ثقافة

“نحن بقينا” رسالة الأطفال الأرمن

“نحن بقينا” الجملة التي كررها بطل فيلم الوعد ميكاييل في المشاهد الأخيرة من الفيلم أثناء حفل زفاف إيفا الطفلة التي انتشلها من الغرق وهي على مشارف الموت، ليثير المخرج جورج تيري توتر المشاهد بحركة المياه الدائرية في إيماءة رمزية إلى أرمن اليوم، وإلى استمرارية الشعب الأرمني رغم هول الإبادة وحضوره على الخارطة العالمية.
الفيلم الذي جمع بين ألم الحبّ بعلاقة ثلاثية الأطراف وبين آلام الفقد والموت، عُرض في دور السينما العالمية، وفي سينما سيتي دمشق منذ أشهر قليلة ليكون شاهداً على المحرقة الأرمنية التي تتهرب العثمانية الجديدة من الاعتراف بها، والمفاجأة كانت بعرضه على قناة (إم بي سي) في جزأين ليتابعه الملايين من مختلف دول العالم، ويظهر حقائق واقعية عاشها الأرمن وارتكبها الأتراك، والأمر اللافت أن عرضه تزامن مع الاحتفال بذكرى عيد استقلال أرمينيا الذي يصادف في 21أيلول، لنتوقف عند الرسالة الهامة التي طرحها الفيلم وهي الأطفال الأيتام الذين كانوا ضحية حقد العثمانيين وهمجيتهم وإتباعهم أدوات مختلفة للقتل، إلا أنهم كانوا جسر تواصل بين الماضي والحاضر وصولاً  إلى أرمن اليوم الذين شغلوا حيزاً على الخارطة العالمية ومثلوا حضوراً ثقافياً واجتماعياً، وهذا ما شهدناه في مشهد الأرمن السوريين الذين تضرروا من همجية الإرهاب، فتعرضوا للقتل والتهجير وتدمير منازلهم وتخريب كنائسهم في مناطق سورية متعددة.
وتبدو جمالية الفيلم رغم قسوة المشاهد وقدرتها على التأثير بالمتلقي بالابتعاد عن الحوارات التاريخية والمشاهد التي تكررت في الأفلام السابقة، والاعتماد على توصيف الصورة بمساحة كبيرة للأمكنة ضمن إطار تعاقب الليل والنهار لقراءة الأحداث ورصد ومضات إنسانية من ملامح تهجير الأرمن من قراهم وقتلهم، لتتوقف الكاميرا عند عبارة ميكاييل الممثل –أوسكار إيساك-“قتلوا زوجتي وشقوا بطنها وقتلوا الجنين” لتأكيد حقدهم على أجيال الأرمن، لتتابع الكاميرا مشاهد الهجوم على قوافل المهجرين وإسعاف الجرحى بأبسط السبل وصولاً إلى اللحظة الحاسمة بوصول باخرة النجاة وغرق الكثيرين، وإيضاح رسالة المخرج بإنقاذ الأطفال الأيتام لتتضح رسالته أكثر في توجيه البطل ميكاييل رسالته إلى الأرمن “نحن بقينا” بحضور الأطفال الأيتام الذين تابعوا حياتهم ودراساتهم والتقوا جميعاً للاحتفال بزفاف إيفا الطفلة التي أنقذها ميكاييل وتبناها، لتكون رمزاً للاستقرار والحب والأمان.
اللافت في الفيلم أنه حمل بارقة أمل باستمرار الأرمن، وعُرض في الوقت الذي تحررت فيه حلب ومن ثم دير الزور ومناطق كثيرة من الإرهابيين وتمضي فيه سورية بكامل جغرافيتها نحو الانتصار على الشر وعلى أعداء الحياة.

ملده شويكاني