وهم الإبداع..
أغلب ظني أنَّ المبدع الذي يعتبر نصه شأناً خاصاً به، لا يتحاور ولا جسور له في هذه الأيام، إنما يعيش وهم الإبداع، لا بل هو فاقدٌ للصلة مع الذات التي تتعايش بالضرورة مع ذوات الآخرين، وهو بالتالي مبدعٌ فاقدٌ للصلة مع العالم المحيط به.. ومنذ القدم كانت الذات إشكاليةً عصية على التعريف الدقيق، وهنا تتشعب مشكلة فهم النص وربطها بالشخص الذي يتعدد مفهومه من الداخل والخارج، خاصةً إذا ربطنا الدلالة المعنوية لمفهوم الشخص بالنص، فهو (أي مفهوم الشخص) يدل على الوضوح الشاخص، لكنه في الآن نفسه قد يعني التشخيص أو التقنع، وتكون المحصلة الصدام بين قرب الشخص من الواقع وبعده عنه في الآن ذاته. لقد قدم الفكر الفلسفي والأدبي في مختلف العصور تصورات عدة متباينة للشخص المبدع وذاته باعتباره متعدد التشكل النفسي والذهني، وهنا أقر لجان بول سارتر أن الشخص المبدع يتجاوز وضعه باستمرار من خلال أنشطته وعمله والدأب على الكتابة، ولنا في ذلك أمثلة واضحة في تاريخ أدبنا العربي لشعراء أسسوا لذوات إشكالية في الكتابة كالمتنبي في الأنا، وامرئ القيس في الفروسية، فكثرت الدراسات حول أدبهم ولما تنتهِ بعد..
ومقصد الكلام أن المبدع وتجربته هو جماع حالات يجب أن تنهض على الأرض وفي الأفق لتتوافق مع الواقع، فتخلق تجربة إنسانية جديدة بعيدة عن الدوران في دوائر موصدة لكي تجاور الآخر والرؤى المعاصرة، ولكن دون فقدان شعرية الأدب في هذه التجربة.. وبغير ذلك سنجد حالة لا يمكن تسميتها بأي حال من الأحوال إلا “وهم الإبداع”..
إياد الزيتوني