ثقافة

معرض الربيع السنوي فرصة لإظهار مواهب الشباب

شهد خان أسعد باشا الذي يتوسط دمشق القديمة حضوراً واسعاً من الفنانين والنقاد لافتتاح معرض الربيع السنوي في مجال التصوير والنحت والغرافيك والخزف للفنانين الشباب ممن هم دون سن الخامسة والثلاثين، بهدف تشجيعهم وإتاحة المجال أمامهم لإثبات وجودهم من خلال اعتماد نظام الجوائز للمرة الأولى، حيث تم تخصيص جائزة كبرى في مختلف صنوف الفن التشكيلي وثلاث جوائز لكل اختصاص.

معرض متنوع

تميز المعرض –الذي تقيمه مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين- بتنوع أعماله بمختلف مناحي التشكيل، لتكون هذه الأعمال بمثابة بداية الطريق الفني للشباب الذين عبروا عن أحاسيسهم ومشاعرهم عبر لوحاتهم، وفي تصريحه أكد معاون وزير الثقافة علي المبيض أن معرض الربيع السنوي تجربة ناجحة، وفرصة للفنانين الشباب في إظهار مواهبهم وأعمالهم الفنية التي تعكس تنوعاً في الشرائح المشاركة من حيث الأفكار والمواضيع والأساليب، والمعرض من أهم الفعاليات التي ترعاها وزارة الثقافة بهدف تحفيز المواهب الشابة من خلال الفن الذي يعتبر أحد أوجه الثقافة، وللانطلاق نحو مستقبلهم في عالم الفن التشكيلي، ومن أحد أساليب الدعم هي الجوائز التشجيعية للأعمال المتميزة في المعرض حيث تم اختيارها من قبل لجنة فنية مختصة وفق معايير تشكل دعما معنوياً للمشاركة في المعارض القادمة.

تجارب واعدة

بدوره قيّم د.إحسان العر رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين معرض الربيع السنوي قائلاً: الفن عند الشباب دليل على وجود جيل سوري أصيل، وهناك بعض التجارب الشابة تضاهي أعمال بعض الفنانين الكبار، من خلال التقنية المستخدمة من حيث موضوع ومضمون العمل، وكلها تجارب نشيطة وأغلبها واعدة، والمشاركة في المعرض هي تجربة مهمة بحد ذاتها تمنحهم الخبرة.

جوائز تشجيعية

في السنوات الماضية كان يقام معرض الربيع للشباب دون سن الأربعين، وقبل عام أصبح المعرض مخصصاً للفنانين الشباب دون سن الـ 35، وعن أهمية هذه التظاهرة قال مدير مديرية الفنون الجميلة عماد كسحوت: الغاية من معرض الربيع هي لفت الانتباه إلى هؤلاء الشباب المهتمين بالفن، وتقديمهم إلى الناس بطريقة جيدة تليق بهم، والجوائز المقدمة هي عبارة عن تحفيز للشباب لتقديم أفضل ما لديهم، ونحن داعمون أساسيون لهم من خلال المعارض واقتناء أعمالهم. وأضاف كسحوت: كل الفنانين المعروفين قدموا أنفسهم في معرض الخريف والربيع، لذلك يجب على كل فنان شاب أن يقدم نفسه من خلال معرض الربيع ليستمر ويمثل الفن التشكيلي السوري.

إشكاليات واقتراحات

ومن ناحية تقييم معرض الربيع قال عضو لجنة التحكيم الفنان التشكيلي والناقد طلال معلا أن العمل يقيّم بالقياس إلى نفسه وليس مع فنانين كبار لهم تاريخهم الطويل، وإشكالية المعرض تكمن في أن الشباب يذهبون إلى المواضيع مباشرة، فيما يجب عليهم التوجه إلى التشكيل وجمالياته، وهذا الأمر لا يتنافى مع المذاهب والمدارس من حيث الواقعي والانطباعي والتجريدي، بمعنى أن اللوحة يجب أن تكون متكاملة من الناحية التشكيلية وذات شخصية.

