مسرح العرائس يودع أهمَّ رواده
رحل منذ أيام الفنان أحمد جيجكلي أحد الأسماء الفنية الهامة التي عملت في أول فرقة مسرح عرائس في سورية عام 1960 حين أجرت وزارة الثقافة مسابقة لانتقاء لاعبي عرائس، فتقدم إليها عدد من الشباب الهواة وتم اختيار الأفضل منهم ليكونوا النواة الأولى لمسرح عرائس دمشق في حي المهاجرين بإدارة الفنان الراحل عبد اللطيف فتحي، حيث كان الهدف وقتئذ إمتاع الأطفال.
مسرح العرائس في سورية
عمل جيجكلي إلى جانب يوسف دهني، محمد عدنان اليغشي، محمود المعلم, تيريز أشقر, ياسين بقوش، نادرة ملص، انتصار شما، توفيق العشا، علي القاسم، فاطمة الزين، يوسف حرب، حيث قدموا عدداً كبيراً من المسرحيات المبنية على النصوص المحلية والمقتبسة بالاعتماد على أساليب جديدة ومتنوعة في تقنيات المسرح، منها عرائس القفاز والعصي والأقنعة والخيوط والدمى الكبيرة والمسرح الأسود الذي يعتمد على الأشعة فوق البنفسجية والمسرح الإيمائي، وكان جيجكلي شاهداً على هذا التنوع الذي تكتمل به وسائل التعبير في عروض مسرح العرائس السوري ليصبح مطلاً على أهم الاتجاهات المعاصرة في العالم ولاسيما بعد مساهمة خبراء من يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا، على رأسهم الخبيرة الرومانية دورينا تاناسيسكو عضو الشرف في الانيما والاتحاد الدولي للعرائس بإدخال كافة التقنيات الفنية على عروض مسرح العرائس السوري.
أصدر الراحل جيجكلي كتاباً بعنوان “مسرح العرائس في سورية” بيَّن فيه أن الأهمية الكبرى لمسرح العرائس تكمن في الدروس والعِبَر التي يتلقاها الأطفال وتصل قلوبهم وتوضع في ذاكرتهم، عن طريق الحكايات الجميلة والقصص المشوقة ذات الحوارات السهلة والأسلوب الجميل في العرض الذي يفهمه الطفل ويحبه، ويشير إلى أن مسرح العرائس أداة جيدة تسعد الأطفال وتثير خيالهم وتنشط حسهم الفني بألوانها وأغانيها وموسيقاها، كما ترسخ في نفوسهم بعض القيم الإنسانية، وهو النافذة التي يطل الطفل منها للتعرف على الحياة والوسيلة المثلى لإيصال الفرح والسعادة والمعرفة والفائدة المرجوة له.
وثَق جيجكلي في كتابه أسماء الرواد والمؤسسين في مسرح العرائس من كتّاب ومخرجين ومترجمين ومعدّي نصوص ومؤلفي موسيقا وأغاني ومصممي دمى وديكور وإكسسوار وعاملين فيه في مجال الإضاءة والصوت والعروض العرائسية التي قدمها مسرح العرائس منذ تأسيسه وحتى العام 2005.
لاعب عرائس
ويبيّن الفنان مأمون الفرخ الذي عاصر جيجكلي في مسرح العرائس أنه من الرواد الذين عملوا في مضمار مسرح العرائس منذ التأسيس كلاعب عرائس، وساهم في تطوير المنظومة الإدارية لهذا المسرح، وكونه خرّيج الأدب الإنكليزي ترجم العديد من النصوص المسرحية إلى اللغة العربية، ثم عمل جاهداً لتأليف كتاب عن مسرح العرائس في سورية منذ التأسيس، يُعتبر الآن مرجعاً لمسرح العرائس، مؤكداً الفرخ أن لجيجكلي وجيله من الرواد الفضل الكبير في تمهيد الطريق للأجيال للتعرف على هذا النوع من المسرح، فهو كان دائماً يلحُّ على احترام عقلية المتلقي الصغير وتقديم العروض التي ترتقي به، فقد كان يُؤْمِن بأن الطفل هو المستقبل، والارتقاء به هو الارتقاء بالمستقبل، وبيّن أنه بفقدانه خسرنا قامة كبيرة.
في حين أشار الفنان عبد السلام بدوي إلى أن الراحل أحمد جيجكلي هو من الجيل الثاني لمسرح العرائس، وهو فنان حقيقي لهذا الفن وقد حافظ على استمراره، فقدم كلَّ وقته وبذل جهده لاستمرار مسرح العرائس في بلدنا.
أمينة عباس