الرد العربي السوري في زمانه ومكانه
تعدّدت التصريحات، وتشابكت التعليقات، بعد تدمير الطائرة الصهيونية (ف16) يوم 10/2/2018 واصفة الحدث بالتاريخي حيناً وبالمتأخر عن زمانه ومكانه حيناً آخر! مع التأكيد على تغير قواعد الاشتباك في معادلة الصراع العربي الصهيوني.. غير أن القراءة المتأنية لتاريخ الصراع مع العدو، تؤكد أن الاشتباكات سبقت الإعلان الرسمي عن قيام الكيان عام 1948 مروراً بوقائع 1956 – وعدوان عام 1967، وحرب تشرين التحريرية عام 1973 واجتياح العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 ومواجهات الميدان في السلطان يعقوب على الأراضي اللبنانية، وطرد الاحتلال عام 2000 وتحرير الجنوب من رجسه في أشرف المواجهات وأشرس قتال بين المقاومة اوطنية اللبنانية والعدو الصهيوني، وصولاً الى معارك تموز 2006 التي سجلت فيها المقاومة أروع الانتصارات وأنبلها حيث سجلت فيها المقاومة في لبنان مدعومة بالجيش العربي السوري وإرهاصات محور المقاومة أروع الانتصارات وأنبلها حيث تكسرت قواعد المعادلة اللبنانية التي كانت سائدة منذ الاستقلال 1943 وهي أن لبنان قوي بضعفه لتسود بعد حرب تموز القاعدة الجديدة وهي أن لبنان قوي بشعبه وجيشه ومقاومته وتلاحمه مع سورية العربية.. ويأتي العدوان الصهيوني – الجوي الصاروخي ليؤكد استمرار معادلة الرد والردع العربية السورية في اللحظات الصائبة التي تحدد معالمها وتوجهاتها ونتائجها القيادة السياسية والعسكرية في سورية مؤكدة مصداقية قولتها المتكررة أن سورية هي التي تحدد شكل الاشتباك وتوقيته في معادلة الصراع مع العدو وفق توقيت دمشق وإرادتها وحساباتها الدقيقة وليس وفق تحديد العدو وتوقيته..
إن سورية التي يمثل جيشها هذه الأيام كما على الدوام إرادة الأمة العربية في الصمود والتصدي والتحدي هي ذاتها في حالتي الإرعاد أو الصحو لأن وجهتها على الدوام وبوصلتها القومية لا تتغير ولا تتحول قيد شعرة عن القضية المركزية للأمة العربية فلسطين..
فحيثما تتطابق حسابات القوة ومدخلاتها مع حسابات المواجهة في الميدان ومخرجاته في النصر وكسر شوكة العدو يكن الفعل الصدامي المدوي الذي شهد له وبه الأعداء سابقاً وراهناً والقادم أعظم!
فالجيش العربي السوري الذي دمر صواريخ العدو الصهيوني وهي في سماء الجنوب السوري وقبل أن تلامس وتدنس أهدافها على الأرض الحرام كما جعل من الطائرة المعادية (ف16) طعاماً للنار فوق الأراضي العربية المحتلة وأحال المجتمع الصهيوني الى جهنم من الرعب والقلق والخوف وراح يغلق أجواءه ويتزاحم مواطنوه على أبواب الملاجئ، إن هذا الجيش الذي زادته سنوات الحرب العظمى في مواجهة الإرهاب التكفيري الوهابي الرجعي العامل في خدمة العدو الصهيوني، لايمكن لهذا الجيش المدهش في استبساله إلا أن يكون في ذروة الجاهزية وفاء للمبادئ التي أقسم على الاستشهاد من أجلها وفي مقدمتها سيادة الوطن وحريته ووحدة ترابه ومواجهة أعدائه براً وبحراً وبراً، وبمختلف الوسائل والسبل. وتتعزز صلابة هذا الجيش وتتصلب عقائديته وجاهزيته بدعم الأشقاء والأصدقاء في محور المقاومة والتفاف الجماهير في الشارع القومي من المحيط الى الخليج حول بطولاته وتضحياته التي جعلت من سورية أمثولة في الفداء من أجل الكرامة وسيادة القرار الوطني والقومي. إن الراسخ والمستقر في المفهوم القومي أن الكيان الصهيوني نبت شيطاني في تربة الوطن العربي لابد من اجتثاثه واقتلاعه طال الزمن أم قصر، وأن قواعد الاشتباك معه هي رهن الإرادة العربية السورية المدعومة بشعبها وحلفائه ومحور المقاومة الصادقة في تلاحمها المكين ولهذا فعلى المتباكين والمتهافتين والمتسابقين على أعتاب العدو لشد أعصابه وإطالة عمره فوق الأراضي العربية الفلسطينية أن يبادروا ويتدبروا له مكاناً خارج الحرم القومي العربي لأن رهانهم على لعبة الزمن ومقولة:(الكبار يموتون والصغار ينسون) قد أثبتت فشلها الذريع بعد الانتفاضات الجسور التي بدأت بُعيد وعد بلفور مباشرة وتتواصل على مدار الساعة داعية لدولة فلسطينية كاملة السيادة وعودة اللاجئين الى بيوتهم التي مازالوا يحملون مفاتيحها في حيفا ويافا والقدس وصفد وغيرها من مواضع الروح والقلب والحلم في فلسطين من بحرها الى نهرها.
وكأني بالصواريخ التي جعلت من طائرة(ف16) حديث الساعة الإعلامية على امتداد العالم تردد مع الشاعر القومي العربي:
(قُل للمغير على مرابعنا كالسيل ينفذُ من هنا وهنا)
(إن لم يكن زمنٌ يوافقنا للثأر منكم نخلق الزمنا)
كذلك يخلق جيشنا قواعد الاشتباك مع العدو الغاصب الذي يستهدف أرضه وكرامة وطنه وحرمة استقلال إرادته.
د.صابر فلحوط