“أحزمة مشدودة”؟!
كمطلع كل عام تعود الحكومة من جديد لتذكّر وزاراتها ومؤسساتها بضرورة “شد الأحزمة” قليلاً علّ العدوى تنتقل إلى مواطنيها الذين لا يقل تبذيرهم خطورة عن هدر الجهات العامة بأشكاله المتعددة وفصوله التي جعلت من الموازنات العامة والمستقلة عرضة للتطاول ومد اليد لبنود غير مبررة ولأغراض يمكن الاستغناء عنها في زمن البحبوحة فكيف الحال في اقتصاد الحرب؟.
قد تكون المناسبة بدء عام مالي جديد يتطلب اتخاذ خطوات تتناسب مع حجم الاعتمادات المرصودة واستطاعة الملاءة المالية خلال العام الجديد ولكن هناك ما يشي باستفحال الصرفيات وتخصيص موازنات واعتمادات على قلتها في بعض الفواتير، إلا أنها إذا ما جمعت تتحول إلى نهر متعاظم يصعب التعامل معه إذا ما سلمنا أن قطاعات أخرى أولى وأهم من إنفاق في غير محله تحت عناوين مستلزمات العمل وأذونات سفر لا جدوى ولا قيمة مضافة منها إلا المنفعة الشخصية لمدير عام أو مسؤول أو موظف مدعوم بغطاء الولاءات والمحسوبات.
في مجال تشريع الأبواب على حيازات المؤسسات من الأموال والحسابات لا يمكن إطلاق اليد بصناديق المحاسبين حتى ولو كانت لأغراض قانونية ونظامية فالحرج المالي الذي تشعر الحكومة أنها بصدده يجعل عناصر التنبيه والتحذير الرسمي والوظيفي مطلوباً على مبدأ عدم “تعريض الابتسامة” بوجه المؤسسات التي تصدق فوراً وتلهت لفتح صنابير الخزائن التي يطمع فيها الكثيرون على أنها حق مكتسب أو لاعتبارات تتعلق بتصريحات السلطة النقدية والمصرفية المتكررة عن توفر السيولة ووجود الإعتمادات واكتناز القطع ومدخرات الذهب التي لم تمسها الأيدي كما يطمئن “المركزي دائماً”؟.
الجديد في بلاغات وتعليمات وإرشادات الحكومة حول ترشيد الإنفاق والاستهلاك الحكومي توقيف عنصر التدفئة المركزية في المؤسسات توفيراً للطاقة عدا “ذات الطابع الملحاح كالمستشفيات وشاكلتها، مع كلام عن إدراج بنود كانت لهذه الفترة تعد توجهاً حكومياً له مفاعيلة الإيجابية لجهة تأمين المطلب الأساس للشباب وهي فرصة العمل ليأتي التوجه بالتخفيف من عقود التوظيف والتعيين الموسمية التي باتت تؤرق الحكومة على كثرتها وتحول بعضها إلى شماعات وفساد ورشاوى على أكتاف الشريحة الأكثر استهدافا وهي أسر وذوي الشهداء الذين لهم الأولوية في التعيينات العامة وعقود الاستخدام.
هي فرصة لمراجعة الإنفاق ولاسيما الكمالي منه وهنا كان التشديد وعدم التساهل حتى في بنود ضيافة القهوة والشاي والشوكولا الفخمة التي تليق بأصحاب الفخامة وكذلك البروتوكول والقرطاسية والإعلانات والمهمات ومستلزمات أخرى “بطعمة وبلا طعمة”.. والأهم ماذا لو كلفت الأجهزة الرقابية والتفتيشية بمحاسبة متجاوزي التعليمات والتوجهات الترشيدية الأقرب للأخلاقية منها الوظيفية؟.
علي بلال قاسم