استباحة مال الدولة
لطالما مننت الفعاليات الاقتصادية النفس على مزيد من الكرم الحكومي المتجدد المتعلق بملف الديون”العتيقة والجديدة” المستحقة عليهم، وما يعزز هذه الآمال عدم ممانعة رئاسة الوزراء بالسير في هذا الطريق على نية الأخذ باليد وليس ضربها، بالتوازي مع استمرار العمل بوقف الملاحقات والإجراءات التنفيذية بحق المقترضين لحين النظر بحالاتهم كل على حدة.
قد يكون التوجه معهوداً ضمن الخط الذي مشت فيه الدولة منذ زمن في تحصيل حقوقها على مبدأ التحفيز والإغراء والجذب وليس التطفيش الذي لن يجلب فرنكاً واحداً إن حصل، ولكن الغصة التي تنتاب المتابع لأضابير التجار والصناعيين وأصحاب المنشآت تتجلى بحجم التملص والتهرب تحت أي ذريعة، المهم هو كسب الوقت طمعاً بمراهنات مشبوهة أقلها سلسلة الإعفاءات وعمليات شطب الغرامات والفوائد، وهذه وحدها تؤمن فائدة متعاظمة تصنف في قائمة المرابح المحققة، وليس أكثرها استغلال حالة التضخم وتراجع قيمة الليرة في سوق الصرف في زمن عجت فيه جعجعة الأسعار التي لن تعود لسابق عهدها كما ألف السوريون.
عبر عقود وفي غفلة من نوم الإدارات على عسل الفساد ضرب “المتعاملون” الكبار ضربتهم وسحبوا قروضاً دسمة، ومضى الزمن على إيقاع الهريبة والفرار من الالتزام، ومن بقي راح يدس “النفاق” في صحن الحكومة التي لطالما لعقت الخيبة والكذب، إلا ممن استجاب لدعوات إعادة الجدولة للقروض المسحوبة وعلى قلتهم، إلا أن الخطاب الإعلامي لسدة القرار المصرفي كان يصب في إظهار الوجه الإيجابي بأن المبادرين كثر ؟!
المعاناة والوجع من قضايا القروض الضائعة شكل هماً للحكومة الذي يعني إقفال الملف هزيمة لها ومزيداً من الطمع “بحرام” الدولة الذي أصبح “حلالاً”، واليوم يتفتق الجرح على شريحة أكلت البيضة والتقشيرة في زمن الرخاء لتأكل لحم البلد وترمي عظمه في زنقة البلاء. هي مفارقة من يدعي “الوطنية “؛ أمواله وتجارته طارت خارج الحدود، إلا ممن يستحقون رفع القبعة لنشاطهم وخساراتهم المشهوده.
ليس سراً التاريخ الذي قدمه شيوخ كار الصناعة والتجارة في الملمات عندما انبرى تجار “شوام” و”حلبيون” وآخرون لتحمل نفقات إطعام الجيش العربي السوري أيام حرب الاستنزاف، وتصدوا لدعوات الإضراب في حروب أخرى، أما اليوم نسأل أين أمثال هؤلاء.. ؟
وهل يستأهل من لم يقدم أي بادرة حسن نية في ديون الدولة علية أي جدولة ومزيد من الوقت الإضافي لكبار مكلفين لا يقارنون بصغار مفروض عليهم التحصيل حتى بعد مماتهم؟
علي بلال قاسم