يوسف المقبل: المسرح السوري رقم صعب
في يوم المسرح العالمي الذي يحتفل به كل مسرحيو العالم في 27 آذار من كل عام لم يكن بوسع الفنان المسرحي يوسف المقبل في بداية محاضرته التي ألقاها مؤخراً في مركز ثقافي العدوي بهذه المناسبة، إلا أن يستذكر آباءنا المسرحيين الذي مهَّدوا الطريق لنا وحققوا بعضاً من حلم أبي المسرح السوري والعربي ومنهم جدّنا أبو خليل القباني، الذي قال بعد أن أحرق المتشددون مسرحه في الشام معتبرين المسرح كفراً وزندقة وقبل أن يغادر إلى مصر: “أتمنى أن يأتي يوم يصبح فيه المسرح ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية في الشام”.
محكومون بالأمل
كما استذكر المقبل الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس الذي كتب كلمة يوم المسرح عام 1996 محذراً فيها من الخراب الذي سيعمَ العالم يوماً، وقد ختمها بمقولة تشبه مقولة القباني إذ قال ونوس: “ما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ لأننا محكومون بالأمل”.. ومن هذا الأمل تمنى المقبل كمسرحيّ أن لا يأتي يوم يحرق فيه الفكر الوهابي التكفيري مسارحنا ويضطرنا لمغادرتها وبذلك سيتسيد الفكر العفن، ولكي لا يحدث هذا ينبغي دعم هذا المكان كي لا يهجره أبناؤه، خاصة وأن هناك من يعتبر المسرح مكاناً للتسلية والترفيه.. من هنا يطلق المقبل صرخته “أنقذوا المسرح”. وبيَّن المقبل أنه إذا عدنا إلى بدايات المسرح السوري الرسمي مقارنةً ببدايات المسرح العربي نرى أن المسرح السوري كان من أوائل المسارح العربية، أما على صعيد الفرق والأندية الفنية الخاصة فإن المسرح في سورية لم يتوقف، وكان على الدوام من أهم المسارح العربية من حيث الصيغ النصية والمقترحات الفنية، وقد شكَّل المسرح السوري حضوراً لافتاً في المهرجانات المسرحية العربية، ويأتي مهرجان دمشق المسرحي والذي يعتَبَر من أقدم المهرجانات المسرحية العربية رافداً مهماً للمسرح السوري وتعزيز دور المسرح في نهضة المجتمع السوري، حيث قُدِّم فيه الكثير من النصوص المسرحية العالمية التي تعتَبَر من كلاسيكيات المسرح، وأيضاً ساهمت هذه المهرجانات في نهضة المسرح السوري وفي تكريس مجموعة من كتّاب المسرح كسعد الله ونوس وممدوح عدوان ووليد إخلاصي ومحمد الماغوط، وأشار إلى أن مهرجان دمشق المسرحي أيقونة المهرجانات العربية وقد توقف في التسعينيات بعد غزو العراق للكويت، ليعود مرة أخرى بانطلاقة جديدة دولية عام 2004 وليكون أحد المهرجانات المسرحية المهمة والتي كانت دائماً هدفاً مهماً لكل مسرحي عربي ليقدم أفضل ما لديه من مقترحات فنية، وأوضح المقبل أن الحركة المسرحية في سورية شهدت مجموعة مقترحات فنية مع بداية تخريج أول دفعة من المعهد العالي للفنون المسرحية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ساهمت في تطوير الحركة المسرحية، وكانت مشاركاتها في المهرجانات العربية والدولية مهمة ومميزة، إضافة إلى حركة مسرح الهواة من شبيبة وعمال وجامعة وقد شكلت رافداً مهماً للمسرح القومي والمعهد العالي للفنون المسرحية.
المسرح والحرب
أما في فترة الحرب التي تُشن على سورية فإن المسرحيين السوريين -كما أشار المقبل- أصروا على أن يدافعوا عن وطنهم بالطريقة التي يتقنونها، فلم تتوقف الحركة المسرحية ولكن الحرب وويلاتها انعكست على طبيعة العروض والأفكار التي كانت تتناولها، فلم يخلُ عرضٌ مسرحي من تأثيرات الحرب، وكانت بعض التجارب مهمة، وفي بداية الحرب لم يكن للمسرح السوري مشاركات خارجية عربية ودولية، ولكن فيما بعد بدأت تدعى الفرق المسرحية إلى الفعاليات والمهرجانات بعد أن اكتشف القائمون على هذه المهرجانات أن المسرح السوري رقم صعب في اللوحة المسرحية العربية. وبعيداً عن الحرب التي يعيشها الوطن عموماً رأى المقبل أن المسرح السوري يعاني من قلة الدعم ولذلك فإن الكثير من مهرجانات الهواة المهمة، والتي كانت تكمل اللوحة المسرحية السورية توقف، ولا يرى أي مبرر لتوقفها، ودعا من خلال صحيفة “البعث” إلى إيلاء المسرح اهتماماً أكبر حتى لو تم تغيير بعض القوانين المالية القديمة التي تعيق عمل المسرحيين.
أمينة عباس