أحمد بوبس يضيء على حياة حكمت محسن رائد الدراما الشعبية
اقترن اسم حكمت محسن بالدراما الشعبية السورية فكان المؤسس لها مسرحياً وإذاعياً وتلفزيونياً واستطاع ابتكار شخصيات درامية شعبية دمشقية من مثل أبو رشدي وأبو فهمي وأم كامل وصابر أفندي ودرويش وأبو صياح وأبو شاكر.
وحسب كتاب “حكمت محسن رائد الدراما الإذاعية” كانت الشوارع تخلو من الحركة حين تذاع إحدى تمثيليات الراحل حيث بين مؤلف الكتاب أحمد بوبس أن محسن كان الفنان العصامي المكافح الذي دفع ثمن عشقه للفن غاليا فعانى من الفقر والجوع ومحاربة بعض الفنانين له بسبب تفوقه عليهم.
ومن الولادة والنشأة يبدأ بوبس بتقليب صفحات حياة هذا الفنان الشعبي الكبير حيث يبدأ يكشف تفاصيل ولادته وطفولته وما رافقها من فقر بسب وفاة الأب المبكرة واضطراره لترك المدرسة والعمل لمساعدة والدته فاشتغل بمهنة التنجيد التي جعلته يخالط الناس ويستمع إلى مشكلاتهم وحكاياتهم فيختزنها في ذاكرته.
وأضاء بوبس على علاقة محسن بأمه التي كان لها السبب الأكبر في التأثير عليه فكانت تصحبه إلى بيوت صديقاتها واستقبالاتهن فكان ينصت إلى حكاياتهن ويخزن في ذاكرته ليبدأ بعدها حياته المسرحية في سن الرابعة عشرة مع فرقة الأخوين سليم وأمين عطا الله المسحرة المصرية ويمثل فيها دون أجر ككومبارس.
ويرافق حكمت بعدها الفرقة إلى بيروت ويعيش أياما صعبة من الجوع والفقر وهو يطارد حلمه دون أن يصل إليه فعاد إلى دمشق مقهورا وتفوق في مهنة التنجيد حتى أصبح اسمه في السوق كالماركة المسجلة لكن نجاحه بهذه المهنة لم ينسه حلمه بل واصل التعلم على الموسيقا والعزف وأسس فرقة موسيقية وبدأ تقديم عروض في البيوت الدمشقية الكبيرة.
أما اللقاء المفصلي في حياة محسن فكان في عام 1930 مع الفنان الرائد وصفي المالح الذي فتح له باب الشهرة فأصبح يكتب ويمثل ولا يجاريه أحد.
ويتطرق بوبس إلى الانطلاقة الكبيرة في حياة محسن وهي انضمامه إلى الفرقة السورية للتمثيل والموسيقا التي جعلت منه نجما على الصعيد السوري والعربي في مجال التمثيل والتاليف الدرامي كما يستعرض علاقته بإذاعة دمشق حيث كان من أوائل الأصوات التي أطلت على أثيرها ثم يتناول علاقته بالراحل رفيق السبيعي الذي دعاه محسن للمشاركة في تمثيلياته الإذاعية فكانت تمثيلية “تحت الشباك” الانطلاقة الأولى لفنان الشعب.
كما يتطرق بوبس إلى الثنائيات الناجحة التي شكلها محسن مع الفنان الراحل تيسير السعدي والتي شكلت مرحلة ذهبية فنية للتمثيليات الإذاعية في اذاعة دمشق امتدت بين عامي 1951 و1968 لينتقل بعدها إلى التلفزيون فقدم مجموعة برامج تمثيلية منوعة في السنوات الأولى من تأسيس التلفزيون مثل برامج نهوند ومذكرات حرامي ومحكمة الفن.
الشخصيات الشعبية التي اخترعها محسن استمرت بعد رحيله واستثمرها فنانون آخرون منهم الراحل نهاد قلعي في مسلسلات مقالب غوار وصح النوم وعمر حجو في مسرح الشوك كما استعار المخرج سمير ذكرى في فيلمه حادثة النصف متر شخصية “أبو فهمي” بأداء الفنان فهد كعيكاتي ذاته.
والكتاب غني بالصور التي توثق لمراحل من مسيرة محسن إضافة للنص الكامل لمسرحية صابر أفندي التي ألفها سنة 1957 وهو من إصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب ويقع في 215 صفحة من القطع الكبير.
يذكر أن أحمد بوبس شاعر وكاتب وباحث في التراث صدرت له ثلاث مجموعات شعرية وله العديد من المؤلفات أعد الكثير من الأفلام الوثائقية للتلفزيون السوري عن الأدباء والمفكرين والفنانين السوريين.