رابطة المنشدين على مسرح الأوبرا
“طلع البدر علينا من ثنيات الوداع” أنشودة الفرح كانت حاضرة في الأمسية التي قدمتها رابطة المنشدين في دمشق بقيادة المنشد حامد سليمان داود على مسرح دار الأوبرا بمشاركة المنشدين عماد رامي وفواز الخوجة، لينقلوا مشهداً من الإنشاد الديني الذي تتصف به دمشق انطلاقاً من مسجد بني أمية الكبير، وهو جزء لايتجزأ من المشهد الثقافي، لاسيما بعد أن اتجه نحو الأكاديمية واستخدام التقنيات الموسيقية. تميّزت الأمسية بسمات الإنشاد الديني وخصوصيته فكانت الآلات الإيقاعية”الرق والدف والمكتوم” الحامل الأساسي للفرقة واللحن الرئيسي للأناشيد بمرافقة آلات الفرقة التي اعتمدت على تشكيل التخت الخماسي”العود والقانون والإيقاع والكمان والحضور الكبير للناي للعازف زياد قاضي أمين قائد الفرقة مع الكورال، واتسمت بالتقاسيم المطوّلة والتفريدات بحضور المولوية، وتكرار لفظ الجلالة وجمالية الأصوات وتمتعها بمساحة كبيرة وطبقة مرتفعة لاسيما للمنشد عماد رامي زادت من أهمية هذه الأمسية التي أُقيمت احتفالاً بالعام الهجري الجديد، واللافت هو التصاعد والتباطؤ اللحني خلال الأنشودة والقفلة المتسارعة في مواضع والتي تشبه القفلة المتتالية.
بدأت الأمسية بسماعي بيات وأنشودة يا الله كلنا محبة بحضور القانون والناي والإيقاعات المرتبطة بجلسات الذكر تمهيداً للدخول بلوحة”النوبة” مع رقص المولوية وترديد لفظ الجلالة الله مع نغمات الناي، تلتها وصلة مقام الحجاز بتقاسيم العود بمرافقة ثانوية للتشيللو وتفريد الخوجة، وتميزت بأنشودة أعد لنا ذكرى الأحباب، ومن ثم وصلة مقام السيكا التي بدأت بدولاب سيكا وتقاسيم وتفريد يا إلهي مع الناي والقانون تمهيداً لطلع البدر علينا وأناشيد الذكر مع الجمل اللحنية القصيرة والحضور الكبير للإيقاع بطبقة مرتفعة، فكان لها وقع خاص ل”يا أيها النبي” و”صلى الله على محمد” واختُتمت الأمسية بوصلة مقام الرست التي سُبقت بتقاسيم رائعة للناي للعازف زياد قاضي أمين، ومن ثم أنشودة تناسقت أحرف الجلالة التي انتهت بقفلة أدهشت الحاضرين.
تعزيز دور الإنشاد الديني
وتوجهت “البعث” بالسؤال إلى المنشد فواز الخوجة عن رسالة الرابطة الحالية؟ فأجاب: نحن حملنا رسالة المنشدين الأوائل الذين تركوا لنا إرثاً عظيماً مثل توفيق المنجد وحمزة شكور وسليمان داود بعدما أسسوا قاعدة الإنشاد الديني الحديث برابطة المنشدين التي تأسست منذ خمسينيات القرن الماضين، لكن تأسيسها الرسمي كان في السبعينيات من القرن الماضي بتوجيه من القائد المؤسس حافظ الأسد، إذ أخذت دورها وأوصلت صوت الإنشاد الديني الذي انتشر في بلاد الشام بخصوصيته وسماته إلى أصقاع العالم، وعن دور الإيقاعيات التي كانت الحامل الأساسي للفرقة قال أن مهمة الإيقاع في كل عمل موسيقي ضبط الوزن برتم معين وسرعة متفق عليها حسب النوتة، وكان يؤدي دوره بالتسارع أو التباطؤ وفق اللحن وقفلة اللوحة مثل لوحة الهجرة كان فيها تسارع بينما قفلة وصلة الحجاز كان فيها تباطؤ.
وكان للمولوية حضور كبير ودور واضح في كل اللوحات كونها إحدى الطرق الصوفية، فتابع الخوجة يتناغم رقص المولوية مع اللوحة ويبدأ الرقص بما يسمى بالدروشة أي السير البطيء ثم بالدوران البطيء فالأسرع حتى يصل إلى أعلى مستوى من الدوران، والمقصود به هو دوران الكون حول بعضه حول المحبة والتسامح والتجرد من الدنيا بحركات خاصة بالتسارع حول شيخ الطريقة.
وأشار الخوجة إلى أهمية الإنشاد الديني الموجود بالمشهد الثقافي ومشاركته بالمناسبات الدينية والوطنية والقومية، فهو يمارس دوره من خلال فرق متطورة تسعى للتطوير أكاديمياً وفكرياً، ويبتعد عن السماعي فأغلب فرق الإنشاد حالياً تتعلم الصولفيج وتعتمد على تقنية الكروماتيك والهارموني وتعدد الأصوات، وفرق الإنشاد تؤدي الموشحات والتواشيح والعديد من القوالب الغنائية، وقد شاركت رابطة المنشدين بأمسيات على خشبات مسارح عالمية في باريس ولندن والمغرب وبيروت ودول أخرى، مما انعكس على تطور الفرق واعتمادها على التكنولوجيا الحديثة بفنّ الإنشاد لإظهاره بأجمل شكل، وتمنى من وزارة الثقافة ودار الأوبرا تعزيز دور الإنشاد الديني بالمشهد الثقافي، وتمنى أن تكون لرابطة المنشدين المكوّنة من فرق عدة نقابة أو هيئة أسوة بنقابة الفنانين والصحفيين أو الهيئات الاعتبارية لضمان حقوق المنشد بالطبابة والتقاعد.
ملده شويكاني