تحمل دلالات كبيرة.. أسماء وألقاب طريفة تُطلق على بعض شوارع ومناطق مدينة دمشق
من منا لا يعرف منطقة “أبو رمانة” التي تعتبر من أشهر مناطق دمشق، ويرجع سبب تسميتها بهذا الاسم نسبةً إلى ضريح يعود لأحد الأولياء المتواجدين في موضع جامع العدس في الطرف الشمالي بجوار حديقة المعري.. “أبو رمانة” أطلق الناس عليه هذا اللقب، وذلك لوجود شجرة رمان تظلل قبره، ومعظم الروايات المتعلقة بهذه التسمية، تشابهت في المضمون، ولكنها اختلفت في التفاصيل.
أهمية روحية وتاريخية ترتبط بالذاكرة الشعبية
الأهمية والرمزية الكبرى التي تمنحها الأسماء للأماكن التي تطلق عليها، تتمثل من قيمة ودلالات تلك الأسماء التي تُكنى بها شوارع وحارات وساحات دمشق، وإن دلت على شيء، فإنها تدل على أهمية الاسم التاريخية وحتى الشعبية التي تعطيه سحراً مختلفاً، فالاسم ليس مجرد لقب نطلقهُ، وليس مجرد رقم نعدهُ، بل من الضروري بمكان أن يحمل في جوهره معنى كبيراً.
ومن المؤكد أن الأسماء التي تطلق على المناطق والشوارع تمنحها كياناً روحانياً، وحتى جسدياً يرتبط بمن يسكن تلك المناطق، أو حتى من يزرها، فكل اسم يحمل قصة ترتبط، إمّا بالذاكرة الشعبية لأهل تلك المنطقة أو بحدث تاريخي ما.
ومن المستغرب أن الكثير من الناس يجهلون الأسباب الحقيقية لتسمية العديد من الساحات والشوارع، سواء كانت بأسمائها الحالية، أو سبب تغيير أو استبدالها بأسماء أخرى.
شارع يصل بين ساحة السبع بحرات، وبين بوابة الصالحية، حمل اسم “29 أيار”، سُمي بهذا الاسم بعد الجلاء في إشارة إلى الذكرى الأليمة للعدوان الفرنسي الغادر على حامية البرلمان في مدينة دمشق، والمجزرة المروعة التي ارتكبتها القوات الفرنسية آنذاك بحق حاميته.
أيضاً ساحة هي من أشهر ساحات مدينة دمشق، ساحة السبع بحرات التي أُنشئت عام 1925م، وأُطلِق عليها آنذاك ساحة الكابتن ديكاربانتري الذي كان قائد قوات حرس الهجّانة الفرنسية في سورية أيام الاحتلال الفرنسي، ولقي حتفه أثناء عمله، فأقامت له سلطات الاحتلال الفرنسي نُصباً تذكارياً مكوناً من قبة وسبع بحرات ضمن الساحة، وبعد جلاء القوات عن سورية هُدمت القبة، وأُبقي على اسم الساحة، وحالياً اسمها الرسمي ساحة التجريدة المغربية، ولكن الاسم الشائع والشعبي لها هو ساحة السبع بحرات.
تسميات طريفة
كل زقاق وحارة وشارع في مدينة دمشق يحمل في طياته أسرار عبور إلى ماض سحيق يمتد إلى آلاف السنين لمدينة تعد من أقدم مدن التاريخ المأهولة بالسكان، فلكل اسم حكاية ورواية، منها الطريف، ومنها الغريب، وهذا يرتبط بطبيعة الحال بخفة دم ودماثة وسرعة البديهة التي يتصف بها سكان مدينة دمشق، فمن أكثر الأسماء طرافة اسم يطلق على زقاق في إحدى حارات مدينة دمشق القديمة، ويدعى زقاق القرد بسبب ضيق مساحته، وكثرة التفرعات فيه، وحارة الورد التي سميت بهذا الاسم نسبة إلى حكر الورد الذي كان في موقعها، ورغم تبدل اسم هذا المكان عاد اليوم ليطلق عليها من جديد، إضافة إلى جناين الورد في منطقة القصاع، وجنينة النعناع في محلة التكية السليمانية التي كانت تسمى جنينة النكلة، وهو ثمن التذكرة للدخول إليها.
ومن الأماكن الأكثر شعبية في دمشق زقاق الجن الذي يلعب الخيال الدور الأكبر في تسميته، حيث يقال بأن سبب تسميته هو وجود الجن فيه، إضافة إلى العديد من المقاهي الشعبية الدمشقية التي تحمل أسماء غريبة وطريفة تتعلق بقصص جرت هناك كانت السبب وراء تسميتها بتلك الأسماء “كمقهى خبيني “في دمشق القديمة الذي، وحسب الروايات الشعبية، أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى الشباب الذين كانوا يختبئون فيه خوفاً من سوقهم إلى “الأخد عسكر” أيام الاحتلال العثماني، ومقهى التائبين الذين تابوا عن الشرب، ولعبة الورق، أو ما يعرف شعبياً “بالشدة”، ومن الأسماء الطريفة أيضاً مقهى “خود عليك”، في إشارة إلى الازدحام فيه، وهو مصطلح من مصطلحات اللهجة الشامية المحببة، حيث كان يقع في منطقة الشادروان، وبالطبع القائمة تطول ولا تنتهي عند اسم محدد، في دلالة واضحة على عراقة هذه المدينة وأصالتها.
وبالطبع هناك الكثير من الأسماء التي تطلق على شوارع فرعية لم يعرف السبب الحقيقي وراء تسميتها بتلك الأسماء، أو لمن تعود مرجعيتها، فعلى سبيل المثال وليس الحصر في إحدى حارات منطقة برزة، هناك اسم لشارع فرعي يسمى “نبيلة من نبيلات العرب” لا يعرف لمن يعود، ومن هي تلك النبيلة المفترضة؟!.
أسماء وألقاب بعضها رسمي، والبعض الآخر شعبي، ولكن الأهم أنها ترتبط بذاكرة مدينة وحياة وماضي شعب متأصّل في جذور مدينته، ومُحافظ على خصوصيتها، وسواء عرفنا سبب التسمية ولمن تعود، أم لم نعرف، يبقى الأمر يعطي طابع الخصوصية للمكان، مع أهمية البحث والاهتمام بتلك الأسماء والألقاب.
لينا عدره