ملتقيات وأبعد ..
أكسم طلاع
يشهد المشهد التشكيلي السوري هذا الصيف نشاطا مختلفا عن الأعوام السابقة في الملتقيات الفنية التشكيلية من حيث العدد والنوع وتوسع الخارطة، لتشمل محافظات جديدة تقيم هذه الملتقيات الفنية، وأضحت منافسة للعاصمة ومتقدمة على بعض ما يقام فيها من خلال النتائج التي حصدتها هذه الملتقيات في سوية الأعمال والإقبال الجماهيري والتعزيز الرسمي الداعم لها.
البداية من ملتقى السلام والمحبة الذي أقيم في اللاذقية في شهر حزيران وشارك فيه ثلاثون فناناً سورياً منهم المصور الزيتي والنحات، وضم عدداً من الأسماء المهمة والحاضرة في المشهد التشكيلي بتجاربها اللافتة، وقد قدم الفنانون عدداً من الأعمال التي عاد ريعها لعدد من الجهات الراعية للملتقى ولذوي الجرحى والشهداء، كما رافق جمهور اللاذقية فعاليات الملتقى بشكل يومي من خلال الزيارات التي يقوم بها بعض طلبة كلية الفنون الجميلة بجامعة تشرين، وطلبة المعاهد الأخرى المتخصصة والأهالي وبعض المصطافين الذين يقضون أوقات الراحة والاستجمام في الساحل السوري، هذه العلاقة القريبة بين الجمهور والفنان وفرت فرصة حقيقية لتحقيق أحد أهم أهداف الملتقيات، وهي جعل المتلقي شريكاً وقريباً من مراحل إنجاز العمل الفني، ومحاوراً ناقداً للفنان، ومرافقاً لعملية تنفيذ العمل النحتي الذي تحوّل من مادة الخشب “الخام” إلى مادة تعيش فيها الروح وتتجسد عبرها فكرة الفنان النبيلة.
واللافت في هذا الملتقى هو إدارة هذا النشاط الكبير وتأمين مستلزمات نجاحه، فقد استطاعت وزارة السياحة أن تؤكد دورها الثقافي المتقدم من خلال تبنيها فكرة الملتقى، وقد نجحت في تحقيق منتج ثقافي وترويجي نوعي، مما جعل منها شريكا منافساً وحقيقياً في إنتاج ورعاية اللوحة والمنحوتة، المنافسة لمنتجات العديد من الملتقيات الأخرى التي ترعاها وتقيمها مؤسسات الاختصاص في وزارة الثقافة واتحاد الفنانين التشكيليين.
ذات الأمر ما تقوم به وزارة التربية التي تتصدر أنشطتها الفنية من خلال مراكز الفنون التشكيلية رافدة المشهد التشكيلي بأهم عناصره وهو الإنسان الفنان، وقد أضافت على ذلك رعايتها للملتقيات الفنية، وآخرها ملتقى النحت على حجر البازلت الذي أقيم في مدينة السويداء وحقق نتائج فنية طيبة. ويقام حاليا ملتقى فنياً وثقافياً في مشتى الحلو يضم فنون النحت والتصوير والموسيقى والغناء ما يضيف للحراك الثقافي والسياحي الكثير، واللافت أن عدد الجهات الراعية والداعمة لهذه الفعالية يحمل من المؤشرات الإيجابية الكثير، ويؤكد على دور جميع الفعاليات الرسمية والاقتصادية في دعم إنتاج ثقافة الجمال والفن، ويدعونا ليقين دور الثقافة العميق في إنبات أوراق جديدة عامرة بالخضرة والنماء، ورافد حيوي لقيم الحياة السورية المنتصرة والمنتجة للحضارة المترفة بالجمال والحب، فالجميع شركاء في خلق الجمال والدفاع عنه، ولنا في هذه البلاد الكثير مما نحب، ولها منا ما يليق بأبنائها وشهدائها.