بالفرنسي يقولون “مسلح حتى أسنانه”، بالعربية ليس لها معنى، فنقول: “مدجج بالسلاح”، ما قصدته أنه بإمكان الإنسان أن يجد الحلول للترجمة، وقد وجدت تمارين حلول دعمت أطروحة الدكتوراه ونلتها بدرجة مشرّفة جداً بإجماع اللجنة في ليون.
< وهل استطعت تقديم هذه التسهيلات بالترجمة ليعتمدها الطلاب؟.
<< أنا درست في المركز الثقافي الفرنسي، وفي المعهد الفرنسي، وفي هذه الفترة ذهبت إلى بيروت وقدمت ما يشبه الـ”سيمينر” تدريس في جامعة البلمند بلبنان، وقد لاقى هذا تجاوباً لدى الطلاب، فبعض الأساتذة يشتغلون على النظريات، بينما أنا أشتغل على التطبيق العملي.
التوثيق الأدبي
< بدأت تجربتك الأدبية برواية ذاتية بعنوان: “إلى آخر الزمان” فما الدافع إلى توثيق قصة أسرتك برواية؟.
<< “إلى آخر الزمان” هي عبارة كتبها والدي لوالدتي في عيد الحب عام 2006 أحضر لها باقة ورد أحمر بلدي وقال لها: “نحن حبنا إلى آخر الزمان”، فأنا اخترته عنواناً للرواية، والحقيقة كثيراً ما كانت والدتي تقول لي: يجب أن توّثقي قصتنا، فأجيبها أنا مترجمة لا أجيد كتابة الروايات والقصص، فتجيبني إذا قصدت تستطيعين، وفي عام 2013 رحلت والدتي في 22 شباط، وشعرت أنه من باب الوفاء لها أن أحقق رغبتها وكتبت عن حياتنا كيف كانت، فنحن عائلة مختلطة دينياً لكن شعارنا في بيتنا وفي علاقاتنا مع الآخر “الدين لله والوطن للجميع”، بالنسبة لنا الوطن هو المقدس، كما نقدس الله في السماء، وعلاقاتنا مع الناس تنطلق من الوطن، من يتقي الله في وطنه فهو صديقنا، نحن شركاء في هذا الوطن، ورأيت أن هذه الحالة تحتاج إلى توثيق، خاصة بما يجري الآن، وقد قسمت الرواية إلى 14 فصلاً، تيمنا بعدد سنوات الحب التي عاشها والديّ يحبان بعضهما قبل الزواج، وفي الفصل 14 تحدثت عن هذا الحب وتفاصيله، فقد كانت تجمع العائلتين صداقة متينة، عائلة الشويري مسيحية أرثوذكسية، وعائلة الأطرش المسلمة الموحدة، أي هذه الصداقة تمتد بجذورها إلى قبل ولادة أهلي، ونشأ الحب من الصداقة -طبعا عانينا بسبب رفض الأهل ومعارضتهم- لكن عندما رأيت أهلي بعد خمسين سنة زواج لازالا يتغزلان ببعضهما، قلت تستحق هذه الحياة أن يلتقي الإنسان بالحب الحقيقي، حتى لو دفع الثمن.
< وما المساحة التي شغلها تاريخ جدك في توثيقك لسيرة العائلة، في هذه الرواية؟.
<< طبعاً أفردت له فصلا كاملاً، عنوانه “جدي”، فشعار “الدين لله والوطن للجميع” الذي أطلقه في انطلاق الثورة السورية الكبرى في بيان إلى السلاح، هو بوصلة حياتنا، لذلك روحه موجودة في الرواية كلها.
< وماذا عن ذكرياتك معه؟.
