ثقافة

عمر الخيام لم يكن شاعراً!

بعنوان مثير للجدل بدأ المؤرخ والباحث أحمد المفتي أولى محاضراته في مركز ثقافي أبو رمانة، ضمن سلسلة محاضرات شهرية سيعمل على إلقائها تباعاً تحت عنوان “أغاليط في التاريخ” والتي سيتناول فيها مواضيع صادمة -كما وصفها- وبيَّن أن أسباباً كثيرة تقف وراء هذه الأغاليط، منها أسباب شخصية وحسد البعض مما أنجزته شخصيات محددة، وأخرى دينية ومنها رغبة البعض في تشويه صورة الشخصيات التي كانت لها مكانة مرموقة كشخصية عمر الخيام.

عالِم في الرياضيات

وأشار المفتي إلى أن الغرب حاول تشويه صورة الخيام حين حاول أن يطمس نتائج كثيرة توصل إليها في علم الجبر والهندسة تفوَّق من خلالها على علماء الغرب، لذلك كانت هناك رغبة من الغرب في التأكيد على أنه لم يكن فيلسوفاً ولا عالِماً في الرياضيات، وهو العالم الجليل الذي كانت له مكانة كبيرة في علم الجبر، حيث وضع أسسه وله معادلات من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة فيه، كما كانت له نظريات في الهندسة.. من هنا أكد المفتي أن الخيام قبل القرن التاسع عشر اشتُهِر بعلومه وليس بشعره وعُرِف في القرن التاسع عشر الميلادي برباعياته في الشعر التي أصبحت تتردد على كل لسان بعد أن نسبوها إليه فانتشرت رباعيات الخيام في الشرق والغرب وتُرجِمَت إلى اللغات الحية وبلغت أكثر من 200 ألف رباعية نُسِبَتْ للخيام من غير سنَد يُعتَمَد عليه أو مصدر موثوق، على الرغم من أنها لا تدل على شخصيته ومكانته الدينية والأدبية والاجتماعية.

غنّتها أم كلثوم بعد تعديلها

وأوضح المفتي أن أقدم نسخة لرباعيات الخيام هي النسخة المحفوظة في أكسفورد والمعروفة بنسخة بودلين وقد خطّت بعد مرور ثلاثة قرون ونصف من وفاة الخيام وأول من كتب عن الرباعيات من الغربيين توماس هايد أستاذ العبرية في جامعة أكسفورد سنة 1700 ثم ترجم فون هامر برغستل خمساً وعشرين رباعية سنة 1818، ثم ظهرت ترجمة نيقولاس في فرنسا، فترجمة فيتزجرالد الشاعر الإنكليزي وهي الأشهر التي ترجم عنها إلى العربية، وقد ظهرت مزينة برسوم خيالية فأغرت الشعراء العرب بالأخذ عنها، وأول من ترجمها للعربية الشاعر اللبناني وديع البستاني 1912، ثم جاء توفيق مفرج وكذلك الشاعر أحمد رامي الذي انتقى بعض أبياتها لتشدو بها أم كلثوم التي رفضت الكثير من أبياتها فطلبت من رامي تعديلها  لتغنيها عام 1947.

 

الحكيم الفلكيّ

وبيَّن المفتي أن الخيام اشتهر بفطنته وذكائه وتفوقه في علم الفلك فلُقِّب بالحكيم الفلكي، ولما أراد الملك شاه السلجوقي في سنة 467 تعديل التقويم السنوي كان الخيام على رأس الفلكيين، وقد أجمع المؤرخون على أن مذهب الخيام في تقويمه أكثر دقة وإحكاماً من التقويم الغريغوري المتبع حالياً، لذلك ومن خلال استعراض المفتي لأقوال المؤرخين الأقدمين الذين عاصروا الخيام أكد أنه لم تأت أية إشارة إلى أنه كان شاعراً وله رباعيات، فقد عاصره الزمخشري والقاضي النسوي والإمام الغزالي وحجة الإسلام الغزالي ولم يرد عنهم أن له رباعية أو أيّ استذكار لأخلاق الخيام في هذه الرباعيات، مذكراً أن الخيام اسمه عمر وكنيته أبو الفتح ولقبه غياث الدين ووالده إبراهيم النيسابوري، واشتهر بالخيام لاشتغاله في صنعها وقد ولد في نيسابور بخراسان في الشطر الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، وتربى على يد أستاذه المعروف بالإمام الموفق النيسابوري الذي كان من أجلِّ علماء فارس، لتكون وفاته قبل انتهاء الربع الأول من القرن الثاني عشر الميلادي، ويقال أن وفاته كانت في السنة 517 هجرية، وأقدم من كتب عن شخصيته وأوثقهم تلميذه أحمد بن عمر النظامي السمرقندي في كتابه “جهار مقالة”.

أمينة عباس