ثقافة

“عزف منفرد”.. مصادفة في المكان غير المتوقع

عقد مدير عام المؤسسة العامة للسينما الأستاذ مراد شاهين بمناسبة إطلاق عمليات تصوير الفيلم الروائي الطويل “عزف منفرد” للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد مؤتمراً صحفياً أمس في دار الأسد للثقافة والفنون بحضور مخرج العمل ونخبة من نجومه: أمل عرفة، رنا شميس، جرجس جبارة، فادي صبيح وعدد من المهتمين بالشأن السينمائي والإعلامي.

الورطة الأخلاقية
وعبّر شاهين في بداية المؤتمر عن سعادته بالتعاون السينمائي الجديد مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد الذي كان ومازال خلال مسيرته السينمائية ملتزماً بالقضايا الجادة والملتزمة التي يطرحها عادة في أفلامه والتي يبعث من خلالها رسائل هامة يرسلها للمتلقي، مؤكداً أن “عزف منفرد” سيكون من الأفلام المميزة للمؤسسة، وهو من الأفلام التي لا تنفصل عن الواقع المعاش في سورية، في حين بيّن عبد الحميد في ردِّه على أسئلة الإعلاميين أن أحداث فيلمه تجري بين عامي 2012 و2013 أي في ذروة الحرب على سورية، وهو يقول أن الحرب ورطة كبرى في حياة البشر، وهي في نفس الوقت مختبر متعدد الاستعمالات، يكشف أمراض المجتمع والأفراد، ويكشف أيضاً مزايا البشر وأخلاق الأفراد، ويؤلف قصص التعاطف والتآزر في المحن، مشيراً إلى أن “عزف منفرد” محاولة إيضاح ما يمكن أن تسبب المصادفة من القصص المعبرة عن الإنسان الذي لا تُفقده الحرب حسّه الإنساني، ولا تجبره الظروف على تجاهل الألم البشري الذي -لفرط غزارته- يؤسس لبلادة العبور ونقص الانتباه من خلال طلال (فادي صبيح) بطل مصادفة في المكان غير المتوقع، دورة مياه لمقهى شعبي هو موسيقي عازف كونترباص جاور في دورة المياه كهلاً تجبره صعوبة التبول على الصراخ فيتعاطف معه ويأخذه إلى المشفى، ومن هنا تبدأ الورطة الأخلاقية في مساعدة الرجل المجهول، في الوقت الذي يكابد فيه طلال صعوبات العثور على تكاليف الحياة اليومية، ونوه عبد الحميد إلى وجود أُسرة من الأصدقاء الأخلاقيين النبلاء الموسيقيين والمغنيين ينقذون الحياة بالمعنى الحقيقي والمجازي، معترفاً أنه في “عزف منفرد” انحنى أمام رهافة الفن ونبالة التآزر في الزمن الصعب، فكانت أسرة الفيلم ممن يكابدون العيش، ولكنهم في نفس الليل، ليل العقم في مدينة دمشق الحزينة يصنعون الفرح بالغناء وبالموسيقى وبالحب، موضحاً عبد الحميد أن السينما هي مرآة للمجتمع، تعكس علاقاته، وهو بفيلمه لا يتحدث عن الحرب كلها بل عن فترة ومجموعة أحداث، مبيناً أنه من الصعوبة الحديث عن حدث ما زال يجري وهو اعتاد أن يتناول في أفلامه أحداثاً ليست آنية، لذلك هو يبتعد عن مشاهد القتل والدم لأن المشاهد مل منها، وما يغريه في الحرب ما هو إنساني بالدرجة الأولى، خاصة وأن الحرب اختبار حقيقي لعلاقات البشر، مؤكداً عبد الحميد أن السيناريو الذي يكتبه ليس خطاً أحمر بالنسبة للممثلين، وأية فكرة يقدمونها مرحب بها لأنه لا يتعامل مع الممثلين كدمى أو أحجار  شطرنج، وأي مقترح خاضع دوماً للحوار والنقاش، منوهاً إلى أنه سعيد بالعمل مع نخبة من الممثلين السوريين الذين يجمعه معهم الشغف والحب، فدونهما لن يخرج بالنتيجة المرجوة.

منتهى الذكاء
وأكدت الفنانة أمل عرفة أن العمل مع عبد الحميد يعني لها الكثير من الفرح، منوهة إلى أنها لا تترك له فيلماً إلا وتشاهده، و”عزف منفرد” هو التجربة الثانية لها مع عبد الحميد من خلال شخصية أساسية ومفصلية فيه عبر حكاية حب نسجها عبد الحميد في فيلمه، معترفة عرفة أن الدراما التلفزيونية اليوم تمر بأزمة على صعيد التسويق، والسينما هي المنقذ الكبير للفنان السوري، مبينة أنها ممثلة، والتمثيل بالنسبة لها نافذة لتغسل روحها وتقدم شيئاً مختلفاً، ومسؤوليتها واحدة لا تتغير إن كانت في السينما أو التليفزيون أو في أي مجال آخر، وهي مسؤولية كبيرة تجعلها تختار أعمالها بطريقة مختلفة، ولذلك عندما قرأت سيناريو “عزف منفرد” أدركت أنه مكتوب بطريقة في منتهى الذكاء، مشيرة إلى أن أي عمل تدخله تتعامل معه وكأنه أول وآخر عمل لها، مجردة من كل خبراتها ومن تكون اليوم، حيث تبدأ من الصفر لتخرج منه وكأن لا عمل لها بعده.. وعلى الرغم من أن عرفة كاتبة ولها تجارب كتابية متعددة إلا أنها لا تتعامل مع أي نص آخر إلا كممثلة لها تقديراتها المختلفة، وأن أي اقتراح لها لا يتم إلا عبر المخرج وبإذنه وموافقته، مؤكدة في الوقت ذاته إيمانها بالشراكة الإبداعية، فهي ترفض أن تكون مجرد حجر شطرنج.

أكبر التحديات
ولم يخفِ الفنان فادي صبيح في ثاني تجربة له مع المخرج عبد الحميد أن بطولته لفيلم “عزف منفرد” مسؤولية كبيرة وهو من أكبر التحديات التي واجهته حتى الآن في مسيرته الفنية من خلال شخصية طلال العازف الذي تركت الحرب عليه آثارها بصورها البشعة.
في حين تحدثت الممثلة رنا شميس عن دورها الذي تؤدي فيه أغانٍ متنوعة من الطرب الأصيل وبذلك تكون أمام تحدٍ فني كبير وضعها المخرج في مواجهته، وأكدت أننا سنرى شخصية إيجابية مليئة بالحب والموسيقى عبر الفيلم، وتتواجد الشخصية في مكان ليس لها من أجل المحافظة على عائلتها.
أما الممثل جرجس جبارة فقد اعتبر العمل مع المخرج عبد الحميد فرصة هامة، وهو يؤدي في العمل شخصية إنسانية بكل متاهاتها، سواء كانت تراجيدية أو كوميدية، ولن نستطيع تحديد ماهيتها، لكنها تجتمع في إطار إنساني.
ويشارك في بطولة الفيلم الفنانون: كرم الشعراني، بدروس برصوميان، عبد الرحمن قويدر، فايز أبو شكر، ورد عجيب.

أمينة عباس