ثقافة

رسالة حب للمعلمين والأمهات من طلبة المعهد العالي للموسيقا

يحيي طلاب المعهد العالي للموسيقا بموسيقاهم وغنائهم كل من فتح أمامهم منافذ الأمل لتحقيق أحلامهم بفعاليات احتفالية امتدت على مدى أربع أمسيات بعنوان “رسالة حبّ للمعلمين والأمهات” حملت رسائل محبة وسلام من خشبة مسرح مكتبة الأسد بالتعاون مع وزارة الثقافة.
وتبدو أهمية الأمسيات بإشراك طلاب المعهد من سنوات دراسية وأقسام مختلفة بالمشاركة بالمشهد الثقافي، والتواصل مع الجمهور ليقدموا نماذج من دراستهم الموسيقية. وفي الفعالية الثالثة التي خُصصت للموسيقا العربية،تنوع البرنامج بين الموسيقا والغناء، إذ قُدمت أنماط موسيقية مختلفة لقوالب الموسيقا الشرقية للسماعي واللونغا والسيرتو على آلات التخت الشرقي “العود والبزق والقانون والناي” وكان الرق الذي يمثل الضابط الإيقاعي القاسم المشترك بين عدة مقطوعات، كما حفلت الأمسية بأصوات جميلة غنت مقطوعات صعبة لعمالقة الطرب. واللافت هو الفروقات الفردية بين الموسيقيين مما أوحى بأجواء مسابقة خفية فيما بينهم، بإشراف أساتذتهم الموسيقيين المتخصصين بالتأليف الموسيقي والتوزيع.
ومن المشاركين أيوب الحلبي -اختصاص غناء شرقي -غنى بمرافقة العود “فجر” لرياض السنباطي وإشراف كمال سكيكر، وهي مقطوعة صعبة تحتاج إلى صوت قوي، وقد أظهر فيها تمكنه من الأداء والمقامات الصوتية لاسيما في المقدمة “أيها الساقي” إلى الامتدادات في اسقنا ثم اسقنا، لتقدم روضة كنايسي مقطوعة للعزف المنفرد على البزق للمؤلف جوكسيل باكتاجير سماعي حجاز كار كرد بإشراف محمد عثمان،غلب إحساسها بالآلة على تقنياتها ومضت دقائق عزفها بنغمات تعكس جمالية المقام، في حين قدم باسم الجابر-اختصاص بزق-تجربة مختلفة للعزف على البزق بمشاركة الرق بمقطوعة بدت فيها الحركة الموسيقية أكثر سرعة لمحمد عبد الكريم سماعي عجم عشيران أكثر المقامات العربية قرباً من مقام الماجور الغربي من حيث اللحن، أما ليفون عباجيان –اختصاص غناء شرقي- فكان متمكناً من الوقوف على المسرح كونه شارك سابقاً بأمسيات ضخمة على مسرح الأوبرا، وفي هذه الأمسية غنى مقطعاً من “أين حبي”- حبيبي لو يناديني، أموت فداء عينيه_ لرياض السنباطي بإشراف كمال سكيكر، بمرافقة العود والدف ورغم جمالية صوته إلا أن نجاحه السابق بالغناء الكنسي ربما طغى على هذه التجربة، وقدم نوار زهرة –اختصاص عود- مقطوعة ثانية للمؤلف الموسيقي جوكسيل باكتاجير بإشراف محمد عثمان، واللافت ما قدمه خالد هلال –اختصاص ناي- بإشراف الموسيقي البارع بالعزف على الناي إبراهيم كدر، والذي قدم مشاركات هامة مع الفرق الموسيقية الكبيرة والصغيرة بالصولو والعزف الجماعي بعزف هلال المقطوعة الجميلة والشهيرة جداً” لونغا شهناز” لأدهم أفندي اللحن التركي والمتميز بحركة موسيقية رشيقة وسريعة ولحن راقص، ليقدم عبد الملك إسماعيل –اختصاص غناء شرقي-مقطعاً من كروان حيران لمحمد عبد الوهاب بتنغيمات طربية مصرية بإشراف كمال سكيكر، كما أشرف عازف القانون عمران عدرة الذي كانت له مشاركات هامة أيضاً على نمطين موسيقيين مختلفين، الأول لماهر خضرو-اختصاص قانون-لونغا حجاز لجوكسيل باكتاجير، والمقطوعة الأجمل لحكم خالد- اختصاص قانون- بمرافقة الدف  لجوكسيل باكتاجير سيرتو نهوند،وهو قالب موسيقي آلي متصف بسرعة الجملة الموسيقية وانتقالاتها المتنوعة، لتختتم الأمسية بمشاركة بلال الجندي –اختصاص غناء شرقي- بإشراف كمال سكيكر بغناء الموال الشهير”ولو” لوديع الصافي الذي يبدأ بطبقة هادئة ثم يحتاج إلى طبقة صوت قوية وذات مساحة كبيرة، وكان الأقرب إلى ذائقة الجمهور لتمكنه من الأداء والتواصل معه  بغنائه”طلوا حبابنا طلوا” وقد درجت العادة أن يقدم طلاب المعهد حفلات دورية في كل عام لكن في هذا العام جاءت مختلفة وعلى نطاق أوسع على مسرح مكتبة الأسد، ورغم صغر المساحة المحددة للمشاركين إلا أنها أعطت فكرة عن النمط الموسيقي والأداء.

بناء شخصية الموسيقي
وأوضح المايسترو عدنان فتح الله أن هذه الأمسيات ضرورية لتمكن العازفين الطلاب من العزف المنفرد لمقطوعات صعبة ذات تقنيات عالية أمام الجمهور.
أما المايسترو أندريه معلولي فبيّن أن خطة المعهد العالي التربوية والتعليمية مسؤولة عن تلقين الطلاب العلوم النظرية والتقنية، وعن بناء شخصية الموسيقي من خلال وجوده على المسرح وتواصله مع الجمهور لبناء شخصية موسيقية متكاملة، وأن هذه الأمسيات تشكّل حافزاً قوياً لإيجاد روح المنافسة الشريفة بينهم، وبأن الطلاب أثناء المرحلة الدراسية يتعرفون إلى مختلف المدارس والأنماط الموسيقية ككل، ليختاروا المجال المناسب للتخصص بعد التخرج، أما عن مستوى الطلبة والفروقات الفردية فأضاف بأنه يعود إلى أن الطلاب من سنوات دراسية مختلفة..إلا أنهم جميعاً قدموا نماذج هامة بإتقان،وسيكونون في المستقبل موسيقيين موهوبين يتابعون مسيرة المعهد باسم سورية.
ملده شويكاني