ثقافة

محمد سمير طحان: الهم الذي يشغلني سينمائياً هو الإنسان السوري

لم يكتف بالنجاح الذي حققه في عمله في الوكالة السورية  للأنباء “سانا”، بل يعانق الصحفي محمد سمير طحان مجالاً آخر بكل ثقة هو عالم كتابة السيناريو السينمائي والإخراج، ويدخله محملاً بالطموح والرؤى الجديدة والمختلفة، ويسخر لها خبراته كلها، داعياً الجميع للوقوف بعد عمليه “اللعبة ” و”الدمية المحاصرة” أمام “إشارة حمراء”  ثالث أعماله، وعن تفاصيل دخوله إلى هذا العالم الساحر وعن تجربته الإخراجية الأخيرة يحدثنا طحان:  لطالما كانت السينما حلمي السحري البعيد الذي كنت أعيشه بيني وبين نفسي وأعبر عنه من خلال الرسم الذي كان عالمي السينمائي الخاص، على أمل أن تحدث المعجزة وتفتح أمامي ولو نافذة لدخول هذا العالم الساحر.

بداية التجربة
وعن أسباب سعيه لتحويل حلمه إلى واقع وشاشة؟ يخبرنا  طحان قائلاً: بدأت الفكرة مع مجموعة من الزملاء المصورين في وكالة سانا بعد أن افتتحوا مركزاً للتصوير خاصاً بهم، وكان لديهم رغبة في دخول مجال الأفلام القصيرة بنوعيها التسجيلي والدرامي فاشتعلت في رأسي عدة أفكار ليكون خيارنا الأول فيلماً درامياً قصيراً بعنوان “اللعبة” مدته حوالي 12 دقيقة  يتحدث عن فتاة فقدت حبيبها نتيجة الحرب على سورية فأضحت لعبة تتقاذفها الرياح العاتية في كل الاتجاهات، لتخرج بعدها من ضعفها وتمارس دورها كسيدة متوجة على عرشها، من خلال رؤية فنية تعتمد الأداء التمثيلي الإيحائي والرقص التعبيري كحاملين أساسيين للفيلم ضمن قالب واقعي منطقي يجسد أبطاله الأحداث من خلاله.

اللعبة
وفيما يخص المشاكل التي واجهته في “اللعبة” يلفت طحان إلى أن المشكلة الأكبر في تنفيذ الفيلم كانت في عدم وجود ميزانية إنتاجية أو جهة منتجة، وعدم توفر مكان التصوير الذي من المفروض أن  يكون مسرحاً بشروط فنية مناسبة، وقد  تغلبنا عليها من خلال تقديم إدارة وكالة سانا ممثلة بالأستاذ أحمد ضوا مشكوراً التسهيلات اللوجستية لنا عبر مخاطبة وزارة الثقافة ودار الأسد لنصور على مدى يومين في صالة الدراما، لكن ذلك تطلب الانتظار لمدة ستة أشهر لتوفير حجز الصالة لنا ضمن جدول أعمال الدار، وتمكنا من تذليل هذه العقبة بتعاون القائمين على الدار، كما واجهتنا مشكلة أخرى تمثلت في عدم تقاضي أبطال الفيلم لأي أجر مادي، وهذه المشكلة تغلبنا عليها من خلال التعاون مع (الممثل فادي شاعر الذي تولى مهمة المخرج المنفذ، مادونا حنا ورولا طهماز ووفاء حسين، والراقصين أيهم مؤمنة ومروى العيد، والموسيقي سليمان شبلي، والزميلة أريج نكد التي قامت بمونتاج الفيلم)، وبذلك أنجز الفيلم بعمل جماعي متكامل بعد عامين من العمل والانتظار لتخطي الكثير من العقبات. ويبدي طحان سعادته لأنه لأول مرة منذ انطلاق مهرجان الأفلام القصيرة و سينما الشباب تفتح المؤسسة العامة للسينما الباب لمشاركة أفلام من خارج إنتاجها لتعرض على هامش المهرجان ضمن تظاهرة أفلام لأول مرة  وعندها تقدمت بفيلم “اللعبة ” للمؤسسة وتم قبوله و كانت فرصة جميلة و هامة لنعرض فيلمنا لأول مرة في الصالة ذاتها التي صور فيها أمام محبي السينما و المهتمين و المختصين بها.