واقترح معلا تقديم كلية الفنون لنصوص أدبية حول أشياء يمكن أن يعمل عليها الشباب، بمعنى آخر أن يتحول هذا المعرض إلى صالون شباب في جزء منه تجريبي وورش مباشرة مع فنانين مختلفين حول موضوعاته، وبعدها يتم تنفيذ أعمال للشباب في نفس الإطار، وهكذا نرى القيمة التجريبية عند الشباب ويمكن أن تضيف شيئاً للكبار.

وأضاف معلا: يجب التوجه إلى الوسائل الحديثة المعاصرة في الإبداع، فالمعرض يفتقد إلى أفلام الفيديو أو أعمال تركيبية وهي أجزاء من الفنون المعاصرة بشكل عام فالصوت والضوء وكل هذه الموضوعات البصرية أصبحت مطروحة لدى المجتمعات المتقدمة، لذلك لا يلق اللوم على الشباب وإنما أيضاً على القائمين على هذه الأعمال.

مشاركات الشباب

شارك الفنان إياد نصيرات الحائز على جائزة المعرض لأعمال الغرافيك تحدث عن مشاركته قائلاً: قدمت عمل غرافيك طباعة حجري بعنوان “سوناتا الرابعة”، وقد حاولت أن أضيف لغة بصرية رابعة للغة السمعية المكونة من 3سوناتات –النمط، والسرعة، والقالب- استطعت من خلالها تقديم حالتي الحسية لعملي. والجائزة ليست الأولى التي يحصل عليها نصيرات فيقول: حصلت على جوائز عديدة في المعارض السابقة وجميعها حوافز مشجعة لأبقى مواظبا على تقديم  أفضل ما لدي.

خيار شخصي وذاتي

وحاز الفنان أحمد طلاع على الجائزة الكبرى في معرض الربيع في مجال التصوير الزيتي فقال: إن المشاركة في المعرض بحد ذاتها هي عمل منافس يميز هوية وتجربة الفنان الذي يقف الآن على أولى عتبات المشروع الفني، وفي المعرض يظهر خيارنا الشخصي والذاتي الذي نطمح من خلاله لحالة اختلاف تجاه الجمال، والعمل الذي قدمته هو رؤيتي من ناحية اللون والخط والقيمة البصرية والموقف.

الفوضى

وقدم الفنان سامي الكور لوحة تصوير زيتي استخدم فيها الإكريليك على سطح اللوحة والفحم  فيقول عن مشاركته: المعرض هو بمثابة تجمع تشكيلي يضم مجموعة من تجارب الشباب، وملتقى ليرى الجمهور أعمال الفنان خارج المرسم ويفسح فرصة لتبادل الآراء. شاركت بلوحة تصوير تحكي عن الفوضى وتناقضات الحياة والواقع الذي نعيشه، فالفنان لا ينفصل عن الواقع، والفن هو مرآة المجتمع وله تأثير وانعكاس على اللوحة بصورة واقعية ومباشرة.

الأنثى

من جهتها قدمت خولة العبد الله لوحة بعنوان “سقطت عمداً” تجسد فيها صورة لفتاتين غارقتين لم يفارقا الحياة، الأولى هي الأم في إشارة لسورية، والثانية طفلة “أولاد سورية”، وتبعث من خلال لوحتها رسالة عبر قارب ورقي يحمل فنجان قهوة مرة مقلوب إلى الدول العربية بأننا لا نريد منكم شيئاً. وجمعت الفنانة سلام الأحمد بعمل زيتي واحد غموض الأنثى والفراشات التي تحب الضوء حولها. وشاركت خريجة الفنون الجميلة صبا رزوق ببورتريه للأنثى التي تعتبرها العنصر الأساسي بكل لوحاتها، لأنها المعبر الأول عن أي فكرة أو موضوع من خلال وجهها والقوة والضعف والحب والحنين مستخدمة ألوان الأكريليك.

جمان بركات