<< حتى هذه الذكريات تحدثت عنها في الرواية وهنا دعيني أورد لك هذه الحادثة التي أثرت بي كثيراً، فزواج والديّ لم ينل رضى العائلتين، وبالتالي كانت هناك مقاطعة استمرت 14 عاماً، وعندما كنت في الصف الثالث الابتدائي لم أكن أعرفه شخصياً، ومرة قالت لي مدرستي في مدرسة اللاييك حدثينا ياريم عن جدك، فتحدثت عن الثورة كما درسناها في الكتب، فقالت لي لا حدثينا عنه كإنسان، فقلت لها أنا لا أعرفه، وهذه الحادثة أثرت بي بشكل كبير، لكن عندما عرفته في عام 1969 رأيته شخصاً حنوناً ولطيفاً بشكل كبير، وعرفت أن قسوته كانت إرضاء لجدي لأمي الذي طلب القطيعة، وبعد 14 عاماً تمت المصالحة حيث ذهب جدي سلطان إلى جدي الثاني مع “جاهة”، والحقيقة هو شخص يحب الأطفال كثيراً، وخلال المحاضرة التي ألقاها د. ثائر ين الدين مؤخراً عن جدي قدمت مداخلة حول موقف مهم لجدي أيام الشيشكلي الذي أرسل حملة إلى الجبل عام 1954، لكن جدي رفض رفع السلاح بوجه الجيش السوري وقال هؤلاء أولادي وأكمل طريقه من القريا سيراً على الأقدام، الحقيقة هذا الموقف ظهرت نتائجه في هذه الحرب في السويداء، فقد قامت المظاهرات كما في كل المحافظات، لكن من رفع السلاح أهله هم من رفضوه وأخرجوه خارج البلدة، نرفض أن ترفع السلاح، وهذا جميل وضروري أن يقتدي الجميع به.
< في روايتك “حرير الروح شآم” إذا لم نذهب للبعد الشاعري والروحاني في هذا العنوان الذي يأخذ الآن معان اجتماعية وروحية ونفسية متعددة تجاه الذي نعيشه، الحرير كمادة خام ما الذي دعاك للحديث عنه، وخاصة أنك لم تعايشي فترة ازدهار صناعة الحرير وأهميته في سورية؟.
<< في عام 1991 كنت لا أزال في مكتبة الأسد فطرحت اليونسكو مسابقة على الشباب أن يقدموا بحثاً له علاقة بطريق الحرير، والحرير بطريقه للانقراض في بلادنا فاخترت توثيقه حتى لا يضيع، وتقدم للمسابقة سبعة شباب في الثلاثينات من عمرنا، ننتمي إلى وزارات متعددة قدمنا أبحاثنا، فاختارت اليونسكو موضوعي هذا وأنا عملت سنة كاملة أبحث في كل مناطق سورية من أجل توثيق الحرير وصدر في كتاب عن وزارة الثقافة عام 1996بعنوان: “الحرير في سورية” باللغتين العربية والفرنسية، وأنا في هذه الرواية “حرير الروح شآم”، طبعاً في أبحاثي عام 1991 أذكر تماماً أنه مرت معي معلومة أنه في عام 1860 “الطوشة” أساسها كان الحرير، سبب تدخل القوى العظمى الأوروبية لدى السلطة العثمانية والتحريض على أمر طائفي سببه كان الرغبة في السيطرة على الحرير السوري واللبناني، الذي كان في أيدي المسيحيين، فكيف باستطاعة أوروبا السيطرة, وخاصة فرنسا، فكان المخطط العمل على إذكاء الفتنة الطائفية وقتل المشتغلين بالحرير من تجار وصناع وبعدها يتم أخذ الشرانق وإلحاقها بليون التي هي مدينة صناعة الحرير وهذا ما كان، فصار قتل وتهجير للسوريين المسيحيين وطبعاً حاول أن يحميهم قدر إمكانه الأمير عبد القادر الجزائري في بيته وفي قلعة دمشق، فكانت هناك الكثير من المذابح والهجرة إلى لبنان ومصر وفلسطين وأوروبا، فمن يطلق عليهم المصريون لقب (الشوام) هم هؤلاء المهاجرون، الآن أحفادهم يعملون في حلج القطن وغزله، وأنا حصلت على هذه الفكرة بعد أن قرأت عنها بشكل أفضل بعد التسعينيات، لأنه ظهر كتب أكثر، ونسجت رواية تحدثت في فصول عن الحرير كما درسته، وفي فصول أخرى تحدثت عن عائلة أيضاً مختلطة دينياً وعاشت في 1860 وعانت من هذه الطوشة، وهي عائلة الأب مسلم، وهنا أشير إلى مسلمي دمشق الذين حموا المسيحيين، مثل عائلات العطار، دياب، العابد وغيرهم، وهذا دليل أن القصة ليست إسلام ومسيحية، وبعدها أشرت إلى أن مسيحيي حي الميدان تجار حبوب وليس تجار حرير، لم يعانوا من شيء ولم يتعرضوا لأذى، إذاً هناك شيء آخر، وهذا ما تحدثت عنه في الجزء الثاني من الرواية الذي عنونته (شآم الياسمين) فأسقطت أحداث اليوم والحرب التي نعانيها بسبب الغاز والنفط اللذين يحاربنا العالم كله من أجلهما حيث يشكلان عماد الاقتصاد السوري الآن، كما كان الحرير يشكل عماد الاقتصاد السوري في القرن التاسع عشر.
