رواد عبد المسيح: أريد أن أقدم موسيقى مؤثرة وجميلة تبقى حاضرة في الوجدان
وحده الموسيقي من تتراءى أمامه الحياة نوتات موسيقية تتراقص على إيقاع الزمن، ووحده من تهطل الغيمات على سمعه نغمات تمطر ألحاناً وتنشر دندنات، فتكون بذلك تفاصيل يومياته توليفة من “لحن ومقطوعة” فتراه يصحو على أغنية ويسدل عيناه على عزف ويخيم هارموني ساحر على أوقاته، ولا يبتعد الموسيقي السوري رواد عبد المسيح عن تلك العوالم والخطى إلا أنه يصر في ذات الوقت على منح موسيقاه بصمة مختلفة، لأنه بكل بساطة كل ما ينجزه يقدمه “بالكثير من الحب” وهذا ما ركز عليه في كل أعماله ولاسيما في ألبومه الأول “سورية مابتزول” وفي توزيعه الخاص مؤخراً لأغنية “أصبح عندي الآن بندقية”، وكان لـ”البعث” لقاء مع المنتج والمؤلف الموسيقي عبد المسيح تعرفت من خلاله على تفاصيل ألبومه وتجربته الخاصة.
شغف موسيقي
يبدأ رواد حديثه بـ”الحب” يعتز على الدوام بعشقه للموسيقى حتى قبل أن تتحول إلى عمله الأساسي ومصدر رزقه إذ يقول: لطالما رافقت الموسيقى أيامي كهواية وليس كعمل فهي لم تكن تحقق لي أي مردود مادي، بالإضافة إلى عزفي على الغيتار منذ المراهقة، ولكنني في النهاية قررت العمل بأكثر شيء محبب إلى قلبي فأنا لطالما حسدت أولئك الذين يجنون “ربحاً مادياً” من العمل بشي يحبونه، فأصدر ألبوماً خاصاً به وأسس أستوديو “رام” لإنتاج الموسيقى والصوت وهو أستوديو احترافي مجهز بحرفية عالية يستخدم في مجال الإنتاج والتسجيل والتأليف والعزف وكذلك الدوبلاج، وبالطبع لم يكن الألبوم هو العمل الموسيقي الأول لرواد فقد كان عضواً ومشاركاَ أساسياً وفعالاً في فرقتي”رصاص” و”الساعة الرملية” وعن هذه المشاركة يقول: قدمت مع فرقة “الساعة الرملية” Hourglass” ثلاثة ألبومات باللغة الإنكليزية حيث كنت أقوم بوضع الموسيقى والتوزيع والإنتاج، بالإضافة إلى العزف مع باقي أعضاء الفرقة وقد قدمنا عدداً من الحفلات. أما فرقة رصاص فقد بدأت عام 2012 وقمنا من خلالها بإعادة توزيع ثلاث أغنيات قومية قديمة وهي “سقط القناع” غناء رشا رزق و”الله محيي شوارعكم” و”أناديكم” لافتاً إلى أن الرغبة بالاستمرار في الفرقتين كانت موجودة، إلا أن تفرق أعضاءها بسبب الحرب حال دون ذلك.
ألبومه الأول
ولأن شغف رواد بالموسيقى لا يتوقف، عاد لها-بعد سنوات من محاولات الانشغال في مجال آخر- فكانت تنتظره موسيقاه على أحر من الجمر ليصدر الألبوم الأول تحت عنوان “سورية مابتزول” وهو عبارة عن موسيقى تصويرية تعبيرية ولكن بدون صورة وتسمى الكلاسيكية الجديدة -كما يوضح رواد- وهو مختلف عن كل ما قدمه يوماً والذي لا يعتبره ألبوماً تعريفياً بل نواة وانطلاقة ومرجعاً لعمله الموسيقي وسيفتح له آفاقاً وأبواباً جديدة، مبيناً أن الألبوم مدته 31 دقيقة ويضم ثماني مقطوعات موسيقية بعضها يتضمن تعليقاً صوتياً وجملاً لشعراء معروفين، وهو من تأليفه وتوزيعه وعزفه، مع مشاركة علاء خشة في الإلقاء ضمن إحدى القطع وعزف طارق شهابي وعمار حرب في بعض المقطوعات، وبيّن رواد أنه منح مقطوعاته أسماءها لأسباب مختلفة فبعضها اختار لها الاسم حسب إيحائها وطابعها العام مثل (صرخة حرب، بيانو الخريف) والبعض الآخر تبعاً لما قيل فيها من عبارات مثل (لقد أخذوا الزمن، بين الموت والحياة)، وكذلك الكلمات الموجودة ضمن مقطوعات (ضوء خادع، أمل عتيق، ختم الخروج الأخير) هي التي حددت أسماءها وهي مقطوعات قدمتها سابقاً ولكنني أعدت توزيعها.
ولا يخفي رواد بأن “أمل عتيق” هي المحببة إلى قلبه على الرغم من أنها موسيقى ظلامية سوداوية، ويتابع: أما مقطوعة “سورية مابتزول” التي قمت بتصويرها ضمن فيديو كليب فقد ضمنتها نفس العبارة وكذلك ابتدأتها بجملة درويش “كل ليمونة ستنجب طفلاً..” وأردتها أن تبتعد عن النحيب والندب والحزن لذلك جاءت مقطوعة مليئة بالعظمة.
موسيقى راقية
ونوه رواد إلى أن المباشرة في عنوان الألبوم مقصودة وهي ليست مجرد كلام يقال أو “كليشه” بل هي واقع أثبتته الأيام ومن يقرأ التاريخ يعلم أن هناك “حالة سورية” كانت وما تزال وأنها ثقافة ممتدة أثرت بكل من مر بها، متابعاً: باختصار لا أريد أن أقول أنني أقاوم بالفن ولكنني بكل بساطة حمّلت ألبومي هذا العنوان لأنني أؤمن بهذه الفكرة، وأما غلاف الألبوم فهو لـ”معبد بل في تدمر” الذي هو رمز لبقاء سورية رغم كل ما تعرضت له من محاولات لتخريبها، فالأعمدة المتبقية من المعبد ما هي إلا رمز للاستمرارية والمقاومة، لافتاً إلى أنه قدم مؤخراً توزيعه الخاص لأغنية أصبح عندي الآن بندقية بالتعاون مع المغنية الموهوبة رنيم بركات ضمن عمل فني بعيد عن التجاري والاستهلاكي، وجميع حقوق النشر محفوظة. وختم رواد قائلاً: أريد تقديم شيء مؤثر ومع أنه من السهولة أن أقدم أي شيء لكي أصل لكل الناس، لكنني لا أريد تقديم “فلافل الموسيقى” بل أريد تقديم موسيقى راقية تبقى راسخة في ذهن المتلقي ووجدانه.
لوردا فوزي