موسكو: الغرب يشن حملة أكاذيب مسعـــورة حول أحداث الغوطـــة
حذّر مساعد سكرتير مجلس الأمن الروسي لشؤون الأمن الدولي، ألكسندر فينيديكتوف، من أن هناك خطراً من احتمال استخدام الإرهابيين المواد السامة في الغوطة واتهام الحكومة السورية، بهدف اتخاذ واشنطن وحلفائها هذا الأمر ذريعة للعدوان على سورية، فيما انتقد سفير روسيا في الأردن بوريس بولوتين ازدواجية المعايير التي ينتهجها الغرب حيال الوضع في سورية، مشيراً إلى تصاعد حملة الأكاذيب المسعورة التي تستهدف روسيا والحكومة السورية بشأن الغوطة الشرقية، بينما يتمّ تجاهل الأوضاع المأساوية في مدينة الرقة والمناطق الأخرى التي تنتشر فيها قوات أميركية.
وقال فينيديكتوف، في تصريح لوكالة سبوتنيك، “إن عودة الاستقرار والسلام إلى سورية يعيقها التدخل الخارجي المستمر بالأزمة في سورية”، مشيراً بهذا الصدد إلى “وجود 20 قاعدة عسكرية أميركية شمال شرق سورية”، وأشار إلى أن الإرهابيين في سورية انتقلوا من العمليات القتالية واسعة النطاق إلى تكتيك حرب العصابات، مبيناً أن تنظيم “داعش” الإرهابي تلقى خسائر كبيرة على الأرض السورية.
وأشار فينيديكتوف إلى أن “الحكومة السورية تبلغ باستمرار عن العثور على مواد سامة في المناطق التي تحرّرها من الإرهابيين، وهي مستمرة في التعاون مع منظمة حظر السلاح الكيميائي، بعد أن تم تدمير ما تمتلكه من مواد كيميائية تحت رقابة المنظمة”.
وأكد أنه مع الأخذ بعين الاعتبار تجربتنا فيما يتعلق بخان شيخون العام الماضي، وما تبعه من عدوان أميركي على قاعدة للقوات الجوية السورية، فإن مجلس الأمن الروسي يرى وبشكل منطقي أن هناك خطراً من احتمال استخدام الإرهابيين المواد السامة في الغوطة واتهام الحكومة السورية، بهدف اتخاذ واشنطن وحلفائها هذا الأمر ذريعة للعدوان على سورية. وقامت الولايات المتحدة فجر السابع من نيسان العام الماضي بارتكاب عدوان سافر استهدف قاعدة الشعيرات في المنطقة الوسطى ما أدى إلى ارتقاء شهداء ووقوع عدد من الجرحى وإحداث أضرار مادية كبيرة، وذلك بعد مزاعم أميركا وحلفائها باستخدام الحكومة السورية الأسلحة الكيميائية في خان شيخون.
وفي الأردن، قال سفير روسيا بوريس بولوتين، في مقابلة مع وكالة سبوتنيك: “نحن نشهد من جديد حملة إعلامية شرسة ضد روسيا والحكومة السورية فيما يتعلّق بأحداث الغوطة الشرقية، ونرى محاولات البعض نشر صور قديمة لقتلى وجرحى من الأرشيف والادعاء بأنها من الغوطة، أو تلفيق أكاذيب حول استخدام السلاح الكيميائي، وكلها أخبار مزيفة وملفقة مصدرها ما يدعى “الخوذ البيضاء”، وأضاف: إن بعض وسائل الإعلام العربية والغربية تتعمّد تجاهل الواقع بأن المشكلة الرئيسية في الغوطة الشرقية هي وجود تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والمجموعات المرتبطة به.
وتابع السفير الروسي: “إن حملة الأكاذيب الشرسة هذه يرافقها تجاهل كامل للأوضاع الإنسانية في المناطق التي توجد فيها القوات الأميركية وحلفاؤها كمدينة الرقة، التي تمّ تدميرها فعلياً، ويمكن اعتبار الأوضاع الإنسانية فيها كارثية”، ولفت إلى امتلاك روسيا معلومات عن تدريب مجموعات مسلحة في منطقة التنف، وقال: “هناك احتمال كبير بأن يكون بينهم إرهابيون فرّوا من الرقة”.
