معرض “غرافيك ” في صالة الشعب
أكسم طلاع
يختلط الأمر عند البعض فيما يخص فن الحفر “الغرافيك”، ويذهب به الظن إلى الحفر هو الفعل الذي يتم بأدوات حادة التأثير في مواد معينة كالخشب والصخور والمعدن والحجر، بغية الحصول على أثر وظيفي أو استخدامي مثل الزخرفة على الكرسي أو بعض الأدوات القريبة من عالم النحت، لكن الأمر مختلف عن ذلك، فهو فن تحضير الكليشات ومن ثم الطباعة.
وقد استعمل الحفر أو الخدش على السطح منذ عصور قديمة ومن بداية معرفة الإنسان للفن، وقد قام الإنسان البدائي بالحفر على الصخور والعظام، كما عرف الصينيون فن الحفر من خلال استخدامه في عمل الزخارف الخاصة لطباعة الأقمشة بواسطة كليشات محفورة على الخشب ويرجع المؤرخون إلى سنة 868 قبل الميلاد حيث ظهرت أول صورة مطبوعة على الورق من لوح خشب محفور، كما عرفت أوروبا طباعة الأقمشة من اللوحات الخشبية في العصور الوسطى، ولم يتم تحقيق طبع أعمال فنية على الورق حتى القرن الرابع عشر.
أما غرافيك فتعود الكلمة إلى أصل لا تيني وتعني فن قطع أو حفر أو معالجة الألواح الخشبية أو المعدنية أو أي مادة أخرى، بغية الحصول على أسطح طباعية ذات تأثيرات فنية تشكيلية عن طريق طباعتها على صفحة واحدة يجتمع فيها كل العناصر من كلمات وخط وصور ولون بغية تحقيق التأثير والغاية.
استخدم العرب بعض أنواع الحفر الحمضي لزخرفة الأسلحة، وقد اكتسب هذا الفن ميزات فريدة عن سائر الفنون التشكيلية بطبيعته التي تحقق له الانتشار الواسع بين الناس والتأثير بالرأي العام من خلال مضامينه النقدية الاجتماعية ومتعته الوجدانية والجمالية.
يتميز فن الحفر في سورية بعدد الفنانين المشتغلين فيه، كما يتميزون بأعمالهم الفنية المتنوعة المواضيع وباحتلاله المكانة المرموقة بين الفنون التشكيلية العربية، مثلما تتميز كلية الفنون الجميلة بأساتذتها المتخصصين في فن الحفر “الراحل محمود حماد – مصطفى فتحي – غياث الأخرس – غسان السباعي – عبد الكريم فرج – على سليم الخالد ونبيل رزوق” هؤلاء الأساتذة الفنانون يشاركون في المعرض المقام حاليا في صالة الشعب للفنون الجميلة “صالة اتحاد الفنانين التشكيليين” وبمشاركة 15 فنانا منهم: “إحسان صطوف – نذير نصر الله – لينا ديب – قصي الشورى – شادي أبو حلا وشادي العيسمي ولين السمان وراما أبو غانم وكندة معروف”، قدموا أعمالا منفذة بتقنيات تنوعت بين الطباعة الحجرية والمعدنية والشاشة الحريرية واللينيليوم، وقد أكدت حصيلة المعرض على أن هذا الفن له المكانة البالغة الأهمية في حصيلة المنتج التشكيلي السوري ويحتل الموقع المتقدم بالرؤية والفكرة والتلقي.