“على مقام الصّبا والصَّبا”.. قصائد حبّ
“إلى كل من عرف الوجد.. ومن لم يعرفه.. ومن حُرمَه” هذه المفردات كانت إهداء الشاعرة والفنانة التشكيلية اللبنانية باسمة بطولي في ديوانها الذي خطت أحرفه صور الحب ولغاته “على مقام الصّبا والصَّبا” لتكون قصائدها أجمل هدية في عيد الحبّ ليس فقط للعشاق، وإنما لكل الذين يحاولون أن يعيشوا هذه السعادة بوقع الكلمات ونغماتها الموسيقية.
منذ اللحظة الأولى يشدّنا عنوان الديوان المستمد من مقام الصّبا الموسيقي المتسم بالروحانية والشفافية والعاطفة الحزينة في أبعاده، ومن الصَّبا إحدى مفردات الحبّ، وتستحوذ على تفكيرنا عناوين القصائد الموحية برومانسية ارتبطت بثنايا العطر وشوق النظرات، ومما زاد من جماليات الديوان اللوحات التي رسمتها الفنانة بطولي لحالات تعيشها الأنثى تعكس أجواء القصائد باللون الأزرق الذي يرمز إلى الحلم والسكينة والتأملات لتلتقي مع جمالية الوزن الشعري والجرس الموسيقي، وإن بدت مضامين القصائد متشابهة بلهفة اللقاء ومرارة الانتظار إلا أن كل قصيدة كانت أشبه بلوحة تشكيلية ترسم الشاعرة فضاءاتها بألوان ريشتها المصوّرة، ذاك المشهد التخيلي الذي ترسمه في خيال القارئ ليحيله إلى لقاء درامي واقعي يتراءى له في الحلم واليقظة.
ويبدو تأثرها بابن حزم الأندلسي واضحاً في قصيدة “روايتي”
“ياليت قلبي كان في حجم المدى/كي أحتويه كما السجين مؤبدا/بقول الأندلسي
وددتُ بأن القلب شقّ بمدية/وأدخلت فيه ثم أطبق في صدري”.
وتدخل بطولي عوالم الروحانيات بتوظيف رموز ومعاني الصوفية بمباشرة في صور جديدة لتغيير العاشق الذي غدا ملتزماً بحبها كما في قصيدة “بخور التراب”
“كافراً كان بالهوى يتسلى/إذ به في هواي صام وصلى”
ويبقى الوجد مشتعلاً في قلب العاشقة رغم اللقاء إيماءة إلى الديمومة والاستمرارية كما في قصيدة الوشم
“كما الوشم ليس يمحيه حتى/تحرق روحي إلى شفتيك”
ولم تبتعد الشاعرة عن أجواء الحزن وآلام الحبّ بقصيدة ممكن مستحيل
“أألهث خلف أبعادي الجميلة؟/أنا فرس المسافات الطويلة/صبرت على المساء فلا سُهى لم/يقدم لي أشعته النبيلة.
“على مقام الصّبا والصَّبا” للشاعرة باسمة صادر عن المؤسسة الحديثة للكتاب –بيروت- 2017.
ملده شويكاني