ثقافة

الرواية.. حضور مرن

لوردا فوزي

أثناء توقيع روايتها “شآم الياسمين” منذ بضعة أيام لم تخف د.ريم الأطرش أن أحد أهم أسباب انتشار جزء روايتها الأول هو بثها كتمثيلية إذاعية على إحدى الإذاعات السورية التي تحظى بمتابعة وانتشار كبير وهي إذاعة (شام إف أم)، فعلى الرغم من مكانة الكاتبة المرموقة الاجتماعية والأدبية، لم تر ضيراً بأن تقر بذلك لأنها تعلم أكثر من غيرها حال العلاقة المترهلة التي أصبحت تربط بين القارئ والكتاب، لأسباب مختلفة مادية أو ثقافية أو غيرها، فالانتشار الذي حققته روايتها الأولى عبر تمازجها مع الإعلام الإذاعي يثبت بأن حتى تلك الكلمة الجيدة والقيمة هي بحاجة لوسيلة توصلها لجمهور عريض ما إن يتعلق بأول خيوطها ويكتشف سحرها حتى ينتظر سماع البقية، وبذلك تكون الإذاعة قد منحت تلك الرواية الجميلة فرصتها للظهور.

التزاوج بين الرواية والإعلام بمختلف وسائله حقق نجاحاً مثمراً لكلا الطرفين، ولا نعلم في الحقيقة عند مقارنة المكاسب كفة أيهما سوف ترجح؟ ففي ميدان الرواية نشهد علاقاتها “الاجتماعية” مع عدد كبير من الأفلام السينمائية، حيث قام عدة مخرجين وكتاب بتحويل بعض الروايات الشهيرة إلى أفلام لاقت إقبالاً كبيراً بالاعتماد على شهرة تلك الرواية، كما لا يمكن إلا أن نقول أننا سمعنا لأول مرة برواية ما بسبب اعتماد أحداث فيلمنا المفضل على تفاصيلها، بالطبع مع اختلاف وجهات النظر والآراء التي تنقسم بين رفض فكرة تحويل الرواية إلى واقع يقتل الخيال، وبين من يحبذ أن يخرج أبطال الرواية ويصبح لهم وجوهاً ونظرات نراها عبر السينما، وبالطبع هذه الآراء المتضاربة بين التأييد والرفض لنقل الرواية من حيز الحرف والكلمة إلى حيز الشخوص أصابت أيضاً علاقة الرواية بالتلفزيون الذي اقتبس عنها عدة مسلسلات درامية نسجت حبكتها بالاعتماد على روايات محلية وعالمية، فقدمت لنا نسخة تلفزيونية جيدة للرواية، أو ربما نسخة مشوهة في بعض الأحيان.

ترتدي الرواية “المرنة جداً” حلة جديدة في كل مرة، وترفض أن تفارقنا وتجد على الدوام أدواتها في كل زمان، فـنغفو عليها حيناً في حكايات الجدات والأمهات ونقرأًها حيناً حبراً على ورق بين دفتي كتاب، كما أنها تطل تارة من خلال فيلم أو تتسلل في هيئة درامية إلى منازلنا، أو ربما يتسرب صوتها إلى أرواحنا في تمثيلية إذاعية، فكيف نرد شيئاً جميلاً عن التغلغل في ثنايا القلب؟! وكيف لا نسعد بأن جلالة “الرواية” متمسكة بنا إلى درجة التماهي في قالب آخر فقط كي تجذب انتباهنا..