إشارة حمراء
ولم يكن (اللعبة) العمل الوحيد لطحان ففي الوقت الذي كان يحضر له، كتب فيلم (الدمية المحاصرة) الذي نال جائزة مسابقة سيناريو سينما الأطفال الأولى التي أطلقتها المؤسسة العامة للسينما عام 2015، والذي لم يصور حتى الآن على أمل أن يدرج ضمن خطة إنتاج المؤسسة قريباً، ومؤخرا قام بتصوير فيلم “إشارة حمراء” الذي نال عنه منحة إنتاج ضمن مشروع دعم سينما الشباب في عامه الخامس والذي جاء في المرتبة الأولى بين السيناريوهات الثمانية المقبولة، ويتحدث فيه عن حلم طفل مهجر بدخول عالم الموسيقا الساحر، إلا أن الواقع بقسوته يقصيه بعيداً عن حلمه الجميل، ويبين طحان: حاولت من خلال هذا الفيلم الذي سيشارك العام القادم ضمن مهرجان سينما الشباب تقديم رؤية فنية خاصة بعالم الطفولة، وتعاونت مع ممثلين مختصين بالتعامل مع الأطفال ويحملون هاجساً فنياً إنسانياً هاماً هم (وئام الخوص وغسان الدبس وتماضر غانم والطفل ربيع جان الذي كان بطل الفيلم).

سينمائي وصحفي
ولأن السينما مسؤولية ورسالة يؤكد طحان: الهم السينمائي الذي يشغلني هو الإنسان السوري في هذه الحرب بكل ما يعيشه من انكسارات وخيبات، وبكل ما يحمله من أمل وإصرار على تغيير الواقع الصعب، ولدي حاليا عدد من سيناريوهات الأفلام بأساليب سينمائية متنوعة والتي تنتظر الفرصة للخروج إلى العلن، كما اعمل على كتابة مسلسل درامي يتطرق لخط درامي جديد لم يتناوله احد من قبل ويسرد الألم السوري بأسلوب بعيد عن القالب الإخباري المباشر في طرح الجراح ليكون نافذة أمل في نفوس الناس، وأشير هنا إلى أن عملي الصحفي لا ينفصل عن عملي في الكتابة فهاجسي أيضاً هو الإنسان المبدع وقدرته على خلق واقع أكثر انسجاماً مع إنسانيتنا وفتح طاقات نور في نفق الظلمة، لذلك مازلت أركز على تسليط الأضواء على التجارب الثقافية الهامة على كامل الجغرافيا السورية وعلى اختلاف الشرائح، ولم اكتف بمن يعمل ويبدع داخل الوطن، بل بحثت وتواصلت مع عدد كبير من المبدعين السوريين الوطنيين الذين يحملون سورية في قلوبهم ووجدانهم في بلاد المهجر، وأنجزت عدداً كبيراً من الحوارات الثقافية والفنية في مختلف المجالات، واعمل حالياً على تجميعها في كتب متخصصة بالتعاون مع زميلي الصحفي سامر الشغري وبدعم من الأستاذ احمد ضوا لتكون رافداً للمكتبة الثقافية السورية، ومواد توثيقية لما يحدث خلال هذه الأزمة الخطيرة.

يبقى الأمل
ورغم كل ما حدث لبلدنا من دمار وخراب -كما ذكر طحان – فإن قدرتنا على العمل والانجاز تبقى أكبر وأقوى، ويبقى الأمل بمستقبل أجمل وأفضل هو الحقيقة الأساسية التي لا يمكننا التخلي عنها لنستحق الحياة فوق هذه الأرض المباركة، بما تحمل من ارث حضاري وإنساني لا ينكسر ولا يختفي  فنحن نؤمن أن سورية باقية ونحن باقون وغير ذلك إلى زوال.
لوردا فوزي