وكانت وزارة الدفاع الروسية كشفت في تشرين الثاني الماضي نقلاً عن مدنيين فرّوا من منطقة التنف أن جنوداً أمريكيين عمدوا إلى إقامة مخيم قرب قاعدة الركبان لإيواء الجماعات الإرهابية وقطاع الطرق الفارين من شرق القلمون والقريتين والبادية السورية، وأشاروا إلى أن الجنود الأمريكيين يقومون باستئجار وتمويل المجموعات الإرهابية في المنطقة عبر التفاوض المباشر مع المتزعمين الميدانيين بمبالغ مالية متفاوتة لتنفيذ أجنداتهم ومخططاتهم.
الحكومة السورية تملك حقاً سيادياً في حماية مواطنيها
وفي موسكو، أكد عدد من المحللين والخبراء السياسيين الروس أن الحكومة السورية تملك حقاً سيادياً في حماية مواطنيها من الاعتداءات الإرهابية، ووضع حد للقذائف التي تطلقها التنظيمات الإرهابية الموجودة في الغوطة الشرقية على العاصمة دمشق، وكذلك الاعتداءات الإرهابية المدعومة أمريكياً على المناطق السورية الأخرى، وأشاروا، خلال مؤتمر صحفي، إلى وجوب تطبيق قرار مجلس الأمن 2401 بصورة كاملة في جميع الأراضي السورية، مشددين على أن التهدئة التي ينصّ عليها هذا القرار لا تشمل التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” وجبهة النصرة والقاعدة وجميع المجموعات المرتبطة بها. وأوضح المحلل السياسي والسفير السابق أندريه باكلانوف أن هناك “ضرورة لإلحاق الهزيمة بأولئك الإرهابيين القابعين في الغوطة الشرقية وطردهم من هناك وتحرير المنطقة بالكامل منهم”، مشيراً إلى أن الاقتراحات السورية والروسية بشأن الجوانب الإنسانية واقعية تماماً فيما يخص فتح ممرات إنسانية لمدة خمس ساعات يومياً لإخراج السكان المدنيين من الغوطة، ولفت إلى أنه ينبغي التفكير بمعاناة السوريين بشكل عام، الذين تعبوا من هذه الحرب الإرهابية التي تشن على بلدهم، ويجب طرد الإرهابيين، بمن فيهم الإرهابيون الأجانب الذين أتوا من الخارج، وتحرير البلد بالكامل والبدء بعملية إعادة إعماره، مبيناً أن الشعب السوري أظهر صموده وبسالته في الحرب ضد الإرهاب كما أظهر مقدرته على البناء.
من جانبه، قال رئيس الجمعية الروسية للصداقة والتعاون مع الشعوب العربية، فيتشسلاف ماتوزوف: إن “الأمريكيين حاولوا أن يقتصر قرار مجلس الأمن 2401 على الجوانب الإنسانية فقط، ولكن هذا أمر غير جائز، لأن هناك قوى إرهابية في الغوطة الشرقية يجب على الحكومة السورية وحلفائها مواجهتها والقضاء عليها طبقاً لقرارات مجلس الأمن وللالتزامات الأمريكية المعلنة بضرورة مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل جبهة النصرة والقوى المتعاونة معها، وهذا حق سيادي للدولة السورية في ضرب كل الإرهابيين”، ولفت إلى أن الغوطة الشرقية تحوّلت إلى مقر للتنظيمات الإرهابية، التي تطلق القذائف بشكل يومي على العاصمة دمشق وسكانها الآمنين، وهذا ما لا يمكن لأي دولة في العالم السكوت عنه، ولذلك فإن قرار الحكومة السورية بإنهاء الوجود الإرهابي في الغوطة الشرقية هو قرار صائب.
من جانبه اعتبر نائب رئيس مركز التحليلات والتنبؤات السياسية، ألكسندر كوزنيتسوف، أن الولايات المتحدة تضع العراقيل أمام محاولات إنقاذ أهالي الغوطة الشرقية في ظل تفاقم الأوضاع فيها، وتوجّه التهم لروسيا والحكومة السورية باستخدام العنف، فيما تقوم الحكومة السورية في الحقيقة بإعادة الأمن والاستقرار على أراضيها، حيث يعمل الإرهابيون منذ سنوات على تصعيد وتيرة اعتداءاتهم على أحياء دمشق ولم يسلم المدنيون في العاصمة من القصف اليومي الذي تقوم به المجموعات الإرهابية من الغوطة الشرقية، وأشار إلى أن الدول الغربية ووسائل إعلامها مستمرة في نشر المزاعم عن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الحكومة السورية، وهذا ما يدل على أن هناك محاولات متعمدة لتأجيج الوضع، حيث كان ينظر إلى الغوطة الشرقية منذ البداية كمنطقة مخصصة للتصعيد من أجل عرقلة العملية السياسية في سورية.
