ثقافة

لا غرابة !

بشرى الحكيم

مبررة عدم تصويتها لابن بلدها؛ الطفل الذي أجمع عليه التصويت واستحق الفوز في المنافسة، قالت “الفنانة زوجة الفنان” أنها كانت تظن أنه لبناني!.
أترانا بتنا نصوت للهوية؟ أو أننا نخوض عملية بحث جدية عن الموهبة؟!
في برنامج يفترض به البحث عن الأصوات؛ والأصوات فقط، لا يفترض أن توضع هوية صاحب الموهبة بين الاعتبارات التي على أساسها يجب أن يتم التقييم، إذ ليس سوى الصوت والموهبة ما يجعلان من الخيار عادلاً وإنسانياً وأخلاقياً؛ والفن حالة إنسانية وروحية أولاً يأتي بعدها ما يتطلبه برنامج على جهاز بات أحد أفراد العائلة، كل عائلة مهما كانت قادرة على ضبط أسلوب التعامل معها، ما يتطلبه هذا البرنامج من البحث عن عوامل ترفع من قدرة الصوت على إثارة إعجاب المتابع وزيادة عوامل الجذب، وكل ما يجعل منه  مشروعاً فنيأً مستقبلياً أقرب إلى المتكامل.
هو كلام أثاره ما جرى مع عدد من الأصوات التي استطاعت انتزاع الدهشة والإعجاب من جمهور البرنامج وحكامه على السواء، والأمر لابد أن يصب في واحدة من الخانات أولها عنصرية الخيار، وثانيها لوثة الحرب التي لا دواء لها، إذ هي داء قادر على ضرب كل موازين العدالة، وكل شرط إنساني وأخلاقي يجب أن تستند إليه اعتبارات التصويت.
لا جديد في الأمر، لا جديد أن يتفوق إنسان هذا الزمان على ما يمكن لعقل شيطان أن يستنبطه بحجة مفضوحة عن التنويع الفني والتوازن الجغرافي الذي يرضي كل البلدان. ولا غرابة أن يبيع فنان ضميره الفني وأن تبيع وسيلة إعلامية “موضوعيتها والحيادية” وأن تكون رأس حربة في برنامج تتنافس فيه الملائكة على تصدير صوتها على الملأ.
لا غرابة في ذلك، في زمن مفتوح على المتاجرة الحرة حتى بالأوطان، زمن مفتوح على جنون الصراعات اللامعقولة، فمن باع القدس لن يتوانى عن المتاجرة بمشاعر الصغار، إذ لا ضمير يهتز بينما تداس القيم والأخلاق ممن تحلل من نبل الهدف.
الأهم هو السؤال عما يمكن فعله للحد من عمليات المتاجرة بأحلام الأطفال والزج بها في حروب استثماراتها التي لا تصب إلّا في خزائن وسائل إعلامية اعتادت ممارسة تلك العمليات، بينما يجلس الأهل ما بين مصفق ومهلل للصفقات الجارية أمام الأعين، وأين نحن اليوم وقد كنا أصحاب أولى البرامج التي أولت بذور المواهب اهتمامها وأقدمها “ركن الهواة” الذي تخرجت منه أصوات هي مدرسة لأبناء اليوم ومازالت متعة الأسماع حتى اللحظة، برغم الازدحام الفني المرعب على الفضائيات.