مجموعة “كلمات” توقع ديوانها الأول
“كلمات ليست كالكلمات” قصائد نزار قباني المغناة كانت شاهدة على شعار” ثقافة من أجل الوطن” وعلى حفل توقيع مجموعة كلمات بإدارة مؤسسها الشاعر د. علي السمان ديوانها الأول بعنوان”كلمات” في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة- الذي جمع شاعرات وشعراء من انتماءات ورؤى مختلفة، ولكن رغم التباين والاختلاف بشكل القصيدة ومضمونها وأسلوبها وتعبيريتها، إلا أن جميع الشعراء توحدوا بالبوح بوجع الوطن ونداءات المحبة، والأمر اللافت الحضور الجميل للفرقة الموسيقية المكوّنة من العود-طوني عساف، والكمان –ياسر سويداني-والأورغ باسمة الخطيب، فبدأت غادة الحاج بغناء رائعة نزار قباني كلمات، ليتابع مصطفى طه غناء قارئة الفنجان، عيناك، علمني حبّك”.
وكما في كل نشاط يقيمه المركز استهلت مديرته رباب أحمد الحديث عن مبادرة مجموعة كلمات التي دمجت بين الشعر والموسيقا والغناء، وأشارت إلى جهود وزارة الثقافة والمركز على تشجيع المبادرات التي بُنيت على أسس هادفة وتتبنى المواهب وتطورها.
فنون منوعة
وتمنى الشاعر علي السمان مؤسس المجموعة أن تعود الثقافة السورية قوية كما كانت عليه في الستينيات من القرن الماضي، ليتحدث عن مجموعة كلمات التي تأسست في عام 2012، لخلق مناخ ثقافي داعم للشباب وللارتقاء بالكلمة، ومن ثم توسعت ملتقياتها وأخذت منحى جديداً في استقطاب النقاد والشعراء أيضاً، وعلى صعيد آخر رفدت كلمات الشعر بالفنون الأخرى بتقديم مواهب بإطار التمثيل والإخراج من خلال عروض مسرحية، كما كشفت مواهب في الغناء والموسيقا لتكاملية أهدافها ببناء مشروع ثقافي يرفد الحركة الإبداعية، ليخلص إلى مسابقة كلمات السنوية للحصول على لقب أمير كلمات للشعر.
الطير وكلمات
تميز ديوان كلمات بتصميم لوحة الغلاف للفنانة وفاء الحافظ التي اختارت الخلفية السوداء لتخطّ كلمات باللون الأحمر وترسمها على هيئة الطير، وقد فسرت خطوط لوحتها بأنها جسدتها بأسلوب انطباعي واختارت الطير، لأنه يغرد دون طلب من أحد ولاينتظر أيّ مقابل، فتخيلتُ كلمات على شكل الطير وعنفوانه، ووضعت الدال داخل التاء إشارة إلى الديوان ونوّعت باللون لأن قصائد كلمات ملونة، الخلفية السوداء لإظهار المراد بعد أن حوصرت كلمات وحوربت لكنها نجحت.
قراءات الحرب والحبّ
بداية القراءات الشعرية كانت مع شاعرات “كلمات” حيث قرأت الشاعرة لينة النويلاتي قصيدة بعنوان”خذ بيد المطر” مستخدمة فيها الخطاب المباشر ومعتمدة على فعل الأمر في استحضار الذاكرة عند الآخر عن حضارات دمشق التي وصفتها بمملكة الشعراء، وعن نسائها مطالبة الغرباء الذين يعيثون خراباً فيها بالرحيل، ومما زاد من جمالية القصيدة إيقاعها الداخلي بتنوع القوافي والجرس الموسيقي.
“فارحلوا أيها العابثون بهوائنا من هنا/ولا تثيروا غضب الياسمين/ارحلوا..قد استُبيح الحلم/والأمل وغفوة الأنين/ارحلوا إلى البلاد التي فخخت عقولكم”.
وقرأت الشاعرة سمر كلاس قصيدة”راية حلم” انطلقت فيها من ذاتها المسجونة بالحزن لتمتد إلى ماحدث بالوطن
“حدثني عن وسائد البنفسج/وكيف دسّ الوقت سمّ الرحيل/عن بكاء النوارس/ عن الغرباء/عن سرب الحمام المشرد”.
وقدمت الشاعرة لينا غزالة القادمة من طرطوس قصيدة “أنا الموقعة أدناه” استهلتها بقولها” لم أتشح بالسواد إلا لأن خطا الليل روضتني”، في حين ألقت الشاعرة رنا عبد الكريم الحائزة على لقب أمير كلمات لعام 2014 قصيدتها التي بدأت فيها من موضوع تسول الأطفال.
“أشعلت منه الحشايا حرقة” لتصل إلى مناجاة الله كي تحقق رغبتها بالأمومة مكررة مفردة العطايا والنعم، لتتوقف القراءات مع الشاعر قصي البابا بقصيدته “البرزخ” التي دخل فيها إلى حقيقة الموت:
“حان الأجل والعمر ولى/وانتهى شهرالعسل”.
ذاكرة جمعية
وقدمت للديوان شاعرة البنفسج هناء العمر مديرة المطبوعات في مجموعة كلمات بأنه ذاكرة لشعراء وشاعرات ومواهب شابة، أرادوا أن يبددوا عتمة الأيام ويمحوا باللغة المقاومة غبار زمن لوطن أثقلته المواجع، فجاءت هذه التجربة التشاركية لأدباء من مختلف ترابنا السوري والعربي، وأشارت إلى إيمان “كلمات” بأن الكلمة هي ثورة العقل ضد ثقافة الموت والفناء.
وتكامل النقد مع اختيار القصائد وتدقيقها فتحدث الناقد أحمد هلال بأن قصائد الديوان تكتنز بالأسئلة الشعرية المعاصرة في تجلياتها الحوارية والبوحية، والمكابدات الموحية واستكناه الطفولة وشعريات الوجد وبياض الأناشيد إلى خطاب الرؤية، ليخلص إلى أن الديوان يستحق قراءة متأنية لأن جلّ قصائده تبيّن حركة الشعر اليوم وتكشف الإرهاصات التي تكوّنت عند الشعراء.
أما الناقدة إيمان بركات فبيّنت بأن الديوان يضم طاقة أدبية متنوعة من الشعر العمودي والحرّ وصولاً إلى النثر، وعلى الرغم من التفاوت الكبير بين شكل وآخر من ناحية العمق التاريخي لبناء القصيدة والتباين بين التقنيات الفنية الكلاسيكية والحداثية على صعيد اللغة والصورة والإيقاع، إلا أن مختلف القصائد توحدت بما يخصّ واقعنا المتأزم في ظل الحرب والغربة والتهجير وشراسة الموت، كما تجلى الحبّ والشوق في كثير من النصوص كمنفذ للخلاص من الواقع اليومي، وبعضهم حاولوا بأحلامهم نسج واقع حين لمسه يتبدد كسراب، وأبحر آخرون بعوالم الروح والذات الإلهية برسم لوحة تأملية، ومن الشعراء المشاركين هناء داودي، خليفة عموري، أدونيس حسن، رنا العلي وغيرهم.
ملده شويكاني