“عملقة” مؤسساتنا العامة..!؟
ليس صحيحاً، ويحتمل القبول دائماً، ذلك المبرر العامي “كل تأخيرة فيها خِيرة”، الذي نلجأ إليه حين يغيب أو يُغَيَّب عن بالنا اتخاذ القرار الصائب في الوقت والمكان المناسبين معاً.
ليس حين نتعاطى مع العمل الاقتصادي والتجاري على مستوى دولة، وفي أسواق داخلية وخارجية تحكمها علاقات ومعادلات، “الأسرع” فيها قراراً، الأكثر فيها حضوراً ومماشاة -على الأقل – مع المستجدات التي تحكم قطاع المال والأعمال؛ فكيف وإن كان التأخر ناجماً عن عدم وجود مبادرة “مبدعة” من المعنيين، بحجة وجود موانع قانونية، طالما كنا نقاربها من زاوية “المُنزل”..!؟
ففي الليلة الظلماء التي طاولتها الأزمة المركبة، التي تمر بها سورية، وتمطَّت على صدر اقتصادنا الوطني، وجب فعل الكثير وغير المسبوق، ولعل أوله إعتاق عدد من مؤسساتنا التجارية الحكومية وحتى الصناعية من شرنقة الأنظمة البيروقراطية التي كبلتها ردحاً من الزمن، فحالتها إلى جسد ينازع، في الوقت الذي كان بإمكاننا بعث روح جديدة فيه، عوضاً عن التسليم بحالة سباته وعلاجه بإبقائه في غرفة “العناية المشددة”..!
اليوم على ما يبدو هبط “الوحي” الوزاري، ليعلن وعلى لسان الوزير الغربي عن شروق شمس المؤسسة العامة لتجارة المعادن ومواد البناء، المختصر تسميتها بـ” عمران “، لتكون رقماً صعباً في ملعبها، ولتكون التاجر “نبر..ون” في “بزنس” الاستيراد والتصدير.
وعلى نغمة المثل القائل: “لكل وقت أذان “فقد آن الأوان لعمران لتأخذ دورها، خاصة ونحن مقبلون على مرحلة مفصلية عنوانها إعادة الإعمار وفقاً للوزير.
والبداية كانت بإدخال أول تعديلات على قانون إحداثها منذ نحو 47 عاماً؛ تعديلات – حسب وزير تجارتنا الداخلية- ستمكنها من المنافسة بشكل فعلي، ما يمكنها من أن تكون عملاقاً اقتصادياً قادماً.
لن نعير بالاً في هذا السياق لـ”كسر خاطر” هيئة المنافسة ومنع الاحتكار، المُنحَّاة جانباً حالياً..!؟ وإنما سنلفت عناية المُعدِّلين لمهام عمران الجديدة، إلى ضرورة تمكينها ليس فقط على الصعيد السوق المحلية، بل الخارجية أيضاً عبر السماح لها – مثلاً- من إجراء عقود آجلة، وما دام المراد لها أن تكون عملاقاً اقتصادياً، ونحن نشد على يدها ويد من يريد لها هذه العملقة، فإننا نرى أهمية أن تتنوع نشاطاتها التجارية وجبهات عملها، وألاَّ تقتصر على قطاعها فقط، ولاسيما أنها عملت مثلاً في مجال المتاجرة بالسلع الغذائية وغير الغذائية.
أما الأهم فيما نأمله من تعديلات فهو تمكينها بتضمينها القدرة على الإدارة بآلية وعقلية القطاع الخاص، والمحاسبة على النتائج وليس على الإجراءات؛ فالغاية “العنب “لا “قتل “الناطور، كما كان دأبنا سابقاً..!
أما المحاذير التي يجب أن تكون خرزة بأذن عمران فأهمها النأي بنفسها عن وصمة “السمسرة” التي كانت، والتي لن نشير لوقائعها في حضرة مساع محفزة كهذه، نرى واجب التصفيق لها تشجيعاً وتقديراً، خاصة بعد أن طال انتظارنا لها رغم أننا طالبنا بها هنا تحت عنوان “تجار حكوميون..”، فقد حان وقت “عملقة” مؤسساتنا الحكومية.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com