الحرير على لائحة التراث
< بناء على اختيار اليونسكو لمشروعك حول طريق الحرير، هل الحرير كمنتج مدرج على لائحة التراث؟.
<< بالتأكيد مدرج، وليس هذا فقط بل طريق الحرير أيضاً، ومن الأشياء التي اقترحتها في عام 2010 قبل الأزمة أن ننشئ قرية سياحية على مجرى العاصي يعيش فيها الناس كما يعيشون في قراهم، ونؤمّن لهم المدارس وكل وسائل العيش- طبعاً الأرض من الدولة- ونحيي من جديد تربية دودة القز وإنتاج الحرير، ونضع هذه القرية السياحية الحريرية على قائمة البرامج السياحية، خاصة وان السياحة كانت نشطة في الفترة الماضية، ويأخذون المنتج بسعر أرخص من دمشق أو حلب، وبهذه الطريقة ننشط إنتاج الحرير وصناعته، وقد قدمت هذا المقترح إلى وزارات الزراعة والصناعة والثقافة، لكن لم ألق جواباً سوى من وزارة الثقافة حيث اعتذروا بسبب عدم قدرتهم على تبني هكذا مشروع، بعدها حاول الأستاذ اسكندر لوقا أن يساعدني في الموضوع، لكن نشوب الحرب أوقف كل شيء.
< روايتك استندت على توثيقك لصناعة الحرير فقط أم دخلت في دهاليز وتفاصيل أخرى تتعلق بالحرير ومراحل إنتاجه وصناعته؟.
<< طبعاً هناك فصل في الرواية يتحدث عن مراحل إنتاج الحرير وصناعته بأسلوب روائي شاعري، فانا أحب دودة القز كثيراً، حتى أن غلاف الرواية هو عبارة عن دودة قز وضعتها على كفي وصورتها، فهذه الدودة ملمسها حريري، وقد تحدثت في فصل من الرواية كيف ينتج الحرير، وفي فصل آخر أربط بينهما، من هنا اقترح صاحب دار النشر الأستاذ موسى الخوري- وهو مترجم- أن نقول في عنوان الرواية حكاية تغزلها ريم الأطرش.
الجعيات الأهلية النسائية
< في هذه الحرب نشطت المرأة السورية كثيراً وكان لها دور كبير على أكثر من صعيد سواء عبر المبادرات أو الجمعيات التي مثّل بعضها المرأة السورية في الأمم المتحدة، وقدمت مطالب تتعلق بحقوق المرأة، وغيرها من الجمعيات. وهنا أسألك كسيدة لك حضورك الأكاديمي والاجتماعي أين أنت من هذه الجمعيات والمبادرات، هل فكرت في إنشاء جمعية أم كنت جزءاً من فريق عمل أم ماذا؟.
