“تقريب المسافات”
من المؤكد أن مؤتمرات الشعب الحزبية والنقابية السنوية تعد محطات مهمة لتقييم الأداء، والغوص في التفاصيل ودقائق الأمور بكثير من الشفافية والجرأة؛ بهدف تعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات وصولاً إلى حالة مثالية في آلية التعاطي مع مختلف جوانب الحياة، وبالتالي تمكين المؤسسات الحزبية من القيام بدورها التشاركي وتنفيذ مهامها على أكمل وجه كداعم ورافع للعملية الإنتاجية والتنموية خاصة في هذه المرحلة العصيبة التي تستدعي تكاتف كل الجهود وتضافرها لتجاوز وإزالة كل الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب الإرهابية الظالمة على جميع الصعد.
وفي الواقع يمكننا القول إن مشهد مؤتمرات هذا العام يختلف إلى حد بعيد عن أجواء المؤتمرات السابقة من ناحية الجدية والجرأة في تشخيص الواقع، وغنى الطروحات والنقاشات والمطالب والتوصيات التي ركزت بمجملها على الواقع الخدمي والمعيشي، وعلى العديد من القضايا الفكرية والسياسية والتنموية والاقتصادية التي تنم عن وعي وحس وطني عالٍ ربما صقلته تجارب سنوات الحرب الإرهابية السبع، وهو ما أكسب المؤتمرات الحالية أهمية استثنائية وبين حجم انخراطها الفعلي في الحياة العامة، ومدى تأثيرها في القرار التنفيذي ولاسيما أن المؤسسة الحزبية وذراعها النقابية تمثلان فعلياً نبض الشارع ومختلف شرائح المجتمع، والجزء الأكبر من العمل الإداري والوظيفي في مختلف مؤسسات الدولة.
ولأن هذه المؤتمرات تزيل كل الحواجز وتقرب المسافات بين المواطن والمسؤول وتسهم في تعميق ثقافة العمل الجماعي والتشاركي، وتهدف إلى تلبية احتياجات المواطنين ورغباتهم لا بد من اعتماد صيغ عمل مشتركة ناجعة لضمان نجاح عمل هذه المؤسسات الحزبية والنقابية، وتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية والثقافية والفكرية لتكون مؤثرة وفاعلة وشريكة أساسية في عملية بناء الفرد والمجتمع بناء صحيحاً وقوياً لمواجهة كل التحديات والمخاطر التي تواجه وطننا.
وبعيداً عن التنظير نجد أن مسؤولية تطوير العمل الحزبي ضرورة ملحة وحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى، وبما يظهر حيوية الحزب وتجدده ودوره الريادي في قيادة المجتمع نحو التطور والنهوض، وهو ما يجب انتهاجه وتكريسه خلال هذه المرحلة ومستقبلاً عبر خطوات مدروسة وبرامج هادفة، وأن تكون الطروحات والمطالَب مقبولة ومحقة وليست تعجيزية وذات نفع عام، بعيداً عن الشخصنة والمصالح والمنافع الفردية والآنيّة لضمان تنفيذها وعدم تدويرها وتكرارها وترحيلها إلى المؤتمرات السنوية القادمة (وكأنك يا أبا زيد ما غزيت).
ويمكن القول بل التأكيد أن الكثير من المشكلات والصعوبات بالإمكان تجاوزها وإيجاد الحلول الفورية لها من دون الحاجة إلى انتظار موعد عقد المؤتمرات السنوية فيما لو كرسنا ثقافة العمل الجماعي والمؤسساتي للمصلحة العامة، فهل نفعل؟!
معن الغادري