السوبرانو سمية حلاق والأداء الدرامي مع طلاب المعهد في الأوبرا
“دويتو القطط لروسيني” كانت إحدى المقطوعات التي تشاركت فيها مغنية الأوبرا العالمية سمية حلاق مع إحدى طالبات قسم الغناء الكلاسيكي في المعهد العالي للموسيقا، في الأمسية التي قُدمت على خشبة مسرح الأوبرا، والتي كانت نتاج ورشة عمل بينها وبين طلاب المعهد استمرت سبعة أيام، وقد تكاملت فيها العناصر الفنية للغناء الأوبرالي من حيث توظيف الأداء الدرامي للصوت وتعبيرية الأداء الذي يقترب في مواضع من التمثيل، مما شدّ انتباه جمهور الأوبرا بحضور وزير الثقافة محمد الأحمد الذي وصف العرض “بالمتكامل” والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية د. بثينة شعبان. وبدا التعاون الواضح بين مغنية الأوبرا السويسرية من أصل سوري سمية حلاق-السوبرانو دراماتيك- وطلاب المعهد على علاقة الجسد بالصوت وتوظيفه درامياً ليكون أداة المغني، وعلى كيفية آلية التنفس لخدمة الصوت وارتباطه بالمحيط، موظفة خبرتها الطويلة بالغناء الأوبرالي ودراستها في أكاديمية الملكة أليزابيث ثم في أوبرا أستوديو في كوبنهاغن مع طلاب المعهد الذين استطاعوا مواكبتها وتقديم مقطوعات صعبة، تدل على مهارة الطلاب وقدرتهم على التواصل المباشر مع الخبرات الأوروبية لاسيما أن المعهد افتقر إلى الخبرات في زمن الحرب، فربما تكون ورشات العمل المتعددة التي ستقيمها سمية حلاق بداية لانفتاح جديد للمعهد في ظل استضافة الخبراء.
ارتبطت المقطوعات بنغمات البيانو للعازف أنتوني كنوزي والتي ترافقت جملها مع الأداء الكوميدي والتراجيدي لتناغم المقطوعات، وقد حيّت مغنية الأوبرا حلاق جمهور الأوبرا بافتتاحية لمقطوعة جورج بيزيه”وداع المضيفة العربية” لتشدّ انتباه الجمهور إلى أدائها الأوبرالي المختلف بصوتها وتعبيريتها بحركاتها وتطويع جسدها لاسيما في القفلة التراجيدية بما يوحي بموت البطلة، وتنوع البرنامج لمقطوعات اتخذت شكل الغناء الإفرادي والثنائيات والثلاثيات الحوارية لطلاب المعهد، بمشاركة مغنية الأوبرا سميه حلاق بأغلب المقطوعات لتكون الصوت المرافق المشابه لصوت السارد، من خلال حواريات موتسارت ومقطوعات لروسيني وباخ وبيزيه وغيرهم، واتسم الأداء عامة باستخدام أدوات صغيرة لها دلائل موحية مثل الوشاح وبعض الإكسسوارات الصغيرة مع فنية الإضاءة والأزياء، وهيمنت روح المرح والكوميديا على أغلب المقطوعات، ورغم غرابة المفردات سواء باللغة الإيطالية أم الألمانية إلا أن الجمهور تفاعل معها تفاعلاً كاملاً مع الأداء الغنائي التعبيري بفهم المضمون العام، وكان الأداء لثلاثية زواج فيغارو جمالية خاصة، ومن ثم ثنائية لمقتطفات من أوبرا كارمن لبيزيه المؤلفة من عدة رقصات بينها رقصة غجرية انتهت نهاية تراجيدية، ومقطوعة من أوبرا فتاة الفيلق للإيطالي دونيزيتي، لكن المقطوعة التي كان لها وقع كبير هي “دويتو القطط لروسيني” ثنائية بين سمية حلاق وإحدى طالبات المعهد رند عانا، وبدأت بمشادة كلامية تكرر فيها مواء القطة بشكل غاضب مع تعبيرية الأداء المرح، وقد دفع تفاعل الجمهور حلاق إلى التعليق بقطة دمشقية، واختُتمت الأمسية بمقطوعة جماعية بمشاركة سمية حلاق في الوسط مع طلاب المعهد بغناء رقصة “البركور لباخ” المترافقة مع نغمات البيانو وجميع الأصوات (السوبرانو وميتزو سوبرانو، والتينور والباريتون والباريتون باص) والقائمة على القفز والركض السريع، لتنهي حلاق الأمسية بتحية جماعية متكررة للجمهور معبّرة عن سعادتها بحضور جمهور الأوبرا بعدما لمست من خلال تفاعلهم كل الحبّ. الأمر اللافت أيضاً أن سمية حلاق التي تزور بلدها سورية جاءت باسم الحبّ والفنّ وتعمل على توثيق مشاهداتها الفنية والثقافية بفيلم توثيقي يكون شاهداً على استمرار المشهد الثقافي في سورية رغم أصوات القنابل.
ملده شويكاني