ثقافة

ببساطة.. فشّة خلق؟

بشرى الحكيم
استفاضت “غيدا” مقدمة برنامج تلفزيوني؛ في الحديث عن الفيلم حتى كادت تمنحه أوسكارها الخاص ولعلها فعلت، بعدها أدركت فاستدركت انفعالها الشديد بالقول “ربما اندفعت كتير لكنها فشّة خلق تتعلق بجريمة في حق الثقافة والفن” ويبدو أنه علينا منحها أوسكاراً أقلّه عن نشرها ثقافة اللامبالاة وتسطيح أدمغة أجيال مختلفة تستسهل اكتساب الثقافة من خلال شاشات التلفزيون.
الكلام كان حول العمل الأخير لصاحب “إي تي” وفيلم” the post” بات يشكل هذه الأيام حالة من الجدل الثقافي تمكنت من شق صفوف جمهور السينما؛ بين مطالب بوقف عرض العمل وبين من يرَ في مقاطعته أو أي عملٍ فني ولأيّ سببٍ كان، نوعاً من التخلف أو هو على الأقل مصادرة لحرية الرأي “جريمة بحق الحريات الثقافية” واستغلالاً للقضية الفلسطينية، متناسين أن المقاطعة والوقوف بوجه التطبيع هو مطلب أساسي لأصحاب القضية وأبناء الأرض ذاتها، ورجاءهم للعالم دعماً لنضالهم ضد الاحتلال، وكأني بهم لا يعلمون على أي من الأسس يقوم كيانها، ما يجعل من التطبيع معه مسألة يمكن الاختلاف عليها بين مؤيد ومعارض.
هنا، الكلمات البسيطة تجعل الأمور أبسط إذ لا ضرورة للمصطلحات الكبيرة والمعقدة، وعلى الأخص في مواجهة عقولٍ محددة الاتجاه، تحث السير مع كل ما ينسجم مع المساعي لجعل العلاقة مع مغتصب الأرض “طبيعية” ناسين أو متناسين أن مشروعه لا ينتهي عند حدودٍ حالية، بينما الفكر الذي تنتهجه يطال كل بيت وكل حبة تراب، وشهيته للقتل وقضم الأرض لا تتوقف.
فنياً قد يكون الفيلم إبداعاً حقيقياً، وقد يكون إيجابياً، ويمكن له أن يحمل أفكاراً ووجهات نظر لا تتعارض مع آرائنا وإيماننا، والخلاف ليس على مشاهدة العمل، المشكلة في مسألة العرض “لكن الأساس بكل بساطة هو في أن صانع العمل لا يخفي دعمه وإيمانه بدولة الاحتلال، وكان قدم لها الدعم المادي بينما كانت تمارس عدوانها على الأرض التي سيعرض عليها الفيلم وهو للمفارقة يعرض الآن”.
أهناك أشد بؤساً من عقل يزهو إيماناً بثقافة السلام على الأرض بينما يتم الاعتداء على أهله كل يوم؟!.
هو نوع من تنويم مغناطيسي للعقل، أو أنه محو منهجي للذاكرة بذريعة التحضر فإيمانهم “الفن إبداع حضاري منزّه عن الزّج به في حروب أرضية ومادية” بينما المنطق يقول بخوض الحروب في أوسع وأشمل نطاق لها وبكل سلاح يأتي نتاج وعيٍ وطني بأننا كنّا وما زلنا في حالة “حرب وجود” مع عدو يقاتلنا في كل أسباب بقائنا، وليس علينا الخروج منها إلا منتصرين لهويتنا وثقافتنا وأرضنا.
يقال في التاريخ، أن ما كُتبَ منه قد كتِب، لكن ما يدوّن الآن فهو نتاج فِعل عقولنا وقلوبنا والأيدي، فأي فعل يفعلون وينتجون؟!.