ثقافة

رياح براري واكاندا ستعصف بهوليوود

المغامرة التي طال انتظارها، تكسر الأرقام القياسية ونجاحها قد يؤدي إلى تحول كبير في سياسات هوليوود.
قبل شهر على موعد إطلاق ريان كوغلر لفيلمه المنتظر ” Black Panther/النمر الأسود”، والذي من المتوقع أن يكون فيلماً ضارباً (حددت استوديوهات مارفِل 16 شباط 2018 كموعد لإطلاقه عالمياً)، تضجّ مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار وتسريبات أكثر وأقوى من تلك التي سبقت طرح فيلم مارفِل الأنجح ” Captain America: Civil War/كابتن أمريكا والحرب الأهلية”، ما يبشر الشركة الأولى حالياً في عالم إنتاجات الـ”كومِكس” بانتصارٍ هوليوودي قد يقلب معايير إنتاج هذا النوع من الأفلام.
ولا يحتاج الأمر شركة ذات خبرة لتعرف أن نجاح فيلم النمر الأسود شبه محتوم، فقد شهدت السنوات القليلة الماضية إقبالاً هائلاً للجماهير من أصول إفريقية لهذا النوع من الصناعة السينمائية، ولم يكن البطل المطلق داكن البشرة، فكيف إن كان!! وبلغة الأرقام عائدات الأرباح لأفلام أبطالها الرئيسيين أو المساعدين من أصل إفريقي ازدادت وخصوصاً العام الماضي، إضافة إلى زيادة عدد المرشحين لجوائز الأوسكار من داكني البشرة.
من بداية الفكرة وحتى الإعلان، اعتبر هذا الإنتاج إحياءً لتراث ثقافي بغض النظر عن القصّة الخيالية. فالمخرج والكاتب ريان كوغلر ومهندس الصوت كندريك لامار (من أهم موزعي موسيقى الهِب هُب، استخدمه كوغلر على حدّ زعمه لأن موسيقاه تتناسب ووحي العمل) إضافة إلى العديد من الممثلين ذوي البشرة السوداء وفي مقدمتهم بطل الفيلم تشادويك بوسمان.
رُسمت المعارك بين التقليدية والنمطية. وحتى الأزياء، صممتها روث كارتر، من أصل إفريقي أيضاً، ما يجعل الملابس أكثر طبيعيةً وملاءمةً للعمل، فاستلهمت خليطاً جذاباً من ألبسة قبائل الماساي والهيمبا والطوارق الإفريقية.
تدور حبكة الفيلم حول تهديدٍ استعماري لمملكة واكاندا النائية والمنعزلة، ويبدأ الفيلم بالتعريف بتاريخ “تي تشالا” النمر الأسود، فهو على عكس نظرائه من الأبطال الخارقين، من عائلة ملكية وليس رجلاً عاديّاً، يتوارث الرجال الأكثر قوة والأجدر فيها لقب النمر الأسود، لكن لا يكمل الفيلم تعريفه بـ”تي تشالا” وبالاختبارات الصعبة التي يمرّ بها ليحصل على لقبه وإنما يكتفي بذكرها وبمشهد واحد، على اعتبار أن الشخصية مألوفة ومدروسة جيداً من خلال سلاسل الكومِكس، تمتلئ واكاندا بمعدن الفايبرينيوم، المعدن المصنوع منه ترس كابتن أمريكا، والغريب أنه عندما أعطي الكابتن ترسه قيل له أنه مصنوع من أندر معدن على الأرض وأنه الكميّة الباقية، لنفاجأ بوجود كميات هائلة من هذا المعدن في غابات واكاندا وأن مهمة النمر الأسود حماية هذا الكنز الوطني من أطماع “يوليسيس كلو” أكبر أعدائه، والذي يعرف ما يمتاز به هذا المعدن من قوّة وقدرة على امتصاص الطاقة. كما أن زي النمر الأسود مصنوع بالكامل من الفايبرينيوم فهو مضاد للرصاص. وظهر النمر كشخصية حقيقية لأول مرة في فيلم الحرب الأهلية وكان في صفّ الرجل الحديدي، على عكس قصة الكومكس، حيث وقف موقف المحايد محاولاً تهدئة الوضع.
ولا يعتمد نجاح النمر الأسود على مضمونه. فقد رأينا أن فيلم” The Last Jedi/الجيداي الأخير” تراجع بعد أسبوع من طرحه، ما يثبت أن البقاء في المركز الأول يستلزم ما هو أكثر من شهرة القصّة، وحتى يحصد العديد من الإيرادات ويتجاوز أفلام زملائه الأبطال، يجب أن يجذب الفيلم المشاهدين مرّة تلو الأخرى خلال أسابيع عرضه.
لكن المخرج الشاب برهن عن نجاعة واضحة في تقديم أفلام ناجحة كفيلم “Creed” عام 2015، وهو الجزء السابع من سلسة أفلام “روكي” الشهيرة، وبطله إلى جانب بطل السلسلة الممثل الأمريكي المخضرم سيلفستر ستالون، مايكل بي جوردن الداكن البشرة أيضاً.
واليوم وبعد كثير من المطالبات بالتنوع، ومعاناة الممثلين والمخرجين غير البيض من الذهنية المتصلبة الرأي في هوليوود، أدرك أصحاب القرار فيها أن الاستثمار في الوجوه الجديدة أمر واعد. وهذا يتجلّى بالتهليل الشعبي الذي تحظى به عديد الأعمال الجديدة لهذا العام والتي ظهرت لها فيديوهات دعائية، كفيلم الأنيميشن (الرسوم المتحركة) الجديد للرجل العنكبوت ” Spider-Man: Into the Spider-Verse “ ويقوم بدور بيتر باركر هذه المرة الممثل الأمريكي الشاب من أصل أفرولاتيني، مايلز مورالِس.
سامر الخيّر