أوروبا لسحب البساط من تحت أقدامه.. الــدوري الأمريــكي للمحترفيــن بكــرة الســلة يفقــد مميزاتــه والقــادم أســوأ
يبدو أن قادم السنوات سيجعلنا أمام تغيير حقيقي في خارطة كرة السلة العالمية في ظل حدوث أمور لم تكن بالحسبان، فالدوري الأمريكي للمحترفين بكرة السلة (NBA) لم يعد القبلة الوحيدة للاعبي كرة السلة المميزين مع ظهور بطولات قوية في أوروبا، والهجرة العكسية التي تحصل نحوها.
بطولة الدوري الأمريكي التي تعاني من قلة النجوم، باتت تضم لاعبين من ست قارات، فلا يكاد يخلو فريق فيه عدد لا بأس به من اللاعبين الأجانب، الأمر الذي دق ناقوس الخطر، ودعا بعض خبراء اللعبة للتأكيد على أن كرة السلة الأمريكية، لا تختلف عن أية صناعة أخرى، ومن الصعب جداً العودة إلى المسار المهني الصحيح بعد السقوط أول مرة.
هجرة عكسية
مستكشفو المواهب الجامعية لصالح الـ NBA بدؤوا التنبيه لتأثير العمر على غياب المواهب، فلا يتمكن العديد من اللاعبين من اللعب في الدوري الأمريكي للمحترفين في سن الـ 19 إلّا إذا كان لاعباً مميزاً جداً، وحتّى الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و22 عاماً، لديهم فرصة ضئيلة بأن يتعاقدوا مع أحد الفرق الجيدة، بينما تكون الفرصة أفضل وأكبر على الساحة العالمية، أي أن الخبرة هي التي تساعد اللاعب على الانتقال إلى الـNBA ، وأفضل المواسم للاعب في مسيرته المهنية هي عادة من منتصف إلى أواخر عشرينيات عمره، عندما تكون مهاراته وإتقانه اللعبة في ازدياد، ولياقته البدنية لم تنخفض بعد، والمشكلة للفرق التي تحاول ملء قوائمها هي أن اللاعبين في تلك الفترة العمرية عادة ما يكونون مكلفين جداً، لذا تضطر الفرق ذات الميزانيات المنخفضة إلى التعاقد مع لاعبين بالقرب من بداية أو نهاية حياتهم المهنية، ولا تنطبق هذه المعادلة على اللاعبين الذين قضوا بضع سنوات باللعب خارجاً.
لكن لا ينجح كلّ اللاعبين الذين أتوا من الخارج في الـNBA لصعوبة مجاراة اللاعبين، والحفاظ على مستوى مرتفع من اللياقة البدنية، فعند استقدام لاعب مخضرم في الثلاثينيات من عمره مثلاً، يتقاضى أجراً قد يبلغ أحياناً خمسة أضعاف أجر لاعب في بداية مسيرته المهنية، ما يعني أن اللاعبين الشباب الذين يفتقرون إلى الخبرة، ستمر بضع سنوات، وربما يكون اللاعب قد غيّر فريقاً أو اثنين قبل أن يصل إلى المستوى المطلوب، وهنا يأتي السؤال، لما يدفع نادٍ ما للاعب شاب في سن العشرين ليتطور ويصقل مهاراته، بينما يمكنه التعاقد مع لاعب في الخامسة والعشرين بالمردود نفسه، مضافاً لذلك خبرة أكبر.
نقاط قوة
رغم القناعة بأن مستوى الدوري الأمريكي للمحترفين هو الأعلى في العالم، إلا أن الدوريات الأوروبية باتت تجتذب الكثير من اللاعبين الأمريكيين، فهذا الموسم وَقّعَ سبعة لاعبين من الـNBA مع أندية أوروبية، وهم ايكب أودوه (يوتا جاز)، وميلوس تيودوسيك ( كليبرز)، والخمسة الآخرون في منتصف العشرينيات، براندون بول (سبيرز)، ودانيال ثيس، وشين لاركن (سلتيكش)، وداريوس ميلر (بيليكانز)، ومايك جيمس (سانز)، وجميعهم يقدمون عروضاً جيدة حتى الآن في فرقهم الجديدة.
ويجمع الكل على وجود نقاط جذب في أوروبا، أهمها العقود المرتفعة، وكثرة الإعلانات والرعاية الجيدة، وحتى إنهم يدفعون ضرائب اللاعبين، وهي النقطة الأميز.
وعلى العكس من ذلك فإن الوضع في أمريكا يقوم على التعاقد بالأساس على الربح المستقبلي، فيما توقع الفرق الأوروبية مع لاعبين مراهقين، تطورهم، وترسلهم إلى الكليّات، وتقدم لهم ثقافة لعب إيجابية، تعتمد على اللعب الجماعي.
والآن من الصعوبة أن تنتقل هذه العدوى إلى الولايات المتحدة، فالشركات المتعاقدة مع الدوري بوضع مالي متأزم، ثمّ إن فرق الـNBA نفسها لن ترغب على الأرجح بدفع المال لتطوير المواهب في وقت تقوم جهة أخرى بذلك والحق يقال، ما يعني أن الدوري الأمريكي سيكون أفضل حالاً بارتباطه بكرة السلة الأوروبية.
تغيير الأسلوب
وبكل تأكيد فإن تأقلم اللاعبين الأمريكيين على نمط السلة الأوروبية سينهي أهم خصائص كرة السلة الأمريكية، فالطريقة الأوروبية تعتمد على سرعة اللعب، ودوران الكرة بين اللاعبين، معتمدين على قاعدة تقول بأنه من الأسهل الفوز عندما يتكاتف خمسة لاعبين من أن يقوم نجم واحد بكل شيء لوحده.
وبفضل لاعبين سابقين كبار أمثال أرفيداس سابونيس، أصبح لدى الدوري الأمريكي للمحترفين الآن لاعبان مثل مارك غازول وديرك نوفيتسكي، جاءا من خلفية لعب تقوم على تمرير الكرة والتسديد والدقة بغض النظر عن الطول والحجم.
وأخيراً، إذا ابتعدنا قليلاً عن أوروبا، هناك مشكلة إضافية تعاني منها الـNBA، فكما في عالم كرة القدم، تمثل سرقة الدوريات الرياضية الصينية للاعبين العالميين من دورياتهم موضة رائجة في كرة السلة أيضاً، وتتفاوت الآراء بين لاعبي الـNBA حول ذلك، فهناك من يراها تجربة جديدة ومهمة على الأقل مادياً، ومنهم من يرى أن اللعب خارج البلاد مرهق مهما كانت الفوائد.
سامر الخيّر