تحية إلى هيشون في ذكراه
لم يجد الفنان عيسى بعجانو اسما أكبر وأجمل من اسم ضيعته “هيشون” ليكون لكل لوحاته من اسمها نصيب.. هكذا أراد هذا المبدع أن يكون لقبه، فهيشون هو إله البحر ويقال أيضا إله الكائنات البرية الوحشية، ومن يتابع ما أنتجه هذا الجميل سيجد هذا المزج في لوحاته بين وسع ونقاء البحر وبدائية ووحشية “الهوايش” فهل أخذت تلك من هيشون إلهاً أم هي من أعطت إلهها اسمه.!
لم يكتف هيشون بممارسة الفن التشكيلي بل أجاد في كتابة القصة والشعر وله ثلاثة إصدارات (شلالو..لاقبر له) و(طائر هيشون) و(حديث التراب)، وقد لخص عمله في ثلاثة محاور: أولها العمق التاريخي الفني للإنسان بشكل عام، وثانيها الفن واكتشاف اللون والحوار، وثالثها المتلقي حيث كانت البساطة والسهولة أسلوبه لتقديم وجهة نظره حتى يستطيع المتلقي تكوين وجهة نظره الخاصة.
نقل هيشون بلونه وكلمته وأسلوبه البسيط الساحر البدائية بكل قساوتها إلى الحاضر وعرفنا على إرث ثقافي غريب وممتع، اختزل بشخصه أكثر من عشرة أشخاص، فهو يأكل ويشرب ويرقص ويجن ويغني ويركض ويبدع ويبكي، ومع ذلك نراه واحداً متوحداً في لوحاته، والفن والقصة والشعر نتاج كل هؤلاء الأشخاص بشخص واحد هو “هيشون” الذي لخص كل عمله الفني بأن لكل شيء (شكل وذاكرة) فالشكل قيمة بصرية وذاكرة الشكل هي كل القيم التي ينضح بها، وهي تظهر أيضا كقيمة بصرية.
واليوم كما عادته أراد مدير صالة هيشون الأستاذ أحمد موسى أن يحتفي بنا وباللون والضوء من خلال احتفائه بذكرى “هيشون” المبدع، حيث افتتح أمس المعرض التشكيلي بمشاركة 35 فناناً وبإدارة الأستاذ أحمد موسى، وجاء المعرض على شكل سوق فني أدبي راق عرض فيه كل فنان ما بجعبته الفنية احتراماً وإكراماً لروح الفنان عيسى بعجانو (هيشون)، وقد عمل صاحب صالة “هيشون” على جعل الاسم والمضمون حاضرين دائما من خلال “الكافيه” التي سماها باسمه وهي تجربة رائعة ومميزة وفريدة في مدينة البحر والحياة في اللاذقية.. فـ”الكافيه” هي معرض دائم على مدى أيام السنة ومتاحة للجميع أن يستمتعوا بإبداع أبناء بلدهم التشكيليين دون أن يحدهم الزمن من أي جهة كانت، فكل الشكر لجهود الأستاذ أحمد موسى الواضحة في تخليد علم من أعلام الفن التشكيلي في بلدي بخطوة لم يسبقه إليها أحد من أبناء جيله، والرحمة لروح الفنان عيسى بعجانو.. مبارك أنت يا عيسى يوم ولدت ويوم مت ويوم بعثت حيا) ولتبقى طائرتك يا هيشون في الأعالي ليراها الجميع.
لينا أحمد نبيعة