الغرب يتجاهل قصف الإرهابيين لدمشق
وفي براغ، أكد المحلل السياسي التشيكي ميلان فوديتشكا أن وسائل الإعلام الغربية تقدم رواية أحادية الجانب عما يجري في الغوطة وتتجاهل قصف الإرهابيين لدمشق واحتجازهم للمدنيين كدروع بشرية، وأشار، في مقال له بصحيفة ملادا فرونتا دنيس، إلى أن الأمور في الغوطة تجري بشكل مختلف عمّا يتمّ تقديمه في وسائل الإعلام الغربية، موضحاً أن وسائل الإعلام هذه تتجاهل نشر صور الإرهابيين المتطرفين في الغوطة رغم أن عددهم بالآلاف، وأضاف: “إن المجموعات الإرهابية تقتل المدنيين في دمشق بالصواريخ وقذائف الهاون وبزرع المتفجرات في السيارات، أما أثناء الحديث عن الضحايا فإن وسائل الإعلام الغربية تستخدم عبارة ويقال: إنه قتل في حين لا تشكّك بالمعطيات التي تأتي من الغوطة مع أن الجهات التي تصدر عنها غير معروفة وتأتي من مناطق يسيطر عليها الإرهابيون المتطرفون”.
واشنطن تسعى إلى الحفاظ على هيمنتها على العالم
وفي واشنطن، أكدت الكاتبة الاسترالية كيتيلين جونستون أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم الأكاذيب والدعاية بهدف منع سورية من القضاء على الإرهابيين واستعادة الأمن والاستقرار، وأشارت، في مقال نشره موقع مينت برس نيوز الأميركي، إلى أن أعمال القتل والدمار التي نراها اليوم في سورية هي نتيجة مباشرة لحملة زعزعة الاستقرار المتعمدة والمستمرة من قبل دول إمبراطوريات الغرب، مؤكدة أن الولايات المتحدة هي من بدأت الحرب على سورية، وتستخدم الآن الأكاذيب والدعاية من أجل الحصول على الدعم لاستخدام قوة عسكرية إضافية بهدف منع سورية وحلفائها من استعادة الاستقرار. وسبق للولايات المتحدة أن أقرت على لسان العديد من مسؤوليها بتحالفها وشراكتها مع التنظيمات الإرهابية في سورية على اختلاف تسمياتها، حيث أعلنت أكثر من مرة عن برامج تدريب وتسليح ودعم لها تحت مسمى “معارضة معتدلة”، والتي تبين فيما بعد أنها توجهت بشكل شبه كامل إلى تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة، بينما ذكرت شبكة سي. إن. إن الأمريكية الأسبوع الماضي أن أسلحة واشنطن المرسلة إلى التنظيمات الإرهابية تعرض للبيع عبر مواقع الكترونية تابعة للإرهابيين على شبكة الانترنت.
وشددت الكاتبة على أن دعاة التدخل في سورية تحت ذرائع إنسانية هم أنفسهم يدعون إلى مزيد من القتل والتدمير من أجل السيطرة على ثروات المنطقة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى الحفاظ على هيمنتها على العالم من خلال إبقاء الدول الأخرى في مرتبة أدنى، وأوضحت أن التدخلات التي قادتها الولايات المتحدة بهدف تغيير أنظمة الدول جعلت الأمور تزداد سوءاً دائماً، حيث تتسبب بالمزيد من الموت والمعاناة للأبرياء، موضحة أن آلة الحرب الغربية لها تاريخ واسع من استخدام الأكاذيب والإعلام الكاذب والدعاية لتصنيع الدعم للتدخلات العسكرية المربحة.
وكان موقع غلوبال ريسيرتش الكندي كشف الشهر الماضي أن واشنطن تهدف من مخططها إلى الإبقاء على بؤر لتنظيم “داعش” الإرهابي شمال شرق سورية لتبرير وجودها غير المشروع في تلك المنطقة، مؤكداً أن الولايات المتحدة لم تهتم بمسألة مكافحة الإرهاب كما اهتمت بالأهداف الاستراتيجية والجيوسياسية لها في سورية. وقالت جونستون: “مما لا شك فيه أن الغرب يكذب علينا بشأن سورية اليوم، وإن النتيجة العادلة الوحيدة في هذه الأزمة هي السماح للحكومة السورية باستعادة الاستقرار في المنطقة والتخلص من الأضرار التي تسبب بها الغرب”.