ثقافة

حرب الدراما الخليجية الواقعية!

تمّام علي بركات

الحرب الدرامية الإخبارية التي استعرت أوراها منذ قرابة الشهرين، ودخلت بقوة وزخم حلقتها الـ 90 بما يجعلها تذهب لتنافس الدراما المكسيكية وغيرها من أعمال دراما حياكة “الكنفا” وحلم الناس بعوالم مشابهة لعوالم لميس ومهند، الحرب الدرامية الإخبارية التي تدور رحاها عند”الأشقاء” بين الإعلام السعودي وتوابعه، والإعلام القطري وتوابعه أيضا، هذه الدراما بأنواعها الكوميدية والتراجيدية و”التراجوكوميدية” أو الكوميديا السوداء كما عرفها المسرح الأوروبي، تجعل أي دراما اجتماعية تلفزيونية مهما كان نوعها أو أي نوع آخر من البرامج المنوعة التي تبثها محطة ما، باهتة ولا تقارن بالأحداث الخليجية المتصاعدة في وتيرتها وتضيق حبكتها حتى تصل إلى ما يسميه أهل الدراما “الذروة”، فالأحداث تكرج بسرعة كرة نار ملتهبة في منحدر عشب يابس، ومن المعروف عند أهل الدراما أيضا، أن الوصول إلى “الذروة” يعني بداية الانحدار الدرامي، المكاشفة، الإعلان والإشهار ومن ثم الخاتمة، وهي أيضا متنوعة بتنوع الأحداث، وهذا الانحدار منها–أي الذروة- سيكون مكلفا وكثيرا لـ “لأشقاء”، الذين لا نتمنى لهم رغم دورهم الكبير في الحرب علينا إلا أن يتنازلوا عن هذا الطبع الحاقد، وأن يثوبوا للعقل، أو على الأقل أن يتحضروا كما حضّر الغرب مدنهم، لا أن تكون لديهم مدن ذكية وهم ما زالوا من عشاق شوي “الضب” حيا، وتعليب بول الجمل ثم الترويج له عبر تكنولوجيا الاتصالات–لاحظوا المُنتج وطريقة التسويق!” ترفعوا يا أيها الأعراب كما العرب حقا عن الخزايا والرزايا، عن المكائد التي باتت حياكتها معلنة وعلى شاشات التلفزة، وكل من يريد صار له أصبع يضعها في هذه الطبخة الشائطة سلفا، وما على “أبناء العم” بل حكامهم وأنظمتهم القبلية، إلا الدفع من دماء شعوبهم مرارا وتكرارا لحماية عروشهم وعمالتهم، وكم ينطبق المثل الشعبي “رزق الهبل على المجانين” على الحال السائد بين “الكوبوي الأزعر” والمستعربين حسب الحاجة!.
الخطير في الدراما الخليجية الواقعية السائدة الآن، أنها تدل بشكل قاطع على أن القبلية هي التي تحكم هذه الرمال المتناحر عليها لصالح السيد، لصالح الملك، من يرضي السيد “كوبوي” قاتل الهنود ومبيدهم، هو الأكثر “عنترية” باستعراض ما لديه من ضروب خسة، فتارة حديث مسجل لميت يصحو ويقول شهادته ثم يعود إلى موته مرة أخرى، وتارة حقد يأكل قلب صاحبه يجعل من “الغدارة” أو الخنجر، مستعد وفي أي لحظة للطعن، هذا واللحم واحد، لكنه الوصف المقدس الذي ذهب فصار مثلا “إن الأعراب أشد كفرا” وهذا ما تتكشف فصوله حلقة إثر حلقة من هذه الدراما الغرائبية.
أما أحد أهم تلك الفصول التي تكشفت وفي الحلقات الأولى من المسلسل الخليجي وعلى غير عادة المسلسلات التلفزيونية، هو ظهور صاحب الكف السوداء أو اللحية الزرقاء لا فرق، وتأكيده على أن كلا الفرقتين ساهمتا في تدمير سورية والعمل على خرابها، هذا بدعمه أكلة الأكباد، وذاك بدعمه الإجرام العابر للحدود، الذي يتلون ويتصرف حسبما يراد له، أما الأكثر إضحاكا في هذا لمن يود التسلية فهو الأفلام الوثائقية التي يبثها كلا البلدين عن بعضهما وعن رموزهما، هذا بعمر بلد لا يزيد عمره عن عمر نفق الأمويين ببضعة سنين، وذاك، بتاريخ حافل بالغدر والخيانة وقتل أبناء العم والسطو والسلب.
لا تدعوا هذه الدراما العجائبية تفوتكم، حيث أنها لا زالت في بداية فصولها، ونظرية الأواني المستطرقة، سوف يعودون لقراءتها وفهمها، هذا في حال تعلموا الدرس، وقرروا الدخول إلى عوالم العقل والحكمة!.