سوناتا أسعد.. عذوبة تبعثر الكستناء
منذ طفولتها وهي تتأمل الأشياء، وتشرد أمامها طويلاً مهما بدت عادية في عيون الآخرين، يلفت انتباهها كل شيء مهما كان صغيراً، وكما يقال لكل امرئ من اسمه نصيب، و”سوناتا” تحمل الكثير من اسمها فهي كمعزوفة صغيرة تطرب بكلماتها الرقيقة وعزفها العذب. ومؤخراً حازت الطفلة سوناتا أسعد على جائزة الشعر الأولى لسن ما بين 13-17 سنة، فقد اكتشف أهلها موهبتها الشعرية وشجعوها على تمكين هوايتها، وحول الجائزة ومواهب أخرى تمارسها قالت سوناتا:
منذ طفولتي الأولى اكتشف أهلي تأملي للأشياء، كلّ شيء يلفتُ انتباهي مهما كان صغيراً “نملة في الطريق، المطر، الشجر عاري الأوراق، ملامح الناس الحزينة والأطفال المتسوّلين، وأفكّر كم هي الحياة جميلة لو فهمناها أكثر، وتأمنّت لنا الفرص السعيدة لنحيا بحبّ مع بعضنا البعض. وشجّعني أهلي على القراءات الشعرية والأدبية لتنمية موهبتي فكتبت أول قصيدة صغيرة بعنوان “يقعون في فخّ من الليمون” وأنا في الصّف الثاني، أعجبتْ المحيطين بي حتى أنّ شاعراً هو صديق أبي وضعها ضمن مقطع شعري له ونشرها في صحيفة الوطن، وأهداني إيّاها، وهكذا بدأت أكتب الشعر وأعيد صياغته وأعرضه على أهلي فيصحّحون لي بعض الأشياء الطّفيفة، كون أبي شاعراً وأمّي مترجمة.
قاموسها الخاص
نوّعت سوناتا في قراءتها لتزيد من معرفتها ولتجمع قاموسها الخاص لتبدع في قصائدها، وعن قصيدتها التي شاركت بها في المسابقة قالت:
قرأتُ العديد من الروايات العالميّة لأنوّع معرفتي بكلّ جميل منها: جين إير، ومرتفعات ويذرنغ، وأساطير الحبّ والجمال عند اليونان، ورواية تاريخ الفلسفة واسمها “عالم صوفي” وكتبتُ عنها في مجلّة أسامة، إضافة لقراءة بعض أشعار نزار قباني ومحمود درويش ونازك الملائكة وأشعار أبي، فهو قد كتب عني ديواناً اسمه “سوناتا.. عذوبة تبعثر الكستناء”. تخطر لي الأفكار أحياناً وأنا خارج المنزل كأن تحرّك مشاعري ضحكة طفل أو منظر الثلج يغطّي الجبال أو منظر باص مزدحم، فأكتب بعض الأفكار على أوراق أحملها معي دائماً وحين عودتي إلى المنزل أعيد صياغتها بطريقةٍ شعريّة، فمثلاً قصيدتي “لوعة القمر” التي فزتُ بها بالمركز الأوّل عن الفئة العمريّة “13 ـ 17 سنة” في المسابقة الشعريّة السّنويّة التي أعلنت عنها وزارة الثقافة، مديريّة ثقافة الطفل ونشرت على موقع الوزارة وفي مجلة أسامة، فيها العديد من الرموز التي تعكس مكانة القمر، مثل انتظار الصبايا له ليفصّلن من جدائله أساورهنّ الفضيّة، والأطفال في برامج الأطفال التي أتابعها وهم يتخيّلونه قالباً من الجبنة سيلتهمون منه قسماً في أحلامهم، كذلك أتخيّل كيف ترقد العصافير غافية بأمان تحت حراسة نوره، هكذا تأتي الصور إلى مخيّلتي فأكتبها وأحوّلها إلى أشعار.
وتكتب سوناتا الشعر الحديث لأنّه بمعانيه اللطيفة يوصل الفكرة والصورة إلى القارئ بطريقة رمزيّة غير مباشرة، كما أنها تمتلك مواهب متعددة إضافة للشعر كالموسيقى والغناء والباليه والرسم وغيرها من الفنون، وعن الموهبة التي تميل إليها وتشعر أنها ستكمل فيها مستقبلاً تجيب:
أحبّ كلّ مواهبي بالتّأكيد، ولكنّني أميل إلى الموسيقا أكثر، فأنا طالبة سنة خامسة في معهد صلحي الوادي أعزف على آلة “الكمان” وفي سنتي الحاليّة تحوّلتُ إلى آلة “الفيولا” فهي من نفس العائلة، وأتدرّب على يد أساتذة كبار متخصّصين، كلّ مواهبي تحفّزني على متابعة دراستي بثقةٍ أكبر، فأنا الآن في الصّف التاسع وأسعى للتفوّق فيه وفي كلّ المجالات المتاحة، كما أسعى لنيل شهادات أكثر في الفنّ فهي حين تجتمع مع بعضها البعض تخلق جوّاً متكاملاً لنمو الشّخصيّة الصّحيح.
جوائز وتقديرات
وقد حصلت عاشقة الفنون على جوائز وتقديرات متعدّدة في مسابقات مختلفة فشكلت حافزاً لها، عنها تحدثت:
لقد حصلتُ على العديد من الجوائز الفنيّة في الرسم على مستوى المنظمات الإقليمية المتعاونة مع وزارة التربية، وفي الشعر على مستوى سورية، وفي العزف، وستنشر لي قصّة قريباً جدّاً في كتيّب صغير من إصدارات منشورات الطفل في وزارة الثقافة بعنوان “مخيّلة تتكلّم بصمتٍ لايُرى” لقد كانت الجوائز التّقديريّة، محفّزاً قويّاً لي في متابعة دراستي بتصميمٍ وثقة أعلى، وتحصيل هذه الشّهادات يحمّلني مسؤوليّة أكبر لأنّني لا أستطيع أن أرضى بالقليل بعد كلّ ذلك، فأنا إلى جانب دراستي العلمية سأسعى بقوّة لأكون عازفة مهمّة مستقبلاً، وكاتبة مهمّة أيضاً، وكما أوضحتُ سابقاً، الكتابة والشعر والموسيقى أشياء لا يُعلى عليها بالنسبة لي.
وختمت سوناتا قائلة: كلّ الشكر لكم لمتابعتكم إنجازات أطفال سورية الحبيبة في ظلّ هذه الحرب البشعة التي خرّبت أحلام الأطفال، وكل الشّكر لأهلي ووطني الغالي الذي أرجو في المستقبل أن أرفع اسمه عالياً في كلّ العالم.
جمان بركات