تلذذ مشبوه..!
لا يزال تعاطينا مع مسألة الوقت بوصفه عاملاً حاسماً لإنجاز أي مشروع- سواء أكان إنشائياً، أم تشريعياً، أم تعليمياً وثقافياً، أم غير ذلك- في دائرة الاستهتار، جاهلين أو متجاهلين دوره في الحدّ من الهدر، وتحقيق الجدوى المنشودة من هذه المشاريع، وكأن القصد منها هو التغني بها ولو بقيت مجرد حبر على ورق!.
لنتصور أن مشاريع قوانين (الاستثمار- العقود– الجمارك.. إلخ) تمّ إنجازها خلال فترة زمنية محددة، إضافة إلى إنجاز المشاريع الإنشائية المتوقفة كمجمع يلبغا مثلاً، وكذلك مشاريع القطاع الخاص أيضاً، كأبراج دمشق وغيرها من المتوقف نتيجة عدم التزام برنامج زمني واضح ومحدّد.. فعندها نكون قد ولجنا على أقل تقدير إلى المرحلة الأولى التنظيمية بالنسبة لمشاريع القوانين، وبتنا على أهبة الاستعداد للمرحلة التنفيذية، ونكون قد بدأنا بأولى خطوات الاستثمار الفعلية بالنسبة للمشاريع الإنشائية!.
كما أن هناك مشاريع لا تزال على الورق أضحت في خانة النسيان، وأغلب الظن أن مرد ذلك هو إخراجها من سياق التقيد ببرنامج زمني، كمشروع مترو أنفاق دمشق الذي خبا الحديث عنه نهائياً!.
وسبق أن أشرنا وأشار غيرنا وربما أسهب في أكثر من مناسبة بالحديث حول استثمار الوقت، لما له من انعكاسات جوهرية على صلب الجدوى الاقتصادية لمثل هذه المشاريع، ولكن على ما يبدو ثمة إصرار على تلذذ مشبوه بأن يقطعنا سيف الوقت بدل أن نقطعه؛ مما يشي بشكل أو بآخر بوجود مرتكبين مستفيدين من إبقاء الوضع على ما هو عليه!.
ما يجب التحذير منه ونحن على أبواب إعمار مرتقب، أن يصاب هذا الإعمار بداء الاستهتار بالوقت، فعندها سيكون التشويه هو العنوان العريض لبعض مشاريع الإعمار وربما أغلبها على اعتبار أنها قد تتعرض تحت ضغط التسليم لحالة من التسارع في الإنجاز على حساب الجودة، نتيجة عدم التزام برنامج زمني محدد منذ البداية، أو قد تأخذ أضعاف المدة المحددة للإنجاز والتسليم؛ مما يعني مزيداً من الهدر وربما السرقات أيضاً!.
ألا يجدر بنا الوصول إلى حالة من الاستفزاز ونحن نشاهد عبر وسائل الإعلام العالمية المتخصصة بالبرامج الوثائقية وهي تعرض سباق الشركات الإنشائية مع الوقت، لإنجاز مشاريع عملاقة يتم تسليمها أحياناً قبل الوقت المتفق عليه، في مشهد يختصر مدى قوة إرادة الإنسان المقترنة بالإدارة الحكيمة البعيدة كل البعد عن الفساد وشبهاته!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com