<< أنا لم أؤطر نفسي في أي جمعية أو فريق، خاصة وان العمل المدني عندنا لازال في مراحله الأولى، لم تتبلور رؤاه وملامحه بشكل جيد، ففضلت المشاركة في حال دعيت للمشاركة، ولكن بشكل مستقل وليس تحت أي مظلة، لأني شعرت عدم وضوح معالم هذه المبادرات، ومن ضمن مشاركاتي أني دعيت إلى اجتماع نظّمتْه (un-women) في بيروت وقد كان حول (نساء سوريات صانعات السلام) ولبّيت الدعوة، برأي وشخصية مستقلة، لا أنتمي إلى أي جمعية مبدئياً، وهناك قدمت رأيي باستقلالية تامة، وتحدثت عن فلسطين بالتحديد التي إذا أردنا حل أي مشكلة أو إنهاء أي حرب في هذا الشرق، شرق المتوسط، فيجب أن تحل أولاً قضية فلسطين بشكل عادل وليس كما يطرح كمشروع دولتين، خاصة وأن الكيان الصهيوني لايدع مجالاً لقيام دولة متواصلة جغرافياً لفلسطين، هي يجب أن تكون دولة واحدة منزوعة السلاح، مسالمة علمانية ديمقراطية، وبالتالي لن يكون هناك أي صراع في الشرق الأوسط، لأن القضية تكمن في قضية فلسطين.
< وكيف كان صدى هذا الطرح؟.
<< طبعاً لم يعجب هذا الطرح المسؤولين عن الملتقى، لكن أنا قلته بشكل واضح وصريح، حتى أن أحد المنظمين التابع للأمم المتحدة وهو سوري الأصل مقيم في الخارج، حاول أن لايسمح لي بالكلام عندما أطلب، بمعنى مَن هذه التي تتحدث عن فلسطين التي لا نريدها.
أيضا طرحت على النساء فكرة أن نؤسس لميثاق شرف بشكل واضح يمثلنا كنساء، تتعهد فيه المرأة بكل حالاتها(أم، أخت، زوجة، حبيبة) بالتأثير على شباب هذا الوطن أن لايتم رفع السلاح كسوريين مهما كان الموضوع بوجه بعضنا، ولا ضد الدولة إلى الأبد، وأن نخضع مشاكلنا للحوار- وهذا ما أقصده- طبعاً النساء اللواتي ذهبن من سورية استحسنّ الفكرة، لكن للأسف النساء السوريات القادمات من الخارج رفضن، وأنا تفاجأت أن تكون امرأة مع العنف، اعتدنا على أن النساء ضد العنف، لذلك ماحصل في هذا الملتقى أعطاني مؤشراً أن لا أؤطر نفسي في أي جهة.
أيضا عندما عقدت (منصة دمشق) شاركت كشخصية مستقلة، وقدمت رؤية لسورية أن تكون (ديمقراطية وعلمانية تعددية وتعليمنا علمانياً)، ووضع قانون انتخابات مقنع لأن قانون انتخابنا يوصل ممثلين (لا يمثلون الناس بشكل جيد)، فأعطيت تصوراً كيف يمكن أن تكون سورية دائرة انتخابية واحدة مع تحالفات لأحزاب صغيرة أو متوسطة على البرنامج السياسي، وهنا يمكن أن نعطي حضوراً للمرأة، بأن يمثل النساء النصف في قائمة الترشيح، ويتم الانتخاب على أساس البرنامج السياسي، وهذه القوائم تكون مغلقة، إضافة للنسبية، هذا الذي يعطي تمثيلاً أقرب إلى الحقيقة، إذا أردنا حل المشكلة.
< وإلى أي مدى أنت متابعة في هذه الاجتماعات التي دعيت إليها بحضورك فيها، والى أي مدى لديك رغبة المتابعة فيها أو مقتنعة بما يجري؟.
<< الحقيقة ليس كل شيء يمكن أن يقنع، وأحياناً هناك ناس لايوجهون الدعوة مرة ثانية، وهم أحرار في هذا، لذلك عندما يكون الإنسان مستقلاً حقيقياً لا يتأثر إذا لم يدع، لكن منذ فترة فوجئت بوجود اسمي في تجمع يطلق عليه اسم “التحالف النسائي لتفعيل قرار 1325” الذي أقره مجلس الأمن للمرأة، وللأسف أن اسمي أضيف للقائمة دون أن يؤخذ رأيي، ولم ادع فكيف أعطوا لأنفسهم الحق بهذا، مما يفقد هذا التجمع مصداقيته، وأنا اعترضت على هذا الموضوع فاعترفوا في البداية أنه اسمي، لكن فيما بعد أنكروا الأمر ونسبوه لسيدة أخرى من طرطوس، فطلبت منهم أن يميزوا بأن يضعوا اسمها الثلاثي أو الرباعي لتكون لهم مصداقيتهم، لكنهم لم يتجاوبوا، وأنا أحزن على هكذا تصرفات، خاصة وأن هذا القرار لدي تحفظات عليه، كقرار مجلس الأمن فيما يخص المرأة السورية، فكيف سأشارك في تجمع أنا لي تحفظ عليه، أو غير مقتنعة فيه.
< ولماذا ولم تتابعي معهم ويكون لك فاعليتك وتتحدثي عن تحفظاتك؟.
<< لأنهم جاوبوني أنها شخصية أخرى وليس أنا، قلت لهم الاسم الثلاثي، هم لم يدعوني فكيف يضيفون اسمي.
< ربما يكونون استندوا على مشاركاتك السابقة؟.
<< لا أظن لأنهن مدعوات بالاسم وموافقات، وهذا لا يعطيهم الحق والمصداقية، والسؤال الذي يطرح على أي أساس تم اختيار الأسماء وأنا ليس من مسؤوليتي تقييمهم وتصنيفهم.
تحديث الفكر العربي
< تحدثت عن سورية العلمانية وكنت قد ترجمت كتاباً بعنوان (ماهي العلمانية) مع أن كثيرين نظّروا لهذا المفهوم بأفكار أخرى منهم أركون وطرابيشي والجابري الذي ذهب بمنحى العقلانية بدل العلمانية، وسؤالي لماذا اعتمدت ترجمة العلمانية ولم تنجزي أبحاثاً خاصة بك يكون رأيك حاضرا فيه؟.
<< هذا كان مشروعاً لتحديث الفكر العربي برئاسة د. نصر حامد أبو زيد وعضوية نائبه د. جورج طرابيشي، فأحبوا أن يقدموا ترجمات لكتب محترمة ومتوازنة عن العلمانية ، فانا اخترت كتاب (ماهي العلمانية) الذي هو لـ (هنري بينا رويث) ونشر في دمشق عام 2005، والسؤال ماهي العلمانية: عندنا يقولون علمانية معناها إلحاد، لكن العلمانية ليست عقيدة، بل هي موقف الدولة الحيادي تجاه كل الأديان والعقائد السياسية وغير السياسية، الدولة يجب أن تضم كل الناس بصرف النظر عن وجهة نظرهم السياسية والدينية، وهذا ينطبق على التعليم، والدولة كيان لا ديني، ولا إيديولوجيا سياسية حزبية، هذه هي العلمانية، وإذا كان هناك من يزعجهم اسم علمانية، ويصفونها بالكفر، دون أن يفهموا معناها، وتعرضت لكثير من التشويه، فلنسمها كما سماها فرح أنطون وهو من رواد النهضة العربية، (حيادية الدولة) أو الحيادة.
< برأيك إلى أي مدى إنساننا يمتلك وعي أن يستطيع العيش ضمن هذا الإطار، وما يحصل الآن أكد على حالة من عدم الوعي عند إنساننا، وكيف يمكن لإنسان لا يملك هذا البعد المعرفي والفكري والوعي أن نحدثه عن العلمانية ونطبقها عليه؟.
<< المسألة تحتاج إلى تربية منذ الصغر، كالديمقراطية تماماً، ونحن علينا أن نقول لهذا المواطن إذا وضعنا قانوناً يطبق على الجميع، صغيراً وكبيراً، لأنه لا أحد كبير على القانون، والدولة تحفظ لك حقوقك في المواطنة المتساوية، ولكن ضمن حيزك الخاص أنت تمارس عقيدتك الدينية، وعقيدتك السياسية ضمن أحزابك، ، ماذا يضرك؟ في تصوري إذا أعمل العقل لن يرفض، كما قلت لك نحتاج لتوعية ووقت، وكما يقول المثل الألف ميل يبدأ بخطوة فلنبدأ.
> حاورتها: سلوى عبّاس